الجزائر
مختصون وخبراء يؤكدون أنّه بات خيارا لا بديل عنه

بعد نصف عام من توقف الدراسة.. التعليم عن بعد مغيّب بالجزائر

وهيبة سليماني
  • 8303
  • 9
الشروق أونلاين

‎‫‫بات أمل انتهاء أزمة كورونا مستحيلا في ظل حالة الغموض الذي يشوب جوانب كثيرة من الحياة، خاصة مع تأجيل الدخول المدرسي والتذبذب في اتخاذ قرارات تحت ضغط الظرف الاستثنائي، مما يطرح تساؤلا مشروعا من قبل بعض الخبراء والمختصين في قطاع التعليم، يتعلق بضرورة وحتمية التعليم عن بعد وجعله بديلا عن التعليم الحضوري في المدارس؟”.

‫وفِي المقابل، يؤكد بعضهم على ضرورة إطلاق نداء إلى شركات المعلوماتية، والفاعلين في المجال التكنولوجي الأجانب والجزائريين لتقديم الحلول والوسائل لبدء سباق مع الزمن وتجسيد التعليم عن بعد ولو بنسبة 20 بالمائة كضرورة لابد منها.

 التعليم عن بعد يتطلب تحسين تدفق الإنترنت وتجنّد الجميع

‎‫”هل التعليم الحضوري جيد في كل الأحوال، وهل حقق التساوي والعدل في الفرص بين جميع مناطق البلاد؟”، هكذا يبدأ عضو مجلس الأمة، ممثل لجنة التربية والشؤون الدينية، الأستاذ عبد الكريم قريشي، تعليقه على آفاق التعليم عن بعد في الجزائر، حيث يرى بأن الأمر لن يختلف عن التعليم الحضوري، كون هذا الأخير لم يعط ثماره، ويحتاج إلى الكثير من الإصلاحات.

‎‫وقال قريشي، إن التعليم في الجزائر لم يمنح فرصا متساوية للجميع وفي كل المستويات، ولم يكن موزعا بشكل عادل عبر الوطن، كما أنه ظل ناقصا لا يؤدي دوره بالكامل، معتبرا أن التعليم عن بعد لا بد منه، رغم كل النقائص ورغم أنه لا يزال بعيدا عن التحقيق.

‎‫وتفاءل النائب قريشي، بمستقبل التعليم عن بعد في الجامعة، وهذا بناء على الانطلاقة الحسنة لهذا القطاع، من خلال نشر المحاضرات، والتواصل مع بعض الأساتذة، ولكن يبقى التعليم في المدارس بحاجة إلى وقفة متينة ومشاركة الكثير من الأطراف بما فيها الأسرة، إلا أن النقائص المتعلقة بطرق التواصل والانترنت، وتدفقها، وعدم تمكن الكثير من العائلات من الحصول على هواتف ذكية وإدخال الانترنت إلى بيوتها، جراء الفقر والحاجة، كلها تقف حاجزا أمام تحقيق التعليم عن بعد.

‫التعليم عن بعد بات حتمية وحلا كليا

‫قال خبير المعلوماتية يونس قرار، إن التعليم عن بعد بات حلا كليا، ويستدعي نجاحه طرح كل الجوانب البيداغوجية والتقنية والتنظيمية، واستدراك نقائص البنية التحتية التي يمكن من خلالها تحقيق التعليم عن بعد عبر منصات الكترونية والربط ما بين المدارس والثانويات.

ونظرًا للتأخر المسجل، فيما يخص التحضير لهذا التعليم، أكد خبير المعلوماتية، يونس قرار، أنه يتعين على وزارة التعليم الاستعانة بخبرة الفاعلين في المجال وشركات الرقمنة، متوقعا تطوّر أزمة فيروس كورونا، بتسجيل موجة ثانية قريبا، في حين تنتشر تساؤلات عديدة عن موعد الدخول المدرسي الرسمي وحالة التذبذب في القرارات، بينما تكتفي تصريحات رسمية حسب قرار بالقول “لا نلعب بمصير أولادنا”.

