الجزائر
تعاقب عليها الإسبان والفرنسيون واستهلكت نحو 800 مليون دولار

ترميم القصبة.. الوجه الآخر للفساد الثقافي

زهية منصر
  • 3701
  • 9
ح.م

عاد الملف ملف ترميم القصبة إلى الواجهة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الثقافة بالنيابة حسن رابحي إلى الورشة، وعادت معها التساؤلات التي رافقت الملف من وزارة الثقافة إلى ولاية العاصمة التي كانت في عهد زوخ، قد أعلنت عن تخصيص 26 ألف مليار سنتيم منها 7 آلاف مليار تم ضخها لتوظيف 1400 شاب من خريجي المعاهد والتكوين المهني و14 مكتب دراسات و17 مقاولا وفق ما أعلنه زوخ قبل عام.

وكان واحد من مكاتب الدراسات التي أسند لها المشروع مكتب ساهم في مهزلة تدمير وتشويه متحف الباردو.

وكما تعاقبت الإدارات على ملف القصبة، تعاقبت عليه أيضا المكاتب والشركات الأجنبية، فقبل إسناد الملف للفرنسيين سبق وأن أطلقت وزارة الثقافة في عهد خليدة تومي ما سمي آنذاك بالمخطط الدائم لحماية القصبة، وصادقت عليه الحكومة في 2012، لكن بقي حبرا على ورق ولم تظهر آثاره في الميدان. كما قامت ذات الوزارة بإنشاء الوكالة الوطنية للقطاعات المحمية بمرسوم في جانفي 2011. غير أن الوكالة بقيت من دون مدير ولم تنفذ أيا من المهام المسندة إليها منذ تاريخ إنشائها وقد تم يومها تنصيب فريق عمل مكوّن من علماء آثار وقانونيين للعمل على تطبيق المخطط الدائم لحماية القصبة، لكن المخطط ما زال مخططا منذ سنوات.

وقد سبق لمنظمة اليونسكو أن رفعت تحذيرات جدية بسحب القصبة من قائمة التراث العالمي، حيث جاء في تقرير المنظمة العالمية في الجلسة العامة التي عقدت في عام 2013 حول المعالم المصنفة عالمية أن حالة التهديد والخطر انتقلت في القصبة من 0 = أدنى، إلى 100 = الحد الأقصى.

وجاء رد الوزارة يومها على تلك التهديدات بعقد صفقة مع شركة اسبانية قدرها 240 مليون دولار لترميم القصبة. وما يؤكد أن القصبة تحوّلت إلى واجهة للفساد الثقافي أن تلك الصفقة التي تناولت الصحافة الاسبانية تفاصيلها منحت بالتراضي ومن دون المرور على قانون الصفقات العمومية. ورغم مرور سنوات على منح مجموعة “اوجيباس” في كتالونيا، حق الامتياز في إعادة تأهيل القصبة تبقى نتائج تلك الصفقة طي الكتمان إلى اليوم.

ويعتبر الخبير في السياسات الثقافية عمار كساب أن ملف ترميم القصبة يعد من “ضمن قضايا الفساد الكبيرة. وهي واحدة من أكبر قضايا الفساد منذ الاستقلال، حيث سرقت العصابة ملايير الدينارات ولم يكن الترميم سوى وسيلة لنهب المال العالم”. ويؤكد كساب أن مشاريع الترميم الوهمية التي خصت بها القصبة استهلكت قرابة 800 مليون دولار منذ سنة 2012 لترميم لم تر نتائجه النور إلى اليوم.

ويرى عمار كساب أنه حان الوقت لإعادة فتح ملف القصبة بما في ذلك التدقيق في حسابات الشركة الجزائرية الاسبانية (Gerca) والتي أنشأتها خليدة تومي في 2012 مع بعض الشخصيات الكاتالونية والتي كانت مهمتها ترميم القصبة.

وكشف عمار كساب في حديث مع الشروق أن التهديدات التي سبق وأن رفعتها اليونسكو بشأن سحب القصبة من قائمة التراث العالمي قد تتكرر في التقرير الجديد الخاص بحالة المعالم المصنفة عالميا والمنتظر صدوره قريبا، وقد تكون هذه التقارير حسب كساب ذريعة لبعض المسؤولين للتخلي عن الملف. وحسب كساب فإن التخلي عن ترميم القصبة سبق وأن دار بشأنه كلام في كواليس وجلسات بعض المسؤولين في القطاع. مما يستدعي إعادة فتح الملف والتحقيق في مسار الملايير المهدورة.

مقالات ذات صلة