الجزائر
تقرير برلماني فرنسي يزعم:

تحايل وغش على نطاق واسع في معاشات المتقاعدين الجزائريين!

حسان حويشة
  • 12460
  • 26
الشروق أونلاين

زعم تقرير برلماني فرنسي أنّ نسبة الغش والتحايل في معاشات الجزائريين المقيمين على أرض الوطن تصل 50 بالمائة للبالغين 85 سنة فما فوق، حيث أن عينة من 1000 متقاعد لم يعثر إطلاقا على نصفها (500)، وشدد على ضرورة المضي قدما في إجراءات التحقق من حياة المتقاعدين عبر تقدمهم شخصيا إلى البنوك الجزائرية مرفقين بعدد من الوثائق، في ظل وجود تواطؤ، حسب إدّعاء المصدر، لدى أعوان من الإدارة الجزائرية في منح شهادات الحياة للمسنين المستفيدين من معاشات تقاعد فرنسية.

وجاءت هذه التفاصيل ضمن تقرير برلماني بالجمعية الوطنية تم إعداده من طرف لجنة تحقيق حول مكافحة الغش والاحتيال في الخدمات الاجتماعية ومعاشات التقاعد، مؤرخ في 8 سبتمبر 2020 تحوز “الشروق” نسخة منه.

وحسب ما ورد في التقرير الذي تضمن 409 صفحة، أن هناك ظاهرة لتجميع معاشات عدة أشخاص متقاعدين يعيشون في الجزائر وهوياتهم معروفة، لكنها تصب في حساب واحد أو في حسابات محددة لعدة أشخاص، حيث يتم جمعها وتحول على جناح السرعة إلى الجزائر.

وكشف التقرير عن دراسة تم إجراؤها على أساس عينة من 1000 ملف لمتقاعدين جزائريين يقيمون على أرض الوطن، وتجاوزت أعمارهم 85 سنة، والمهمة كانت تتلخص في التحقق إن كان المعنيون على قيد الحياة أم توفوا، مع إلزامية تقديم شهادة وفاة صادرة عن الإدارة الجزائرية ومترجمة إلى اللغة الفرنسية.

وبعد الدراسة والتمحيص تبين أنه من بين ألف ملف موزعين على 4 ولايات، تم العثور على 500 شخص فقط من أصحاب المعاشات المعنيين بعينة التحقيق، بينما لا يوجد أثر للمتقاعدين الـ500 الآخرين.

ومن بين الـ500 شخص الذين تم العثور عليهم تم استخراج 26 بالمائة فقط شهادات الوفاة من طرف الإدارة الجزائرية، وبالنسبة لـ24 بالمائة المتبقية هناك تكهنات فقط حول وفاتهم ولا وجود لشهادة وفاة تثبت أن الشخص قد توفي فعلا.

وعموما يرى التقرير حسب رئيس مؤسسة “إكسيلانسيوم” الفرنسية التي تولت عملية التحقق من حياة المستفيدين من معاشات فرنسية بالجزائر، أن الاحتيال والغش منتشر على نطاق واسع بين المتقاعدين المقيمين في الجزائر خصوصا الذين يفوق سنهم 85 سنة، ويصل نسبة 50 بالمائة.

وأضاف “بالنسبة لـلمتقاعدين الـ500 الذين لم اعثر عليهم أرجح أنهم توفوا في الخارج معظمهم في فرنسا وخاصة بمنطقة مرسيليا”.

ويرى التقرير أن الـ500 متقاعد الذين ما زالوا يستفيدون من المعاشات دون أن يتم العثور عليهم يفترض أنهم توفوا خارج الجزائر وفي فرنسا تحديدا، وعندما طلبت مهمة التحقيق من السلطات الإدارية الجزائرية شهادات الوفاة للأشخاص المعنيين في القرى والمدن والولايات التي كانوا يقطنون بها، كان ذلك مستحيلا، لأن هؤلاء الأشخاص توفوا على التراب الفرنسي وليس في الجزائر.

المهمة الفرنسية اتهمت أعوانا في الإدارة الجزائرية في البلديات بالتماطل والتواطؤ أحيانا في منحها شهادات الوفاة، حيث أنه عندما يتم العمل على ملف ما، تستغرق الإدارة الجزائرية ثلاثة أو أربعة وحتى 5 أشهر لتحضر شهادة وفاة المعني.

وقال التقرير “إننا نفترض، وطرح الأسئلة المناسبة من صميم عملنا كمحققين، بأن التعليمات وتوجيهات قد تم طلبها قبل استخراج شهادات الوفاة”، موضحا انه عندما تتصل بالعون البلدي المكلف في الجزائر، وتسأله عن الشخص المعني بالتحقيق وهل هو على قيد الحياة أم توفى، تكون الإجابة سريعة “نعم، هو على قيد الحياة، إني اعرفه جيدا”.

المفارقة حسب التقرير أنه من أصل 90 بالمائة من شهادات الوفاة التي تم طلبها واستخراجها، فإن تاريخ الوفاة المشار إليه في الشهادة كان في الشهرين أو الثلاثة أشهر التي سبقت تقديم طلب الحصول عليها.

وعن سؤال لمقرر لجنة التحقيق البرلمانية باتريك هاتزل، حول إن كان بالاستطاعة اعتبار أن نسبة 45 إلى 50 بالمائة من الغش والاحتيال التي تمخضت عن عينة من 1000 ملف، يمكن أن تنسحب أيضا على 400 ألف متقاعد جزائري يستلمون معاشاتهم من صناديق فرنسية مختلفة ويقيمون في وطنهم حاليا؟ زعم التقرير أنه يوجد على الأقل 50 بالمائة من الغش والتحايل بالنسبة للمتقاعدين الجزائريين الذين يفوق سنهم 85 عاما.
ويضيف التقرير أنه بالنزول إلى المتقاعدين الذين يبلغ سنهم 80 سنة فما فوق فإن نسبة الغش والتحايل تنزل إلى 45 بالمائة، أما للبالغين 100 سنة، فإن نسبة الغش والتحايل (تزوير شهادات الحياة للحصول على المعاش)، ترتفع إلى نحو 70 بالمائة.

وأضاف “لقد اندهشنا من عدد المعمّرين الجزائريين الذين فاق سنهم (100 سنة)، مقارنة بعددهم في فرنسا.. النسبة غير متوافقة تماما”، دون تقديم رقم بعدد هؤلاء المعمرين الذين ما زالوا يستفيدون من معاش فرنسي.

وحسب التقرير فإن فرقا تتواجد حاليا في الجزائر تم توظيفها من طرف السلطات الفرنسية، وتعمل على مدار اليوم والساعة، وسيتم مواصلة العمل مع البنوك الجزائرية للتحقق من حياة المستفيدين من معاشات التقاعد الفرنسي، عبر تنقلهم إلى البنك مرفقين بعدد من الوثائق.

مقالات ذات صلة