بلدنا يشهد عملية انقلابية مدبر لها من الإدارة الأمريكية… وهذا دليلنا
يتهم سفير فنزويلا بالجزائر خوسي دوخيسوس روخو ريس، الإدارة الأمريكية بتنفيذ عملية انقلابية تستهدف الرئيس نيكولا مادورو، ويشرح في هذا الحوار مع الشروق بمكتبه، الظروف التي مرت بها الأزمة التي تعيشها فنزويلا، بإشراف أمريكي – حسبه -، ويتحدث كذلك عن السيناريوهات الموضوعة حاليا من طرف واشنطن للإطاحة بمادورو. ويدين السفير خوسي دوخيسوس روخو ريس، موقف المملكة المغربية الداعم لرئس المعارضة غوايدو الذي نصب نفسه رئيسا مؤقتا في البلاد.
ماذا يحدث في فنزويلا كيف وصلت الأمور إلى هذه المرحلة الحساسة لدرجة إعلان رئيس البرلمان نفسه رئيسيا مؤقتا للبلاد ومطالبته بعزل الرئيس مادورو؟
ما يحدث بصفة دقيقة، هو عملية انقلابية مدبر لها من واشنطن، كل هذا عبارة عن إستراتيجية يقوم بها البيت الأبيض الذي يقوم بضغوط على المعارضة وعلى رئيس البرلمان كيف يعلن نفسه رئيسا للبلاد، مستندا بطريقة خاطئة على البند 233 من دستور البلاد، هي قراءة مغلوطة من البند 233 من دستورنا، وهي نفس القراءة التي استند عليها الانقلابيون سابقا ضد الرئيس هيغو تشافيز سنة 2002.
يعوض الرئيس حسب البند 233 في حالة غياب تام لرئيس الجمهورية، والغياب التام أو القصور التام، أو حصول الوفاة، أو حالة الاستقالة.
في 2002 لما احتُجز تشافيز تحججت المعارضة أنه قدم استقالته، وقاموا بتعيين رئيس لم يعمر طويلا، الحالة الثالثة عبر خلع الرئيس، بقرار من المحكمة العليا، وهذا يكون بقرار من المحكمة العليا في حالة قصور جسمي أو عقلي للرئيس، ولا يكون هذا إلا بتشكيل لجنة محلفة من الأطباء تقرها المحكمة العليا، ويقر هذا القرار البرلمان، في 2001 أرادوا حبك هذا السيناريو في حق الرئيس تشافيز.
حجج المعارضة التشكيك وإعادة النظر في نتائج الانتخابات السابقة، والتي فاز بها مادورو، بـ78% ، نحن لم نسمع قبل هذه الفترة هذه الضغوطات، وأن هنالك شرخا في الانتخابات وشغورا رئاسيا، الآن فقط نستمع لهذه التفسيرات القانونية، وهي عبارة عن نتيجة ضغوطات أمريكية.
تحرك المعارضة، ليس نقضا لمؤسسات الجمهورية فقط، بل لكافة مؤسسات الجمهورية هم ينكرون المحكمة العليا ووكلاء الجمهورية، وينتقدون كل من سهر على الانتخابات، وجميع القوى الانتخابية الممثلة في الشعب، وأيضا مؤسسة حماية الشعب وحماية الانتخابات، يزعمون أن السلطة الشرعية فقط هي البرلمان، وينكرون المؤسسات الشرعية.
ونحن نتساءل هل هذه تقنية جديدة في العملية الانقلابية؟ خاصة وأن أمريكا معروفة بماضيها في القرن العشرين أنها تقف وراء العشرات من العمليات الانقلابية في هذه البقعة الجغرافية.
أمريكا ألزمت غوايدو أن يعترف بنفسه رئيسا، ووعدته بتقديم كل الدعم اللازم له، أريد تقديم لمحة عن النمطية الانتخابية، فالانتخابات الرئاسية التي دعا إليها المجلس التأسيسي المنتخب من طرف الشعب دعا إليها رئيس الجمهورية، والرئيس له صلاحية الدعوة إلى إقامة مجلس تأسيسي، وبلغت نسبة المشاركة 46 بالمئة، وحصل أنصار تشافيز على 18 مقاطعة من أصل 23، في ذلك الحال كان على المعارضة، أن تعترف بأنها أقلية.
