بعد البالة والشيفون.. جزائريون يشترون ملابسهم بالكيلو

الفاقة قاب قوسين أو أدنى من أي إنسان في زمن كورونا.. ومن كان في الأمس القريب في ميسرة، صار اليوم لا تطأ قدمه عتبة الباب من كثرة الدائنين… ديون متراكمة، خاصة عند البقال والجزار وبائع الخضروات.. ومن كان في هذا الوضع لا يكترث لشكله وملابسه كلها من الشيفون والبالة.. يجرنا هذا الحديث إلى موضة جديدة، تسللت في جنح النهار، واحتلت الدكاكين التي هجرها تجارها، وهي بيع الملابس بالميزان.

من خلال تجوالنا في العاصمة، لفت انتباهنا تهافت الناس على دكان لبيع الملابس، حسبته “يصولدي”، أو دكان شيفون، أتى بسلعة جديدة، غير أنه كان يقدم تصورا جديدا في التجارة، “البيع بالكيلو”… وحين سألته عن الأسعار، قال لي: “بالميزان”، أي يمكنك أن تختار ما تريد وتزن ما حملته يدك… وفيما أنا أحدثه، أعطته شابة كاملة التأنق كومة من الملابس ليزنها، وكانت فرحة كثيرا بكومتها. وضعها البائع في الميزان، وصاح: “ثلاثمائة ألف”.. كان وزنها يفوق الكيلو، بها أكثر من خمس قطع جديدة. زادنا الفضول فضولا، فسألتها: “هل هذه الملابس جديدة؟ فرمقتني بنظرة استهجان: “طبعا جديدة.. هذا ليس شيفونا أو بالة”.

كلامها كان صحيحا، إذ تحمل كل الملابس ماركتها “ڤريفة”، التي تعطيك كل المعلومات عن اسم الماركة والمقاس وكيفية غسلها.. تقريبا، الماركات غير معروفة، أو هي ماركات لمحلات كبيرة، مثل زارا وآينش أند أم، ولكن في بعض الأحيان يمكن من لديها حظ عجيب أن تجد ماركات، مثل نارسيسو رودريغز أو موشينو أو جيمي شو، ماركة الأحذية العالمية، البعيدة عن متناول “الزوالية”.

كبرياء بالميزان

الأحذية في محل كبير في درڤانة، تعامل بطريقة مختلفة، فكيلو من النعال يساوي 3500 دينار، أي قد يعود الحذاء بحسب الوزن طبعا بنصف هذا المبلغ. فكلما خف وزن الحذاء، خف ثمنه أيضا. كل ما هو قماش يباع هاهنا، حتى فوطة الحمام متوفرة بألف دينار للكيلو.

لأول وهلة، يهولك رواح ومجيء الزبائن على الملابس المكدسة، على طريقة الملابس المستعملة. والسبب، كثرتها.. فهي جديدة. نعم، ولكنها في الواقع بقايا ما تفرغه المساحات الكبرى، مثل “ليدل” و” ألدي” في ألمانيا وإسبانيا وفرنسا.. وإن كان السعر مغريا، فالرائحة التي تعبق المكان ليست كذلك، فهي تشبه خزانة قديمة لم توضع بين رفوفها الخزامى.

ولكن، لا يبدو من انشغال الناس باختيار ما يليق بهم، أن الرائحة ستثنيهم عن الشراء… فالناس في هذا المكان الفسيح يمشون بكبرياء. فهذا ليس محل شيفون مهترئا، بل صفقة تجارية مربحة لكل الأطراف.

ميزان أونلاين

بيع الملابس بالكيلو، تدعم أيضا بمواقع التواصل الاجتماعي. فهناك العديد من الصفحات العامة والخاصة حول البيع بالكيلو. وقد شكل الباعة أو القائمون على هذه الصفحات مجموعات خاصة، يجب التسجيل فيها، لكي تحظى بالقبول. تصفح الفايسبوك يكشف لك مدى انتشار هذه التجارة الجديدة في الولايات الأخرى، مثل سطيف وبرج بوعريريج وبومرداس وغيرها.

قد تنتشر هذه الموضة أكثر وأكثر، وقد تختفي كما ظهرت، أو يستبدلها الجزائريون بطريقة أخرى ترضي جيوبهم وكبرياءهم.