الجزائر
اجتماع لمجلس الوزراء كل أسبوعين

بداية عودة الروح لمؤسسات الدولة

محمد مسلم
  • 4796
  • 12
ح.م

بدأت الروح تعود تدريجيا إلى مؤسسات الدولة التي كانت مشلولة في عهد الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، وأولى هذه المؤسسات، مؤسسة الجهاز التنفيذي ومختلف دوائره وعلى رأسها رئاسة الجمهورية والوزارة الأولى.

ففي ظرف نحو شهر ونصف فقط، ترأس الرئيس عبد المجيد تبون، ثلاثة اجتماعات لمجلس الوزراء، كان آخرها الذي انعقد أمس، بقصر المرادية، الذي تحول على مدار نحو عشرية من الزمن، إلى مجرد هيكل من دون روح، لأن الرئيس السابق، انزوى، بفعل المرض، في إقامة الدولة بزرالدة غرب العاصمة، بعيدا عن الأنظار.

اجتماع الأمس خصص لدراسة ملفات تتعلق بكل من قطاعات، التربية الوطنية، التكوين والتعليم المهنيين، المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة، فضلا عن إشكالية أمن الطرقات، وسبل دفع وتيرة التنمية المحلية..

 خلال العهدة الرابعة للرئيس السابق، انحصر عدد اجتماعات مجلس الوزراء في اجتماع واحد فقط يؤخر إلى نهاية السنة، وكان يخصص للتوقيع على قانون المالية، وهي حالة قاهرة، ما يعني أنه لولا هذا القانون الذي تتوقف الدولة في حال عدم التوقيع عليه، لما انعقد مجلس الوزراء أصلا.

والغريب في الأمر أنه وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهها ناشطون سياسيون وإعلاميون لهذه الممارسة المشينة، التي وضعت مؤسسات الدولة رهينة بين أيدي رئيس مريض مقعد على كرسي متحرك، إلا أن محيطه لم يأبه بها وحاول الدفع به كمرشح للعهدة الخامسة، غير آبه بتذمر ملايين الجزائريين من استمرار ذلك الوضع.

عودة الحياة لمؤسسات الدولة مع انتخاب رئيس جديد للبلاد، سوف لن يعيد الحياة فقط لمؤسسة الجهاز التنفيذي، بل لكل المؤسسات التي كانت شبه ميتة، لكن الأهم في كل ذلك، هو إشعار الجميع بأن الدولة لا تزال قائمة وتؤدي دورها كما يجب.

تعتبر فترة حكم الرئيس السابق واحدة من أسوأ فترات الحكم في الجزائر من حيث تفشي أمراض الدول مثل الرشوة والفساد والمحسوبية والجهوية.. غير أن الفترة التي مرض فيها وغاب عن المشهد بشكل مثير، تعتبر الأسوأ خلال العشرين سنة الأخيرة، لأن الذين في نفوسهم مرض وقفوا على غياب الحارس الأول على المال العام والمدافع على مصالح الشعب، فأمنوا من خوف الدولة فعبثوا بمقدراتها ونهبوا أموالها وتركوها أطلالا، ولو مرت العهدة الخامسة لكان الحال أسوأ بكثير.

لذلك، فأفضل رسالة يمكن أن يتلقفها أي مسؤول وحتى أي مواطن، بعودة الحياة لمؤسسات الدولة وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة، هو الشعور بأن الدولة استعادت جبروتها وعنفوانها، ومن ثم القدرة على ردع كل من تسول له نفسه الإضرار بمصالح الشعب، أو التلاعب بالمال العام.

خلال المرحلة السابقة، لم يأمن المسؤولون الصغار من بطش الدولة وهم يعبثون بمؤسسات الدولة ويتلاعبون بالمال العام، إلا بعد أن وقفوا على تحول بعض كبار المسؤولين إلى مجرد أدوات لتسهيل الممارسات المدمرة لنسيج الدولة، مستغلين غياب المسؤول الأول عليها.. فهل ستنهي عودة القطار إلى السكة ممارسات العهد السابق؟

مقالات ذات صلة