والآن المعارضة تنتقد نتائج الانتخابات وتشكك فيها، بل تطالب الرئيس بالرحيل، نؤكد أنه رغم المحاولات الرئيس مادورو لا يزال يدعو للحوار، وجلست الحكومة إلى طاولة الحوار مع المعارضة، واتفقوا بندا بندا ونقطة نقطة وربما على 100 نقطة، ولما وصلنا إلى التوقيع على الاتفاقيات الملزمة للطرفين، رئيس المفاوضات من المعارضة البرلماني خوليو بورخيس، تلقى مكالمة من نائب الرئيس الأمريكي الذي كان متواجدا في العاصمة الكولومبية بوغوتا، يطلب منه الانسحاب من التوقيع، لقد اتصل به نائب الرئيس والرئيس السابق لكولومبيا في آخر دقيقة.
أحد وسائل الضغط كذلك هي الضغط على الجيش، لقد كان الجيش ضحية ضغوط كبيرة جدا، من طرف أطراف خارجية معروفة، لكي ينزع الشرعية ودعمه للرئيس، ولكن ما شهدانه وقوف قادة الجيش مع الرئيس، قلبا وقالبا ورأينا أكثر من ذلك، دعما شعبيا للرئيس، كل يوم عشرات المسيرات المؤيدة لرئيس في جميع المدن الفنزويلية، هذا يثبت القاعدة الشعبية الكبيرة للرئيس.
لكن تحرك المعارضة وجد بيئة خصبة، نقصد الوضع العام في البلاد، التضخم وصل إلى مستوى مروع، أسعار السلع تتضاعف كل 19 يوم بالمعدل، الناتج المحلي في تدهور، يعاني الفنزويليون من الجوع، ففي استطلاع سنوي لظروف المعيشة (Enconvi 2017)، قال 8 من كل 10 استطلعت آراؤهم بأنهم يتناولون كميات أقل من الطعام وذلك لشح الغداء، كما قال 6 من كل 10 إنهم يأوون الى النوم وهم جياع لعدم قدرتهم على شراء الطعام.
الحقيقة لا أعرف المؤسسة التي نشرت هذه الإحصائيات، وأنا رجل اقتصاد وتعاملت مع مؤسسات بحثية في مجال الاقتصاد، نعم فنزويلا حاليا ضحية لسقوط الاقتصاد وركود اقتصاد، وسقوط الناتج المحلي الخام، وتدهور الوضع المعيشي، ولكن يجب أن نعرف إن هذا ليس له تفسير اقتصادي فقط، هل من بلد بترولي لم يكن ضحية لهذا الركود الاقتصادي الحاد، ولكن وراء هذه التفسيرات الاقتصادية الموضوعية، هنالك تفسيرات اقتصادية وسياسية مخفية، فنزويلا تتعرض لعملية قرصنة الاقتصاد، مواردنا المالية تتحكم أمريكا في مسارها البنكي، وأموالنا تكدسها أمريكا ولا نصل إليها، كما لا يمكننا القيام بعمليات استثمار في الانتاج البترولي الذي انخفض كثيرا، وانخفض أكثر من 50 بالمئة، هنالك عمليات ضغوطات وكبيرة لتركيع الدولة.
إضافة إلى ذلك فإننا نرى أن عملية الحصار الاقتصادي بدأت منذ 5 سنوات بعوامل خفية، ترامب منع المواطنين الأمريكيين من شراء أو بيع سندات مالية بترولية في الولايات المتحدة الأمريكية، 75 بالمائة ممن يشترون هذه السندات هم أمريكيون، فقد وضع ضغوطات عليهم حتى لا يشتروها.
