العالم
الصهيوني الفرنسي يزور مصراتة في توقيت حساس

برنار ليفي في مهمة دمويّة سريّة بليبيا!

الشروق أونلاين
  • 16174
  • 41
الشروق أونلاين

في “مهمة حربية سريّة”، يحلّ اليوم الصهيوني الفرنسي، برنار ليفي، بمدينة مصراتة غرب ليبيا، ودوره بكل تأكيد لن يخرج عن تأجيج الاقتتال الداخلي بين الإخوة الفرقاء، فهي الحرفة الوحيدة التي يتقنها على مسرح الأحداث العربية والدولية، كونه مجرّد أداة وظيفية في يد الدوائر الصهيونية العالميّة، فهو خادمها بإخلاص، عن قناعة وعن طمع.

ليفي الذي كان عرّابًا للفتنة في المنطقة العربية، نجح في أن يشكل انطباعاً للمخدوعين فيه بأنّ “الثورات العربية ما كان لها أن تقوم، لولا أنه شخصياً كان خلفها مشجعاً ومخططاً وقائداً”، وهذا وحده كاف للتشكيك في خلفيات وتطورات ونتائج ما حدث في الإقليم العربي منذ نهاية 2010، بغض النظر عن حقوق الشعوب المشروعة في الحرية والكرامة والعدالة.

هذا الصهيوني المرتبط بخدمة الأجندة الإسرائيلية، كان قد أرّخ أواخر 2011 في كتابه “الحرب من دون أن نحبها.. يوميات كاتب في قلب الربيع العربي”، لحيثيات الصراع الليبي وكواليسه ومجرياته، بحكم أنه كان شاهد عيان، عايش فصوله وساهم في تغذيته بالرصاص والقذائف والدم، بعد ما ادّعى الانتصار لحرية الليبيين ضد سلطة معمر القذافي، مُخفيًا مهامه الحقيقية في التهيئة لمشروع تفكيك ليبيا وتقسيمها.

اليوم، وفي غضون المساعي الإقليمية والدولية التي تُبذل للوصول إلى تسوية دبلوماسية وسياسية للأزمة الليبية المتفاقمة، ها هو عرّاب الدم الصهيوني يُطلّ برأس الفتنة، ما يثبت استمرار مخطط التعفين بالمنطقة كلها، فهو ليس في الواقع سوى “سفير غير معلن” لمشاريع دولية وإقليمية، لا يزال سعيُها حثيثا لتنفيذ أجندة تقسيم الوحدة الترابية لليبيا وتلغيم المنطقة لاستهداف باقي أركانها، وفي المقدمة منها قلعة الجزائر التي ظلت عصيّة عليها.

توقيت الزيارة السريّة لبرنار ليفي إلى مصراتة يطرح تساؤلات موضوعية، تؤكد المهمة الخطيرة لهذا المجرم الحربي الذي يحمل لقب الفيلسوف المفكر، فهي تأتي أيامًا قليلة بعد اتفاق رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ونظيره الفرنسي أمانويل ماكرون، عبر مكالمة هاتفية، “على مواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين كفاعلين أساسيين في المنطقة، وإطلاق عدد من المبادرات الرامية إلى ترقية الحلول السياسية للأزمات السائدة هناك”.

كما أنها تعقب تصريح الرئيس عبد المجيد تبون في حوار لجريدة “لوبينيون” الفرنسية، بتجديد استعداد الجزائر لاستضافة محادثات تحت رعاية الأمم المتحدة، حيث أكد “ضرورة العمل على خارطة طريق جديدة، تؤدي إلى انتخابات هادئة في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات، تحت إشراف الأمم المتحدة وحكومة انتقالية تنبثق عن إجماع وطني”، كما أبرز الرئيس تبّون خلال نفس الحوار أن الجزائر وتونس ومصر، هي الأكثر قدرة على مساعدة ليبيا للعودة إلى طريق السلام.

وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد قرّر مع نظيره عبد المجيد تبون، الاثنين الماضي، “تكثيف التشاور الدائم لتسهيل إحلال السلم والأمن في هذا البلد الشقيق، في إطار حل سياسي يضمن وحدة ليبيا الترابية وسيادتها الوطنية”.

وبدوره، جدد وزير الشؤون الخارجية، صبري بوقادوم، السبت الفائت، رفض الجزائر لأي تدخل أجنبي في ليبيا، مشيرا في ذات الوقت إلى أن كافة الأطراف الليبية تطالب “بتدخل الجزائر واستكمال جهودها في إطار حل الأزمة الليبية”.

كل هذه المعطيات تثير علامات استفهام كبيرة حول مجيء برنار ليفي إلى غرب ليبيا في هذا التوقيت، فهل ترتبط مأموريته بخلط الأوراق وعرقلة الجهود السلمية فوق الميدان بالسعي للعودة إلى المربع الأول؟
الكثير من الدلائل تؤكد ذلك، فقد كتب الصحفي جوناثان فنتون هارفي مقالا له بموقع ميدل إيست آي البريطاني، تحت عنوان “أزمة ليبيا.. كيف تحبط فرنسا السلام؟”، قال فيه: “بعد الفشل الذي مني به هجوم اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، وسيطرة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا على الأوضاع، بات المشهد مهيأ لمحادثات سلام جديدة من زوايا مختلفة، تصر فرنسا على إتباع نهج أحادي يلغي منافسيها ويجعل منها القوة الوسيطة المهيمنة في ليبيا، متجاهلة بذلك الحاجة الملحة لتوحيد صف مختلف الفرقاء الدوليين لحل الصراع الليبي”.

وهو ما جعل مجلة لوبوان الفرنسية تقول إنّ “سياسة فرنسا في ليبيا وصلت إلى طريق مسدود ومصداقيتها الدبلوماسية تضررت ومصالحها تأثرت، لأن أمراء الحرب المحليين الذين تراهن عليهم أصبحوا مهمشين”.
وتأتي هذه التطورات في أعقاب إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخرا أن “تدخّل بلاده عسكريا في ليبيا بات يحظى بـشرعية دولية”، ودعا قواته للاستعداد للقيام بمهام محتملة في الخارج، كما دعا لتسليح القبائل الليبية.

وبذلك يتأكد أن برنار ليفي بزيارته لمصراتة في هذه الظروف، إنما جاء ليواصل مهمته الدموية التي اضطلع بها طيلة عقود من نشاطه على الساحة العربية والإسلامية والدولية، حيث صار يتنّقل فيها كما يشاء، حتى ارتبط اسمه في السنوات الأخيرة بالأحداث في مصر وليبيا والسودان والعراق وأمكنة أخرى، وهو المعروف بصلته مع أمراء “داعش”، وانحيازه لإسرائيل، قبل أن تُشهره الصهيونية العالمية بصفته “فيلسوفاً ومفكراً يسارياً”، فيما هو في الواقع “يميني صهيوني” متعصّب لإسرائيل على صعيد المواقف والممارسة السياسية، تكفّل بالترويج لرواية الهولوكوست تحت شعار “حريات الشعوب”.

مقالات ذات صلة