جواهر
سياسيون ومختصون في‮ ‬ندوة الشّروق حول قانون العقوبات المعدّل

تعديلاتكم خراب للبيوت

جواهر الشروق
  • 16436
  • 82
مراد غرمول
جانب من الندوة

أجمع المتدخلون في‮ ‬ندوة الشّروق حول مصادقة البرلمان على قانون العقوبات المعدل،‮ ‬على أن العلاقة الأسرية بين المرأة والرجل لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يحدّدها القانون،‮ ‬وأن الإجراء الأخير جاء إرضاء لجهات خارجية ولم‮ ‬يكن نابعا من طلبات داخلية،‮ ‬مؤكدين أن مظاهر العنف الموجودة في‮ ‬المجتمع لا بد لها من حلول مدروسة وليس بتشديد العقوبات فقط‮.‬

 

نعيمة صالحي‮ ‬رئيسة حزب العدل والبيان‮:‬

الأعراف في‮ ‬المجتمع الذكوري‮ ‬كرّست مبدأ ضرب الزوج لزوجته

اعتبرت رئيسة حزب العدل والبيان نعيمة صالحي،‮ ‬بأن‮  ‬القضاء على العنف في‮ ‬المجتمع لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون فقط بسن قانون لمعاقبة الزوج المعنف للمرأة،‮ ‬وشددَت على أنه‮ ‬يجب تفعيل دور الأسرة،‮ ‬والمدرسة والمسجد وحتى العائلة للقضاء على جميع أشكال العنف دون المساس بالتلاحم الأسري‮.‬

‭ ‬ولم تخف صالحي‮ ‬تخوفها من عواقب تطبيق هذا القانون‮  ‬الذي‮ ‬يجرم حتى الأفعال اللفظية المرتكبة داخل حرم الأسرة،‮ ‬لتقول‮ “‬رغم أن القانون في‮ ‬بعض مواده جيد وخاصة تلك المتعلقة بالإهمال العائلي،‮ ‬إلا أن باقي‮ ‬المواد تبقى تثير القلق‮”‬،‮ ‬وأكدت رئيسة حزب العدل والبيان على أنها اقترحت مرارا وتكرارا في‮ ‬البرلمان وغيره من المناسبات إنشاء مجلس أعلى للأسرة لأنه-حسبها‮- ‬كفيل بتنظيم الأسرة وحماية المرأة والأطفال من التشتت،‮ ‬وشرحت في‮ ‬السياق أهمية هذا المقترح والذي‮ ‬يستوجب‮  ‬تشكيل صندوق الزواج لمساعدة الشباب على الزواج‮  ‬والقضاء على مشكل العنوسة،‮ ‬وغيره من التحرشات الجنسية في‮ ‬الشوارع،‮ ‬وكذا تفعيل‮  ‬لجنة الصلح والتي‮ ‬تتكفل بحل المشاكل الأسرية قبل الوصول إلى أبغض الحلال عند الله ألا وهو الطلاق،‮ ‬مشيرة إلى أن الدولة الجزائرية لديها كل الإمكانات لإنجاح هذا المشروع والذي‮ ‬يساهم في‮ ‬المحافظة على الأسرة،‮ ‬لتعتبر بأنه كان الأولى‮  ‬بالحكومة تهيئة المناخ الملائم للأسر الجزائرية والتوعية في‮ ‬المدرسة وفي‮ ‬المسجد بأهمية الروابط الأسرية قبل سن عقوبات ردعية للحد من العنف الممارس ضد الزوجة لكنها ستؤثر أكثر على الروابط الأسرية وعلى حياة الأطفال ونفسيتهم‮.‬