يجب معرفة أن شركة بترولية في الولايات المتحدة الأمريكية فنزويلية تمول 14 ألف محطة بنزين وهذا البنزين من البترول الفنزويلي، وهو قام بمنع ايصال تلك الإرباح إلى البلد الأصل، وتحكم في رأس مالها، كما أن نائب الرئيس الأمريكي التقى بكبار مسؤولي الشركة وأعطى لهم قرارات وأوامر، وهذا يُعتبر خرقا لسيادة الدول.
كما قام ترامب بالاستحواذ على أرباح الشركة، وهو 20 مليار دولار، وقيمته الدولة الأمريكية بـ7 ملايير فقط، حتى تسرق الباقي.
هذه الضغوطات المباشرة ركعت اقتصادنا، وبعدها الضغط على الرئيس وإجباره على التنحي، ومن تأثيرات الضغوط على فنزويلا، أن البلد أصبح ذا مستوى عال من المخاطر، ونسبة الفوائد على القروض ممن يستثمرون عالية جدا، وهذا الأمر الذي تحدث عنه السفير الأمريكي السابق في فنزويلا ويليام براون فيلد أن المبرر الذي تبحثه أمريكا هو الآتي “شركة بترول فنزويلا هي الشركة الوحيدة التي تعطي مداخيل بترولية والأموال للشعب الفنزويلي، فإذا قررنا عقوبات على هذه الشركة فإننا نمنع الشعب من أموال كبيرة، والشعب يعاني نقص الغذاء والدواء، وإذا استمر هذا الوضع سنصل إلى الركود الاقتصادي”، هذا يدل على أن هدف أمريكا منذ سنوات هو محاربة اقتصاد فنزويلا، نفس المنطق اعتمد سابقا مع الشيلي.
ماهي السيناريوهات التي تضعونها في الحسبان تحريض الجيش أو جلب قوات أجنبية أمريكية رغم أن جون بولتون – مستشار الأمن القومي – نفى وجود تدخل قريب وكولومبيا نقلت عددا من عسكرييها إلى الحدود الاعتماد عل الاغتيالات؟
ترامب قال إن كل الاحتمالات واردة، هدفهم المعلن سابقا والمعروف حاليا تركيع الاقتصاد وسقوط الرئيس مادورو، التقارير لا تتحدث بأن لمادورو قاعدة شعبية كبيرة، التلاحم الكبير والقاعدة التشافية لم يكن مستواها كما هو حاصل حاليا، الجيش الآن أكثر صلابة وتلاحما في الجيش، لقد ولى عهد التهديدات.
لما نرى جون بولتون في ورقته التي تحوي المخطط الأمريكي، وجب التأكيد أن المخطط لا يشمل 5 آلاف جندي فقط، ولكن 5 آلاف مجموعة عسكرية.
هو لم يعلم أن ما قاله في الملاحظات كان ظاهرا في الورقة التي كان يحملها قبل أيام، لقد قام بتغيير وضعية الورقة ليراها الجميع، كان له قصور في الذكاء.
لقد بدؤوا بطريقة الضغوطات لخلق الخوف لدينا، قاموا بسن قانون العفو حتى يقوم الجنود بنزع الثقة، هذه القرارات ليس لديها صدى.
إن صلابة مادورو وصلابة الجيش تستند لقاعدة صلبة وهي الدستور، وقال للمجتمع الدولي ساعدوني في عملية الحوار التي أقوم بها مع المعارضة، لكن المعارضة ليست جسما واحدا ولكن منقسمة ومتعددة هي فسيفساء من عدة أحزاب وأقطاب، مع التأكيد أن لا شخصية من العارضة تحوز الأغلبية.
إن كبرى أحزاب المعارضة وهي الحركة الديموقراطية، الوقت الجديد، الإرادة الشعبية الذي ينتمى إليها البرلماني غوايدو، حينما فازت المعارضة بالبرلمان عام 2015 ، اتفقت أن يكون هنالك تداول في الهيئة التشريعية، وحكمت الأحزاب الأولى، والآن حزب الإرادة الشعبية الذي اظهر هذا النائب غير معروف، ففي استطلاع للرأي واحد من 5 فقط يعرفونه.