والمصير في رأيه، لا تحققه حلول سحرية، لأنه في حال عودة موجة أخرى لكورونا “لن نذهب إلى المدرسة، وستكون سنة دراسية بيضاء، وإن لجأت وزارة التعليم للحلول الترقيعية، فلن تزيد إلا الارتباك والتشويش والقلق لدى التلاميذ.

وقال قرار إن من حسن حظ الطلبة والتلاميذ، أن الحجر الصحي المفروض للوقاية من كورونا بدأ في السداسي الأخير للعام الدراسي، وعلى الوزارة الوصية أن تدخل في سباق مع الزمن لتلحق بركب البلدان الأخرى التي حضرت منذ سنوات للتعليم عن بعد، وجعلته حلا تكميليا للتعليم الحضوري، من خلال التواصل مع الأستاذ.

وأوضح خبير التكنولوجيا، أنّ تحقيق نسبة ما بين 10 إلى 20 بالمائة كتغطية للتعليم عن بعد كبداية من الآن يمكن أن يكون توجها نحو الاعتماد عليه 100بالمائة خلال سنوات قليلة.

لا بد من تزويد المدارس بالإنترنت وفتح منصات التعليم الالكتروني

ودعا المتحدث الحكومة إلى الاعتماد رسميا، منذ الآن، على التعليم عن بعد ليس كحل لمواجهة الظرف الاستثنائي لكورونا، بل كضرورة تحتّمها علينا الرقمنة ومستجدات العالم.

ويناشد المختص رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لتزويد المدارس بالإنترنت، مع مباشرة تكوين الأساتذة في هذا المجال، في أقرب الآجال، وذلك لمعرفة المحتوى الرقمي وكيفية التحكم التقني في الوسائل الحديثة، وتوجيه دعوى للخبراء والمختصين في التكنولوجيا والرقمية، لطرح برامجهم وطرق فتح منصات التعليم الالكتروني، سواء كان هؤلاء الخبراء أجانب أم جزائريين في الخارج أو داخل التراب الوطني وفِي الجنوب كما في الشمال، على أن تعطى أيضا فرصة للشركات المستثمرة في السبورات الالكترونية، لما لها من ميزة إلقاء الدروس بتقنية الوسائط المتعددة “ميلتي ميديا”.

الجزائر غير مؤهلة  الان للتعليم عن بعد

قال خبير المعلوماتية، الدكتور عثمان عبد اللوش، إن التعليم عن بعد لديه مزايا وعيوب ويتطلب أرضية رقمية وشبكة عنكبوتية وحواسيب معاصرة إضافة إلى تدفق الانترنت المقبول على الأقل وبدون انقطاع، على مستوى كل القطر الجزائري، بالإضافة إلى صيانة الشبكة بشكل دوري واحترافي.

ويرى المتحدث  أن الظرف الحالي، غير مناسب للانطلاق مباشرة في التعليم عن بعد، لأن شبكة الانترنت وأجهزة الحاسوب غير متوفرة في كل المدارس والمنازل، فهذا في اعتقاده يعتبر عائقا كبيرا أمام اعتماده أو تعميمه.

ودعا عبد اللوش إلى ضرورة أخذ العبرة من أخطاء الماضي في تخطيط البرامج المستقبلية، فقد كانت لنا، حسبه، تجربة في 2004، تمثلت في برنامج “أسرتك”، وهي عبارة عن حاسوب لكل عائلة مربوط بالإنترنت ذات التدفق العالي، وقيل وقتها أنه قبل 2006 سيتم استفادة 10 ملايين عائلة جزائرية، وكان المشروع تحت إشراف وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، لكن لم ير له اثر بعد 16 سنة ولا أحد يتحدث عنه”.

مقالات ذات صلة