‭ ‬وقالت صالحي‮ ‬بأن الدين الإسلامي‮ ‬حفظ كرامة المرأة وصانها‮  ‬قبل القوانين الوضعية،‮ ‬لتؤكد على أنها ليست بحاجة إلى قانون في‮ ‬وجود القرآن الكريم الذي‮ ‬صانها ودافع عن حقوقها،‮ ‬ولكن ـ تقول ـ المشكل‮ ‬يمكن في‮ ‬تطبيق النص القانوني‮ ‬والذي‮ ‬تلاعب به الرجل لصالحه،‮ ‬كما ساهمت التقاليد والأعراف والتربية الأسرية التي‮ ‬تمجد النزعة الذكورية في‮ ‬حرمان المرأة من حقها في‮ ‬التعبير عن مواقفها وفي‮ ‬اضطهادها وتعنيفها،‮ ‬لتشير إلى أن الأعراف الجزائرية دون وعي‮ ‬كرست مبدأ ضرب الزوج لزوجته والأخ لأخته حتى صار ذلك مظهرا من مظاهر الحياة اليومية للعائلات الجزائرية،‮ ‬وفي‮ ‬هذا السياق،‮ ‬شددَت على دور المسجد والخطاب الديني‮ ‬في‮ ‬المساهمة في‮ ‬هذه الثقافة الخاطئة وهذا عن طريق التفسيرات الدينية‮  ‬المتعصبة والمغلوطة والتي‮ ‬غالبا ما تعطي‮ ‬الحق للرجل‮  ‬مقابل المرأة‮.‬

وأشارت ذات المتحدثة إلى أن القانون الذي‮ ‬تمت المصادقة عليه أمام البرلمان نهاية الأسبوع والمتعلق بتجريم العنف ضد المرأة،‮ ‬تم من قبل‮ “‬برلمان‮ ‬غير تمثيلي‮”‬،‮ ‬لتعتبر أنه لم‮ ‬يتم استشارة كافة الطبقة السياسية فيه‮. ‬ولم تراع فيه خصوصية المجتمع الجزائري‮ ‬رغم أن بعض مواده جاءت لحماية المرأة من تعسف الرجل‮.‬

‭ ‬

أحمد قوراية بروفيسور في‮ ‬علم النفس ورئيس حزب الشباب الديمقراطي‮:‬

المرأة هي‮ ‬أول من‮ ‬يرفض تجريم زوجها وإدخاله السجن

تساءل البروفيسور في‮ ‬علم النفس ورئيس حزب الشباب الديمقراطي‮ ‬أحمد قوراية،‮ ‬عن سبب إدراج مواد قانونية تخص الأسرة في‮ ‬قانون العقوبات،‮ ‬مستغربا‮  ‬جدوى العقوبات الردعية داخل الأسرة،‮ ‬معتبرا تمرير قانون بهذا الشكل سيساهم أكثر في‮ ‬خراب البيوت،‮ ‬ليصرح‮ “‬أول من سيرفض القانون هي‮ ‬المرأة لأنها ستكتشف معاناة أكثر بعدها‮”.‬

وأوضح قوراية بأن المرأة ستكتشف بعد مرور الوقت أن القانون لن‮ ‬يخدمها بقدر ما سيضرها لأنها ستخرب بيتها بيديها،‮ ‬مضيفا أنها إن أدخلت زوجها السجن فما الذي‮ ‬سيبقى في‮ ‬الرابطة الزوجية وسيكون مآلها التفكك،‮ ‬والأطفال في‮ ‬الأخير سينحرفون في‮ ‬غياب الرعاية الأبوية‮.‬

وقال قوراية بأن الأسرة الجزائرية لا تحتاج إلى قانون‮  ‬لتنظيم سلوكاتها،‮ ‬ليضيف‮ “‬قانون العقوبات جريمة في‮ ‬حق الأسرة‮”‬،‮ ‬مشيرا إلى أن المشرع الجزائري‮ ‬خضع‮  ‬لضغوطات أجنبية لسن هذا القانون لمواكبة أطروحات تمس بالدين الإسلامي‮ ‬وقيم المجتمع الجزائري،‮ ‬مصرحا‮ “‬بهذا القانون هم‮ ‬يريدون الذوبان في‮ ‬ثقافة الآخرين‮”‬،‮ ‬وأشار في‮ ‬السياق إلى أن المخطط الغربي‮ ‬يبحث عن تكريس الانفرادية في‮ ‬الجزائر وتفكيك الروابط الأسرية من خلال أكذوبة الدفاع عن حقوق المرأة‮  ‬والقضاء على العنف‮.‬