الأكثر خطورة انه ليس سياسيا مخضرما، ومغرر به، الإدارة الأمريكية دعته للتحاور مع مسؤولي البيت الأبيض، هنالك تبدو مرحلة غواديو كرئيس مؤقت، وهو لم يحاور حتى أقطاب المعارضة الأخرى، بعض أحزاب المعارضة ليس لها ثبوت سياسي، لأنها بعد إعلان نفسه رئيسا للبلاد رفضت القرار وساعات بعدها اعترفت به.
الاجتياح العسكري هو أحد السيناريوهات المطروحة والإدارة الأمريكية لم تخف ذلك، ورقة بولتون تدل على ذلك، هم حاولوا بالعقوبات الاقتصادية وهي غير قانونية ولا تستند لقوانين ولوائح الأمم المتحدة، والاجتياح العسكري إن حصل فهو خطوة أحادية ولا يستند للمواثيق الدولية، وهو سيناريو قائم.
رأينا تصريح ممثل ترامب لا يريدون حوارا مع مادورو، وأن ضغوطات عليه وسيستبعد من السلطة.
مصادر تتحدث عن رفض الولايات المتحدة أية مبادرات للوساطة بين النظام والمعارضة الفنزويلية فهي متمسكة برحيل الرئيس نيكولاس مادورو عن السلطة الحديث كذلك عن وساطة للفاتيكان والمكسيك والاوروغواي ما صحة هذه التسريبات؟
موقف الرئيس المكسيكي إيجابي ويُحسب له، ويعترف بمادورو رئيسا شرعيا، ورغم أن الرئيس المكسيكي يتعرض لضغوط داخلية وخارجية كبيرة، لكنه أكد رفضه التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ودعا إلى احترام القانون والدستور في هذا البلد، كما تحسب لحكومة الاوروغواي موقفها الايجابي، موقفها مختلف تماما عن موقف الأمين العام لمنظمة مؤتمر الدول الأمريكية وهو من جنسية أوروغوانية، لكنه تحول إلى ناطق بإسم الإدارة الأمريكية في هذه المنطقة.
وعوض أن يكون ناطقا باسم بلدان أمريكا اللاتينية، ومتناغما مع تطلعات تلك البلدان كان ناطقا باسم واشنطن، والمبعوث الرسمي لقرارات إدارة ترامب، وهو لا يحاول خلق مسارات حوارية، نحن نرى بايجابية مبادرة المكسيك والاوروغواي، كما يحسب موقف البابا فرانسيسكو.
حليفا الرئيس مادورو روسيا والصين كيف تتوقع ردة فعلهما؟
غوايدو يحاول استقطاب كل الفاعلين في العالم، ولكن ليست له قوة الإقناع والاستقطاب، هو لم يستقطب الولايات المتحدة، بالعكس هي من استقطبته، هو يعيش عبر الاستقطابات ليكون أكثر بروزا وإقناعا، عرض على الجيش العفو العام، هو لا يعلم أن طريقة الإغراء ليست ذات جدوى، لأن السياسة ليست تجارة، وإعطاء مشاريع للدول، مواقف روسيا والصين واضحة وهي دعم فنزويلا واحترام سيادتنا ورفض التحرشات الأجنبية.
كان لافتا الموقف الذي عبرت عنه المغرب، التي أعلنت اعترافها بغوايدو، هل من تعليق لكم على هذا الموقف، وهل موقف الرباط متعلق بشكل أساسي بجبهة البوليزاريو؟
غوايدو يحاول إقناع كل الدول، وجلبها لقضيته في إطار عدم وجود أي معرفة له بسياسة فنزويلا الخارجية المستقلة، وفي إطار غياب إستراتيجية خارجية مبنية على المبادئ، هو الآن يغري المغرب حتى تعترف به كرئيس هذه معادلة نوعا ما غريبة، المغرب ليس له كلام كثير عن الديموقراطية، وغوايدو ليس له ما يقول حول استقلالية الشعوب وسيادتها، وحول محاربة الاستعمار، من المؤسف جدا أن المغرب انتهاجه هذه السياسة البراغماتية وهو أمر مخجل للغاية، ومن المخجل أيضا رؤية غوايدو يحاول إغراء الدول.