الجزائر
وزيرة التضامن مونية مسلم تكشف وجهها الآخر لـ"الشروق":

تزوجت على الطّريقة التقليدية وأجيد تحضير الكسكسي

جواهر الشروق
  • 34848
  • 53
بشير زمري
وزيرة التضامن مونية مسلم رفقة صحفية الشروق

تفتح وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة مونية مسلم سي عامر قلبها للشروق لتكشف عن حياتها بعيدا عن عالم السياسة وقبل الاستوزار وأول قضية رافعت فيها واللاعب المفضل لديها وقصتها مع الرئيس بوتفليقة.

 

بداية، أنت من مواليد أي سنة والمدينة؟ 

ولدت في 14 جوان 1961 بتبسة، لكن نشأت وترعرعت في حي بلكور الشعبي بالعاصمة وهذا منذ أن كان عمري 9 أشهر.

 

هل تتذكر الوزيرة المدرسة أو الثانوية التي درست فيها؟ 

طبعا، المدرسة الابتدائية التي تعلمت فيها هي ابتدائية الحامة البحرية سابقا مخلوف الزيناتي حاليا ببلكور، درست المتوسط في “لوران” علي مكي بساحة أول ماي، وثانوية عمر راسم، قضيت حياتي كلها في العاصمة.

 

هل تتذكرين أستاذ الابتدائي أو المعلمة؟ 

أذكر معلمتي ومعلمي في الابتدائي، إن كانوا على قيد الحياة نتمنى لهم دوام الصحة والعافية وإذا وافتهم المنية ندعو لهم بالرحمة والمغفرة، ويكون مثواهم الجنة.. كانوا أساتذة ومعلمين على أعلى مستوى من المسؤولية والوطنية، في الابتدائي أذكر معلم اللغة العربية بلعمري والأستاذة فتيحة بلعمري، زوجته، والأستاذة بن سلام درستني الفرنسية، توفيت رحمها الله.. أنا متأكدة، لأنني كنت أتابع أخبارها،  وحدبي أستاذة الفرنسية، كانوا من المعلمين ممن صدقت  فيهم مقولة “كاد المعلم أن يكون رسولا”.. علمونا.. كانوا مربين.. أذكر عنهم كل الخير، كانوا من أحسن المعلمين، وقد قضيت فترة الطفولة في هدوء واستقرار، وقضيت أحسن الأوقات في المدرسة ومع عائلتي.

 

على ذكر العائلة، كم عدد أشقائك؟ 

نشأت في عائلة كبيرة، عندي ثلاثة إخوة ذكور ونحن أربع بنات، وكلهن تابعن دراسات عليا، وهن الآن إطارات في اختصاصاتهن.

 

المعروف أنك محامية قبل تقلدك منصب وزيرة، فهل اخترت أنت دراسة الحقوق، أم كيف؟ 

لا.. تحصلت على باكالوريا علمي، ودرست الطب في سنوات 82 و83 في باب الزوار جذع مشترك، ثم انتقلت إلى كلية الطب، وكنت متفوقة في الدراسة، وبعد عامين ونصف قررت دراسة الحقوق.

 

ما السر وراء قرارك الانتقال إلى دراسة الحقوق رغم تفوقك في الطب؟ 

كان  قرارا شخصيا.. لم أتوجه لدراسة الحقوق بسبب المعدل، لأني كنت أدرس الطب ومتفوقة جدا لمدة عامين ونصف، كان قرارا أردت به أن أمارس مهنة الدفاع، وكنت مهتمة بحقوق الإنسان، خاصة أنني من عائلة ثورية جدا، فأصدقاء الوالد كلهم من أكبر المحامين ومجاهدين كبار ووزراء سابقين ومجاهدات ومحاميات، فقلت في قرارت نفسي أن   هؤلاء قدوة يجب أن يحتذى بهم، وقررت أن أدرس الحقوق لأكون محامية.. في البداية كان في بالي نعمل حقوق ثم نتمم الطب، ثم بعدها أصبحت محامية  واستهوتني مهنة الدفاع وتوغلت فيها ولم أرجع  للطب.

 

هل تتذكر السيدة مسلم أول قضية رافعت فيها؟ 

نعم، أتذكر بالتدقيق، كنت متربصة في مكتب المحاماة لشقيقي من والدتي والذي كان نائبا عاما سابقا، وهو أستاذي في التربص ويتابعني بدقة وأكد علي بأن لا أتأسس في أي قضية دون إذنه، وفي يوم كنت بالمحكمة مرتدية الجبة السوداء، وجاءني شيخ طاعن في السن، ظاهر عليه التعب، وسألني إن كنت محامية، فقلت له نعم، فقال: ولدي في الحبس ويستدعي المرافعة، لم أستطع أن أرده، ولأنه في وقتها كان ممنوعا علينا استقبال الموكلين في أروقة المحاكم، كان من غير اللائق، فالأخلاق والصرامة كانتا تحكمان المهنة، ومكتبي كان في شارع علي بومنجل بالقرب من قصر العدالة عبان رمضان.. أخي منحني الضوء الأخضر، رافعت في القضية وفي ذلك الوقت من نبل القضاة حين يرافع المحامون الصغار لأول مرة يمنحون لنا أخف حكم ويساعدوننا بهدف التشجيع وهذا في إطار ما يكفله القانون، وقد حكم القاضي في ذلك الوقت على موكلي بـ6 أشهر حبسا نافذا، بينما كان قد قضى 18 شهرا من قبل، ليخرج بعدها الولد من السجن.

