الجزائر
2600 مليار تكاليف العملية

ترميم القصبة بمشاركة فرنسيين يثير الجدل!

الشروق
  • 4074
  • 21

أحدثت الزيارة الأخيرة التي قام بها الجانب الفرنسي المتمثل في إقليم إيل دو فرانس وورشات جون نوفال، من خلال عقد اتفاقية ثلاثية مع ولاية الجزائر بغية ترميم المعلم العتيق القصبة، بلبلة واسعة وجدلا وسط المواطنين والأسرة الثورية الرافضين لهذه الشراكة التي اعتبرت من غير المعقول أن تكلف مهمة إعادة إحياء تراث يبرز حقبة هامة من الثورة التحريرية، للفرنسيين عوض الأتراك رغم أن هذه الحي العتيق يعد إرثا عثمانيا بامتياز.
لا تزال قضية الشراكة بين ولاية الجزائر لترميم القصبة وإقليم ايل دو فرانس وكذا المهندس جون نوفال المشهور عالميا، حديث العام والخاص في شقه المتعلق بالتكلفة التي تعد جد باهظة فضلا عن الصفقة التي يظهر أنها انتزعت لصالح الفرنسيين على حساب الأتراك الذين أبدوا رغبتهم منذ أكثر من 3 سنوات للمشاركة في ترميم هذا المعلم العثماني المنجز من طرف أجدادهم خلال حقبة تواجدهم بالجزائر، وذهبت أغلب الآراء إلى رفض هذه الشراكة التي تعد غير مقبولة من حيث المبدأ على اعتبار أن المعلم يعد إرثا تاريخيا يبرز أهم مرحلة من مراحل الثورة التحريرية وثوارها الذين اغتيل العديد منهم بأزقة المنطقة، ولم يهضم هؤلاء كيف للولاية أن تزيح خدمات الأتراك رغم أنه يشهد لهم ببراعة التشييد والتهيئة التي أظهروها من خلال أشغال الترميم المتقنة التي شهدها “جامع كتشاوة”.
وكرد توضيحي من ولاية الجزائر على الجدل الذي أعقب الزيارة الأخيرة لجون نوفال وممثلة إقليم ايل دو فرانس بشأن الشراكة الثلاثية، أصدرت هذه الأخيرة بيانا تؤكد من خلاله أن الأمر يتعلق بإعادة “إحياء” القصبة أما الاستعانة بهذه الشراكة فستكون مهمتها المرافقة لمنح الأفكار والنصائح دون غير -يضيف البيان- الذي كشف عن تكاليف عملية تنفيذ المخطط الدائم لحفظ وتثمين القطاع المحمي لقصبة الجزائر والمحددة بـ26 مليار دينار(2600 مليار سنتيم) منها 24 مليار دينار من ميزانية الدولة و2 مليار دينار من ميزانية الولاية، في حين ذكرت الولاية أن أشغال الترميم هذه، التي أطلقتها ولاية الجزائر في ديسمبر 2016، ستتكفل بها كفاءات جزائرية تحت إشراف 14 مكتب دراسات و17 مؤسسة، وتجنيد أكثر من 100 جامعي من بينهم مهندسون معماريون وتقنيون سامون، ويد عاملة 100 بالمائة جزائرية حيث سيسهر على الأشغال 1400 عامل مؤهل، كما ذكر البيان أن المهندس جون نوفال ستوكل إليه مهمة تنسيق أشغال إعادة تهيئة خليج الجزائر الممتد من الجامع الأكبر إلى القصبة السفلى.

سكان القصبة: للأتراك خلفية في طريقة البناء مثل كتشاوة

أبدى العديد من السكان الأصليين للقصبة، امتعاضهم من الشراكة التي جمعت ولاية الجزائر بالجانب الفرنسي لترميم حي القصبة العتيق، مؤكدين أن هذه الأخيرة بنيت بشكل دقيق وصعب في فترة معينة من تاريخ الجزائر وعلى يد العثمانيين الذين اعتبروهم الأولى بترميم القصبة على الفرنسيين الذين عاثوا في القصبة فسادا من خلال تهديم أجزاء منها بالقنابل خلال مطاردتهم للثوار أين كانت هذه الأخيرة معقلا لهم.
وقال من تحدثت إليهم “الشروق”، أغلبهم من الطبقة الثورية من أبناء المنطقة، إن الهندسة المعمارية للقصبة جد متداخلة، حيث يمكن أن ينهار منزل بمجرد لمس البيت المجاور وهكذا.. الأمر الذي يتطلب الاستعانة بأبناء الدولة العثمانية الذين قد يملكون مخططا للقصبة ومهارة تظهر معرفتهم بكل كبيرة وصغيرة لما يحملهم هذا المعلم من خبايا معمارية والدليل على ذلك ما أظهرته تجربتهم السابقة من خلال ترميم جامع “كتشاوة” الذي أعيد تشكيله بطريقة فنية لم تترك آثارا ظاهرة على هندسة المسجد الذي يعود تاريخ إنجازه إلى الحقبة العثمانية هو الآخر.

