جواهر
ماكثات في البيت يلقين بأبنائهن في دور الحضانة وعاملات لا يعرفن أطفالهن

تربية الأطفال.. آخر اهتمامات الأولياء!

زهيرة مجراب
  • 4955
  • 16
ح.م

تخلى عديد الأولياء عن دورهم ومهمتهم الرئيسية في تربية فلذات أكبادهم ومتابعتهم خلال مراحل نشأتهم ومشوارهم الدراسي، بل باتوا يتحينون الفرص للتخلص منهم وكأنهم عبء ثقيل عليهم بتسجيلهم في دور الحضانة، التحضيري والمدارس الخاصة…..

يختلف أولياء اليوم عما كانوا عليه في الماضي، فقد كانوا أكثر حرصا على مرافقة أولادهم منذ الولادة وحتى دخولهم للمدرسة، فيخصصون وقتهم لمراجعة ما تلقوه خلال يومهم وإياهم، ويمنحونهم فرصة كبيرة للاستمتاع واللعب وهو ما يفتقده أطفال اليوم، فبمجرد ولادتهم يشرع الوالدين في التفكير في سبيل للخلاص من تربيتهم بدل غرس القيم والأخلاق داخلهم، في ظل تراجع دور الأسرة الكبيرة كالجد والجدة الذين كانوا ينوبون عن رعاية الطفل عند غياب والديه.

المربيات.. موضة جديدة للتخلص من متاعب الرضع

ساهم انتشار المربيات المنزليات اللواتي هن على استعداد لتربية الطفل منذ الأيام الأولى لولادته مقابل مبالغ مالية يدفعونها لها، في زيادة الجفاء بين الأولياء وأبنائهم، وحتى عندما يكبر الأطفال وفي عمر ثلاث وأربع سنوات لا يستغني ذووهم عن المربيات، بالرغم من عدم حصول الأطفال على الرعاية اللازمة في تلك الفترة العمرية الحساسة من طعام ونظافة ولعب، بسبب لجوء بعض المربيات لأساليب مشينة كربط الأطفال ومنحهم أدوية تنويم وحرمانهم من اللعب، واكتساب مهارات معرفية ولغوية نتيجة رغبة المربية في جمع عدد كبير من الأطفال دون منحهم العناية الضرورية اللازمة لطفل صغير.

دور الحضانة.. سجن للأطفال وخلاص للأولياء

بعيدا عن المربيات المنزليات أصبحت دور الحضانة هي وجهة أخرى للأهل، فقد صارت تقدّم مواقيت عمل جديدة تراعي فيها مواقيت الوالدين العاملين، حيث تشرع في استقبال الأطفال من الساعة الثامنة صباحا وحتى السادسة مساء، وهذا للأطفال من عمر 6 أشهر حتى 5 سنوات، فبدل أن ينعم الطفل بحرية اللعب أصبح مرغما على التقيد بنظام معين في دور الحضانة، والغريب أنه بات يستهوي حتى الأمهات الماكثات بالبيت، فيجدن في تسجيل أبنائهم في الحضانة فرصة للارتياح من التربية المتعبة والتفرغ لأشغال أخرى.

وبرزت أقسام التحضيري في السنوات الأخيرة كمرادف جديد يسعى الأولياء لتسجيل أبنائهم فيها، ويبذلون في سبيل تحقيقه كل ما في وسعهم. يقول أحد المديرين بأنه قبيل انتهاء العام الدراسي يستقبل عشرات الطلبات لتسجيل أطفال يبلغون من العمر 3 و4 سنوات في القسم التحضيري، دون اكتراث لأهمية اللعب في هذه المرحلة الحساسة عند الطفل بل مرادهم فقط تسجيل الطفل والتخلص من وجوده في المنزل، ومع علمهم المسبق بأن التحضيري خاص بالأطفال البالغين من العمر 5 سنوات.

المدارس الخاصة تتحوّل إلى فنادق ومطاعم

تعد المدارس الخاصة وجهة جديدة للأولياء باتوا يقصدونها حتى لا ينشغلوا بالتفكير خلال فترة منتصف النهار أي عند انتهاء موعد الدوام الصباحي، بجلب أبنائهم للمنزل ومنحهم وجبة الغذاء ويرتاحوا مثلما جرت عليه العادة، ويفضلون دفع المال بدلا من القيام بمهامهم في العناية بأبنائهم. ويرى المختصون في التربية أن في عودة التلميذ للمنزل في منتصف النهار دور إيجابي، فيرتاح من تعبه ويتناول وجبة الغذاء، ثم يشاهد التلفزيون وهو ما يبعده عن أجواء المدرسة وتوترها، ويعود بنفس جديد للتعلم في المساء عكس تلاميذ المدارس الخاصة والنظام النصف داخلي، الذين يتناولون الغذاء داخل المدرسة ويبقون في انتظار موعد الدوام المسائي. ويعيب المختصون على الأمهات بشكل خاص تخليهن عن أبنائهن حتى وإن كن ماكثات في البيت، وهو أمر غير مألوف وغير معتاد وجديد عن مجتمعنا، وهو ما ينعكس على سلوكيات الطفل في ميله للعنف وعدم طاعته لوالديه والمحيطين به وارتفاع نسبة الجفاء بينه وبين والديه، ما يجعل الخلافات بينهما في المستقبل كبيرة وسيؤدي حتما لظهور جيل الأبناء يرفضون الإقامة مع ذويهم عند بلوغهم سن 18 عاما.

أحمد خالد: بعض الأولياء أصبح همهم الوحيد التخلص من أبنائهم

من جهته، استغرب رئيس جمعية أولياء التلاميذ، أحمد خالد، سلوكيات الأولياء الحاليين وتملصهم من مسؤولية وتربية فلذات أكبادهم، فقد أصبحوا على استعداد لدفع المال مقابل الشعور بالراحة والتخلص من مشقة تربية أبنائهم، ولا يهمهم المستوى أو النتائج التي يحققونها، وخير دليل على ذلك المدارس الخاصة التي لا تقدم شيئا للطفل ولا تساهم في تحسين مستواه لكن الأولياء يتباهون بها.

ويضيف المتحدث بأن الأمر ذاته ينطبق على التحضيري إذ لا يكتسب الطفل أي مهارات غير أن الأهل لا يهمهم الأمر بقدر ما يشغلهم الاستراحة من الطفل بأي طريقة ومهما كان الثمن. ووصف أحمد خالد بأن الأولياء أصبحوا ماديين يهمهم تأمين أجرتين شهريا، حتى ولو كان ذلك على حساب مستقبل أبنائهم ولا يولون أهمية لما يتعرضون له من صعوبات ومضايقات.

مقالات ذات صلة