 

وهل تذكرين أول قضية جنائية رافعت فيها؟

أكيد أتذكر، كانت في فترة العشرية السوداء وهي قضية إرهاب، وفي ذلك الوقت كان لا يحق لنا نحن المحامين أن نرفض المرافعة في قضايا مثل هذه، لأن حياتنا في خطر، ومن يرفض يترصدونه ويقتلونه، فقبلت دون تردد المرافعة في حق مجموعة شبان تورطوا في قضية إرهاب تتعلق بأمن الدولة تم الحكم عليهم بعشرين سنة، ومعها بدأت بطريقة غير مباشرة أمارس السياسة، ومنذ تلك القضية كنت اكتشف العديد منهم ورافعت في الكثير من القضايا في العشرية السوداء.. لم يكن لنا الحق كمحامين أن نرفض، لأن حياتنا كانت في خطر، والرافض يجب عليه أن يغادر الجزائر.. طبعا هم في القائمة السوداء، حياتي كانت في خطر، لم أستطع أن أرفض، لكن أغلبهم كانوا شبانا غرر بهم وهم الآن يعيشون في المجتمع وكفروا عن ذنوبهم ولم يرجعوا إلى العمل المسلح، وكنت حينها أرافع عن الجزائر واستقرار الجزائر لا على المتهمين.

 

متى قررت السيدة مونية مسلم الزواج؟ 

الحقيقة أنني تزوجت زواجا تقليديا، والدي رحمه الله هو من زوجني سنة 1996، وزوجي سي عامر، تاجر، يشتغل في ملكه الخاص، ولدي ابن وحيد هو محمد الشريف، عمره 14سنة، وهو تلميذ حاليا، والحقيقة أن زوجي ساندني بقوة في حياتي، وكان دعما لي في مشواري، لأني قبل أن أكون وزيرة كنت محامية ومناضلة في حقوق الإنسان، وأسافر كثيرا وأنشط في المجتمع المدني.. زوجي يؤمن أنه لابد علينا أن نشارك في بناء المجتمع، النخبة، المتعلمون، لا يجب أن نبقى بعيدا عما يجري. 

 

هل تغيرت علاقاتك بمحيطك بعد الاستوزار؟

لم أتغير، لكن المسؤولية كبرت، وثقة الرئيس لابدّ أن تكون في مستواها.. بالنسبة ليّ الوزارة أمانة في رقبتي، كما كنت محامية سأكون كوزيرة.

 

مكتبك للمحاماة، هل مازال مفتوحا؟ 

مكتب المحاماة مغلق، الآن عندي مسؤولية أكبر تجاه المواطنين، الرئيس شرفني بهذه المهمة وفرصة لخدمة بلادي، أقدم ما أستطيع أن أقدمه، حتى في تصريحاتي وتوجهاتي ومبادئي لن تتغير، لأن الرئيس اختار السيدة مسلم بكل ما أحمله في شخصي، لأنه يعرف نضالي وأخلاقي وتوجهي والنظرة التي أطبقها في أرض الواقع.

طبعا، حياتي تغيرت، لأنها مسؤولية كبيرة، وأصبحت غائبة عن البيت، لكن الحمد لله زوجي متفرغ للولد، وقال لي المهم أن تنجحي في القطاع، وهذا شرف لأولادي ولأحفادي.. تغيرت ولكن كامرأة وشخص لم أتغير كثيرا، مازلت أتولى نفس التزاماتي.

 

علاقتك بالمطبخ؟

أطبخ في المنزل، وخاصة في الجمعة المطبخ لي.

 

الطبق المفضل؟

أجيد طبخ الكسكسي وأحب أكله.

 

ما هي هوايات الوزيرة بعيدا عن السياسة والمحاماة؟

أحب المطالعة والمشي.

