رياضة

تطور الكرة من تطور المجتمع والبلد!

حفيظ دراجي
  • 6435
  • 0

المتتبع للحراك الرياضي الحاصل منذ فترة في الأوساط الإعلامية والرياضية يلاحظ من دون شك ذلك التوجه العام لكثير من الإعلاميين والتقنيين والمتتبعين نحو السعي إلى التميز وتحقيق الأفضل في الأداء والنتائج الرياضية خاصة في مجال كرة القدم التي تتوجه نحوها الأنظار كل مرة من خلال إصرار متابعيها على ضرورة تألق المنتخب الوطني والنوادي دوما، وضرورة الارتقاء بالممارسة إلى المستوى الاحترافي، دون غيرها من الرياضات، ودون غيرها من المجالات الأخرى!

التركيز على المنتخب والنوادي واللاعبين، وعلى التكوين والتحكيم والتسيير في الكرة يعطي الانطباع بأننا بلغنا درجة عالية من التألق والتميز في كل الميادين، ولا ينقصنا سوى التألق في كرة القدم، لكن الحقيقة أننا نعاني في كثير من المجالات، وكرتنا تعاني بدورها لأنها جزء من منظومة سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية وثقافية مرتبطة ببعضها بعض، ولا يمكنها أن تتطور بمعزل عن تطور البلد والمجتمع ككل! 

جميل جدا أن يدعو الإعلاميون والفنيون إلى بلوغ الاحتراف والامتياز في كرة القدم لكن لا يمكن أن تكون لدينا كرة عصرية متطورة من كل الجوانب بدون استراتيجية رياضية وطنية ترتكز على منظومة قانونية وتنظيمية متكاملة تساهم فيها القطاعات الأخرى، والأجمل أن يدعو ويصر الإعلاميون على ضرورة التفوق والتألق في كل الرياضات وكل المجالات! 

لا يمكننا المطالبة بكرة متطورة ومنتخب متميز وبطولة قوية ولاعبين محترفين، ومستوى عال دون نوادي محترفة تملك مراكز تكوين وتدريب ومؤطرين مؤهلين وجماهير متفهمة تتحلى بالروح الرياضية وصحافة رياضية ملتزمة بأخلاقيات المهنة، تقوم بدورها الإعلامي والترفيهي والتثقيفي قبل أن تبحث عن الإثارة وتغذية العنف.  

لا يمكننا ترقية كرة القدم وتطويرها دون مسيرين نزهاء ومؤطرين أكفاء، ودون مرافق رياضية متطورة، وترسانة قانونية تحدد الواجبات وتحفظ الحقوق وتنظم الممارسة الرياضية وتراقب المال العام في إطار مشروع مجتمع شامل لكل القطاعات الأخرى التي تلتزم بدورها باحترام وتشجيع الامتياز والإبداع الرياضي والفكري والفني والعلمي على حد سواء!  

لا يمكننا أن نرتقي بالممارسة الكروية إلى مستوى عالٍ دون منظومة تربوية وصحية وفكرية تساهم في تنشئة الشبان على تقدير الجهد وتقديس الألوان الوطنية، والابتعاد عن كل أشكال التحايل والعنف وتناول المنشطات والتلاعب بنتائج المباريات.

في المجتمعات السوية والمتطورة تعتبر الممارسة الرياضية جزءا من مشروع مجتمع ومنظومة سياسية واجتماعية واقتصادية شاملة تتميز بالشفافية في التسيير، وترتكز على قواعد وقوانين يلتزم بها كل الفاعلين دون استثناء. ولأن منظومتنا متخلفة فإن رياضتنا لازمها التخلف والفشل في كل الرياضات التي تتخبط في مشاكل تنظيمية ومادية وفكرية لا تعد ولا تحصى، ولا يمكن أن تغطيها نتائج المنتخب الأول لكرة القدم الذي يرتكز على لاعبين مزدوجي الجنسية وليس على منظومة تنتج الرداءة والفشل.     

مقالات ذات صلة