وشدَد البروفيسور في‮ ‬علم النفس على أن تطبيق هذا القانون ستكون له عواقب وخيمة على المجتمع الجزائري‮ ‬والأسرة الجزائرية،‮ ‬خاصة من خلال المساهمة في‮ ‬ارتفاع حالات الطلاق،‮ ‬وكذا تشتت الأطفال وتدمير نفسيتهم،‮ ‬وهو المخطط الصهيوني‮-‬يقول‮- ‬الذي‮ ‬يسعون لتحقيقه في‮ ‬المجتمع الجزائري‮ ‬المعروف بالترابط الأسري،‮ ‬المبني‮ ‬على المودة والرحمة،‮ ‬حيث سيقضون على كل هذه الصفات عن طريق قوانين هدامة للأسرة‮.‬

‭ ‬وعاد قوراية للتأكيد على أن البرلمان الذي‮ ‬صوت على‮  ‬هذا القانون لا‮ ‬يمكنه أن‮ ‬يمثل أو‮ ‬يفهم المتجمع الجزائري‮  ‬لأنه لو فهمه أو عرفه لما وافق على هذه المهزلة،‮ ‬وأضاف بأن الحل الأمثل للقضاء على العنف ضد المرأة‮ ‬يكمن في‮ ‬التنشئة والتربية الاجتماعية المبنية على التفاهم وعلى حفظ وصيانة كرامة المرأة،‮ ‬باعتبارها لها حقوق وواجبات مثلها مثل الرجل،‮ ‬أي‮ ‬مكملا له لا ندا في‮ ‬المجتمع‮.‬

‭ ‬

الخبير القانوني‮ ‬عمار رخلية‮:‬

قانون العقوبات المعدل جاء مغازلة للغرب وانعكاساته ستكون سلبية

‬اعتبر عمار رخيلة،‮ ‬أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر أن قانون العقوبات المصادق عليه بالمجلس الشعبي‮ ‬الوطني‮ ‬لاسيما في‮ ‬شقه المتعلق بالعنف ضد المرأة جاء متسرعا ولم تؤخذ فيه جميع الجوانب الضرورية في‮ ‬صياغة أي‮ ‬قانون،‮ ‬خاصة الجانب الاجتماعي،‮ ‬مضيفا أن الطريقة التي‮ ‬طرح بها هذا القانون‮ ‬يراد من خلالها مغازلة مباشرة للدول الغربية في‮ ‬محاولة للظهور بمظهر المستجيب‮.‬

كما أكد الخبير في‮ ‬القانون أن المشرع الجزائري‮ ‬كان الأحرى به أن‮ ‬يأخذ لدى طرحه لنص هذا المشروع بعين الاعتبار الإجراءات الوقائية العلاجية بدل طرح هذا القانون بصفته الردعية التي‮ ‬من شأنها أن تحمل انعكاسات سلبية في‮ ‬المستقبل القريب‮.‬

معتبرا أن المصادقة على قانون العقوبات المعدل والمتمم سيفتح المجال أمام المصادقة على قوانين أخرى كانت الجزائر في‮ ‬وقت سابق متحفظة عليها لما تحمله من تدخل في‮ ‬الشؤون الداخلية للجزائر،‮ ‬من خلال ضغوطات تكون‮ ‬غير مباشرة تمر عبر قوانين‮ ‬يصادق عليها نواب الشعب‮.‬