 

هل تمارسين “هواية” المشي حاليا؟

لا.. ليس الآن.. مع اهتماماتي ومسؤولياتي الجديدة، لكن من قبل كنت مع صديقاتي المحاميات نقطع المسافة من عبان رمضان حتى أول ماي مشيا.. وأعشق شوارع العاصمة، أحبها، لأن عندها خصوصية، كنت مدمنة على ارتشاف قهوة أو تناول الغداء في “طونطون فيل” مع زملاء محامين أمام المسرح الوطني.. هذا المكان له قدسية ورمزية فهناك التقت المجاهدة زهرة ظريف بيطاط مع المحامي فيرجاس لتوكيله في حق جميلة بوحيرد، والوالد يحكي لي أنه التقى مع ديدوش مراد مع رفقائه.. كان المقهى ملتقى للعديد من المجاهدين ورموز الثورة حتى والدي رحمه الله، والفنانين وكبار الشخصيات، وكل هذا جعل للمكان رمزية كبيرة لدي.

 

بعيدا عن السياسة.. ما محل الرياضة من الإعراب في حياة الوزيرة؟ هل تستهويك رياضة ما؟

أشجع كل الفرق الرياضية الوطنية وكل ما عنده علاقة بالراية الوطنية أتابعه، سواء فريق كرة القدم أم اليد أو الطائرة، وأعشق بشكل استثنائي رياضة العدو.. كنت أتابع مرسلي فهو بالنسبة لي مثال كبير في الاحترام والرياضة والأخلاق، هو مثال للشاب الجزائري.

 

هل شجعت الوزيرة الفريق في مونديال البرازيل؟ 

تابعت بشغف كل مباريات الخضر باستمتاع.. فقد تربينا في محيط يمجد كل ما هو للجزائر.. الفريق الوطني كان في مستوى تطلعاتنا.. نتمنى له النجاح في كأس إفريقيا.

 

من هو اللاعب الذي تفضلينه؟

فغولي وكذا إبراهيمي هما لاعبان في القمة.

 

قصة أثرت فيك وفي حياتك؟

عدة قصص.. لكن ما حز في نفسي وأثرَ فيّ قضية طفل كان عمره 16 سنة، رافعت لأجله على مستوى محكمة الجنايات، باعتبار أنه كان متورطا في جريمة قتل مع مجموعة من البالغين، وفي تلك القضية وصل إلى ما وصل إليه، لأنه كان يعيش ظروفا صعبة ضمن عائلة في وضع صعب، ومن شدة تأثري بالقضية وظروفها كنت أرافع والدموع تنهمر من عيني ولم تجف.

 

هل تذكرين التاريخ؟

نعم، كانت في سنة 1996، ورئيس محكمة الجنايات هو الآخر كان يبكي رغم أنه رجل، لما انتهت القضية تم الحكم بالبراءة للطفل، والقاضي قال لي: “أتمنى يا أستاذة مسلم أنك المرة القادمة لا تبكيني، لأني أبقى قاض ومفروض علي أن لا أظهر مشاعري”، طبعا القضية أثرت فيّ، لأنها كانت مأساة بأتم معنى الكلمة ومنها تعلمت أن أناضل لأجل حقوق الأطفال وأساعد في محاربة التفكك الأسري.. حين نجحت وأخرجت هذا الطفل من السجن تابعته من بعد ورافقته ليندمج في المجتمع والآن هو متزوج وحياته مستقرة.

 

لو لم تكوني وزيرة أو محامية، ماذا كنت ستختارين؟

أكيد.. أن أكون طبيبة.

 

علاقتك بالرئيس كيف ترينها؟

إنسان نبيل جدا، نتذكر قصة لي معه في سنة 2004، ونحن نحضر للاحتفال باليوم العالمي للمرأة في 8 مارس بفندق الأوراسي، كنت أحضر كلمة ألقيها أنا ونائبة مجلس الأمة زهرة ظريف بيطاط، وطبعا الرئيس بوتفليقة سيلقي خطابه أيضا، لما حضرت لألقي الكلمة لم أجد منصة لذلك لأضع أوراقي.. كان هناك فقط “ميكروفون” وفي المقابل تم تحضير منصة الرئيس، والبروتوكول أكد أنها للرئيس حصريا.. لما بدأت بقراءة كلمتي لاحظ الرئيس أني كنت مضطربة ولم أستطع حمل الميكروفون والأوراق.. فوقف من كرسيه بكل تواضع وتقدم باتجاهي وأمسكني من يدي  ليأخذني إلى منصته حتى ألقي كلمتي.. وقال: “سأكسر البروتوكول”.. قلت له: “شكرا سيدي الرئيس، هذه صفات ومكارم الأخلاق لا تكون إلا في شخص مثلكم..”، لن أنسى موقفه، تحضرني حاليا تلك الصورة، عندما رافقني بيده وأخذني إلى منصته.. وأقول كلمة “من يتقبل الإساءة هو شخص طيب جدا”، وبالنسبة إليه قال “الجزائر منحتني كل شيء والآن أنا هنا لأمنحها كل ما أستطيع لأرجعها إلى مكانتها”.

مقالات ذات صلة