مؤسسة القصبة: ننتظر لقاء زوخ لتوضيح القضية

أكد عضو ناشط بمؤسسة القصبة يوسف زاني لـ”الشروق”، أن الأمور لا تزال غير واضحة بشأن ما يشاع حول قضية الاستعانة بالفرنسيين لترميم القصبة، مشيرا أن أعضاء المؤسسة لا يملكون ما يصرحون به في أعقاب آخر التطورات التي لم تبلغ مسامعهم إلا عن طريق الصحافة، ما أجبرهم على عقد اجتماع طارئ، خلص بالإجماع إلى ضرورة مراسلة والي العاصمة عبد القادر زوخ، من أجل عقد لقاء يجمع العديد من الأطراف التي لها علاقة بالموضوع رفقته، لمعرفة حقيقة الخبر من عدمه، ولم يرض المتحدث تقديم أي تصريح آخر في حال صدق الخبر، مكتفيا بالقول “لكل مقام مقال”.

رئيس المجمع الوطني للخبراء المهندسين لـ”الشروق”:
“نوفيل” لا يملك خبرة في الترميم.. ونرفض إقصاء المهندس الجزائري

احتج عبد الحميد بوداود، رئيس المجمّع الوطني للخبراء المهندسين، ضد تجاهل المهندسين المعماريين الجزائريين، وعدم إشراكهم في اتفاقية الجزائر العاصمة وإقليم غيل دو فرانس وورشات المهندس جون نوفيل من أجل إعادة إحياء القصبة العتيقة من الجانب العمراني، والثقافية والسياحة والتراثية.
وأكد بوداود، أن المهندس المعماري الفرنسي، جون نوفيل، لا يملك خبرة وحسب سيرته الذاتية، في الترميم وتجديد البيانات، هذه التقنية حسبه، التي تحتاج سيكولوجية خاصة ومهندسا لديه تجربة طويلة في إعادة إحياء البنايات القديمة، والحفاظ على طابعها المعماري الأصيل.
واعتبر المتحدث في تصريح لـ”الشروق”، أن هذه الاتفاقية تدخل في إطار سياسة عمودية، في إحياء حي سياحي، ويقصد به، عدم مشاركة أهل الاختصاص من الجزائريين، حيث قال إن الجزائر العاصمة تضم 47 بلدية، لكن ولا مهندس معماريا استدعي لإبداء رأيه فيما يخص هذه الاتفاقية، وكان من المفروض-حسبه- أن يكون المجمع الوطني للخبراء المهندسين الجزائريين، واحدا من هذه الأطراف التي حضرت اتفاقية إيل دو فرانس.
وأشار بوداود قائلا: “أنا لست ضد الاتفاقية ولا ضد استدعاء أجانب لإحياء بنايات قديمة.. لكن إذا كان ولا بد أن يشرف المهندس المعماري المشهور جون نوفيل، في ترميم القصبة، فلماذا لا نستفيد من خبرته؟.. ولماذا لا تكون عملية الترميم فرصة للتكوين واكتساب الخبرات؟!”

هذا هو نوفيل.. الفرنسي “المكلف” بترميم القصبة

المهندس المعماري الفرنسي جون نوفيل، من مواليد أوت 1945، شيد عدة صروح ثقافية وفنية عالمية، منها قصر لوسرن للثقافة والفنون في سويسرا، وصمم مخطط متحف “اللوفر ابو ظبي” الذي يعد أول متحف في العالم العربي، لتجسيد روح الانفتاح والحوار بين الثقافات.
حاز في 2005، جائزة وولف للفن، وجائزة آغاخان للعمارة، وفي 2008، حصل على جائزة بريتز كر التي تعتبر أهم الجوائز المعمارية العالمية عن مجمل أعمارهم التي تعدت ال200ـمشروع، ووصل عدد الجوائز التي نالها جون نوفيل، إلى 29 جائزة،
وبدأت التجربة الأولى لـجون نوفيل مع العرب، عبر تصميم معهد العالم العربي الشهير الذي بني في باريس عام 1987، واستوحى تصميمه من قلب الحضارة العربية والإسلامية، ووضع في واجهته الجنوبية عدساتٍ عملاقة تقوم بدور نوافذ مثمنة تفتح وتغلق آليا وفقا لدرجات الحرارة وكميات نور الشمس وساعات النهار.
وينقل البعض أن نوفيل شارك في 100مسابقة ولم ينل فيها الجوائز، كما سحب منه مشروع ملعب باريس سنة 1985، الذي أشرف عليه الوزير الأول لجاك شيراك، ادوارد بلادير، ومشروع قصر العدالة بلوند، كما أنه اقترح بناء ناطحة سحاب في فرنسا.

مقالات ذات صلة