-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تدريس الإنجليزية في الابتدائي.. قرارٌ حكيم

حسين لقرع
  • 5243
  • 1
تدريس الإنجليزية في الابتدائي.. قرارٌ حكيم

بعد طول تردّد، يبدو أن البلاد قد حسمت أمرها، أو هي في الطريق، لإعطاء اللغة الإنجليزية المكانة التي تستحقّ، من خلال تقديم تدريسها إلى المرحلة الابتدائية ابتداءً من الموسم الدراسي القادم، بدل أن يبدأ من التعليم المتوسط، كما هو معمولٌ به منذ ستة عقود.

الخبر كشف عنه الأمينُ العامّ لنقابة عمال التربية والتكوين بوعلام عمورة لقناة “البلاد”، استنادا إلى وزير التربية عبد الحكيم بلعابد، الذي أبلغه، خلال لقاءٍ ثنائي بين النقابة والوزارة، أنّ مشروع تدريس الإنجليزية في المرحلة الابتدائية مطروحٌ على مستوى وزارته، ولكنه يحتاج إلى “بعض الدراسة”، وإلى “تكييف المنظومة التربوية لتتلاءم مع الإمكانات المتوفرة”.

ويُعتقد أن “الدراسة” التي سيقوم بها خبراء التربية في الوزارة ستركّز على عدّة نقاط تتعلّق بالمسألة، كتوفير عشرات الآلاف من أساتذة الإنجليزية في أكثر من 24 ألف ابتدائية على المستوى الوطني، وكذا خيارات تدريس اللغات في الابتدائي: هل يدرُس التلاميذ لغتين أجنبيتين معا؟ أم تُزحزَح الفرنسيةُ إلى المتوسط وتترك مكانها للإنجليزية، في عمليةٍ عكسية لما كان سائدا طيلة 6 عقود؟ أم يُترك لأوليائهم مسألة اختيار اللغة الأجنبية الأولى التي يدرسها أطفالُهم حتى لا تزدحم اللغاتُ على الصِّغار وتشوِّش أذهانَهم وهم في مرحلة مبكّرة من حياتهم؟ وفي هذه الحالة، ستكون هناك أقسامٌ للأطفال الذين يدرسون الفرنسية، وأقسامٌ أخرى للذين يدرسون الإنجليزية، ولا نشكّ مطلقا أنّ أغلب الأولياء في شتى أنحاء البلاد سيختارون الإنجليزية لأطفالهم، باستثناء مناطق قليلة تفشّت فيها الفرنكفونية.

ومنذ الآن يجب أن ننبّه إلى أنّ الطريق ليست مفروشة بالورود لتطبيق هذا القرار الذي سيواجه عراقيل ومصاعبَ بالتأكيد؛ ولعلّ الكثير من القرّاء يتذكّر تجربة وزير التربية الأسبق علي بن محمّد الذي حاول في بداية التسعينيات تقديم تدريس الإنجليزية إلى المرحلة الابتدائية، فأثار ذلك حفيظة التيار الفرنكفوني الذي كان يسيطر على البلاد بعد انقلاب ضبّاط فرنسا في جانفي 1992، فكادوا له، وسرّبوا أسئلة امتحانات البكالوريا، دورة جوان 1992، ووزّعوها على المترشحين خارج الثانويات قبل بداية الامتحانات، فأدرك الوزير أنّه ضحيَّة مؤامرةٍ حقيرة تهدف إلى إسقاطه وإفشال مشروع تدريس الانجليزية حتى يبقى الاحتكارُ والحظوة للغة فافا، فقدّم استقالته مرغَما، وفشل مشروعُه، وبقيت الفرنسية مهيمنة على التعليم باعتبارها لغة أجنبية أولى إلى حدّ الساعة، بل كادت تصبح “لغة وطنية” وتعصف بمكانة اللغة العربية نفسها في التعليم الثانوي في عهد وزيرة التربية السابقة نورية بن غبريط رمعون التي قدّمت مقترحا للحكومة باسم “إصلاح البكالوريا” يقضي بتدريس المواد العلمية للتعليم الثانوي بالفرنسية، بحجّة تحضير الطلبة لدراسة التخصصات العلمية الدقيقة في الجامعة بهذه اللغة، ولولا تصدّي الغيورين على العربية لها، لنجحت الخطة.

اليوم يبدو أنّ الوضع بدأ يتغيّر، وأنّ النداءات الكثيرة للجزائريين بضرورة إحلال الإنجليزية في التعليم لغةً أجنبية أولى على حساب الفرنسية، هي في طريقها إلى التحقيق، ولا يسعنا إلا أن نبارك هذه الخطوة التي ستفتح آفاق الجزائريين على العلم والبحث من نافذة هذه اللغة التي أضحت اللغة العالمية الأولى ولغة التيكنولوجيا والبحث والتواصل بلا منازع، وعلى حساب الفرنسية التي تتقلّص دائرة استعمالها العلمي بمرور الوقت.

في منتصف أكتوبر الماضي، قرّرت السلطاتُ التدريس بالانجليزية في المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي ونظيرتها للرياضيات، واليوم تسير البلاد بخطى وئيدة نحو تقديم تدريس الإنجليزية إلى التعليم الابتدائي. والقادم أفضل بإذن الله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • سعيد من فرنسا

    قرار حكيم لكنه متأخر جدا فرنسا نفسها تدرس الانكليزية من الابتدائي اذا نحن ندعم الفرنسية اكثر منهم