وأضاف رخيلة أن النقلة التي‮ ‬عرفها المجتمع الجزائري‮ ‬والترقية التي‮ ‬تحصلت عليها المرأة جاءت بناء على التنمية والتطور الملحوظ للمجتمع وليس على جملة القوانين التي‮ ‬تصاغ‮ ‬استجابة للضغوطات الخارجية،‮ ‬معتبرا أن الطريقة التي‮ ‬طرح بها قانون الأسرة والذي‮ ‬كان محل نقاش وجدل كبير بسبب وجود فئة رافضة له على أساس أنه مستمد من التشريع الإسلامي‮ ‬زاده التعديل الذي‮ ‬كان في‮ ‬سنة‮ ‬2005‮ ‬بتعليمة رئاسية وليس بمطلب شعبي،‮ ‬أسباب جعلت من هذه القوانين بعيدة عن المطلب الشعبي‮.‬

مضيفا أن قضية العنف ضد المرأة لن تعالج بقوانين ردعية التى أبانت في‮ ‬وقت سابق أنها لا تنفع في‮ ‬المجتمع،‮ ‬خاصة وإن رأينا أن القوانين السابقة مثل قانون النفقة الذي‮ ‬لحد الساعة لم تحل على مستوى المحاكم برغم من الإجراءات الردعية‮.‬

‭ ‬

محمد حديبي،‮ ‬قيادي‮ ‬في‮ ‬حركة النهضة‮:‬

السلطة أفلست وتعول على المرأة لتفعيل شرعيتها من جديد

أكد القيادي‮ ‬في‮ ‬حزب النهضة،‮ ‬محمد حديبي،‮ ‬أن النظام الجزائري‮ ‬يعيش أزمة شرعية على المستويين الداخلي‮ ‬والخارجي،‮ ‬جعلته‮ ‬يبحث عن أوراق‮ ‬يوظفها لاكتساب شرعية جديدة،‮ ‬حيث فكر في‮ ‬اللجوء إلى المرأة وكسب استعطافها لرفع منسوب شرعيته التي‮ ‬فقدها بفشله في‮ ‬تحقيق مختلف المشاريع التنموية‮.‬

وأوضح محمد حديبي‮ ‬في‮ ‬ندوة‮ “‬الشروق‮”: “‬أنه كان من المفروض وقبل أن نصل إلى وضع هذا القانون والمصادقة عليه،‮ ‬كان على السلطة أن توفر بعض آليات الحوار على‮ ‬غرار فتح مدارس التكوين العائلية،‮ ‬أين‮ ‬يتم تكوين هؤلاء الأزواج في‮ ‬فترة الخطوبة،‮ ‬ولكن للأسف السلطة لجأت إلى تطبيق القانون مباشرة،‮ ‬ولهذا فإن تطبيق هذا الأخير هو استجابة لضغوطات أجنبية لكسب الشرعية الدولية في‮ ‬ظل الإفلاس الذي‮ ‬تعانيه السلطة وإعطائه شرعية أكثر لتواصل السلطة في‮ ‬تنفيذ سياستها تجاه الجزائر لأنها تملك سندات خارجية‮”.‬

وأشار حديبي،‮ ‬إلى أن هذا القانون،‮ ‬ناتج عن مخططات جمعيات‮ ‬غربية مشبوهة،‮ ‬ضغطت على الأنظمة الغربية،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فإن السلطة اليوم مجبرة على تلبية رغبات أطراف أجنبية لتحصل بذلك على شهادة‮ “‬إزو‮” ‬دولية في‮ ‬التفكك الأسري‮ ‬نتيجة تنازلها وتخليها عن القيم الخاصة بالجزائريين،‮ ‬وأكد المتحدث في‮ ‬سياق متصل أن المشروع ستكون له عواقب وخيمة على المجتمع والدولة معا،‮ ‬حيث قال‮: “‬يوجد رفض لهذا القانون ولا تتصوروا أن الأمر سيمر بسلام،‮ ‬خاصة وانه ستنجر عن تشريع هذا القانون جملة من المشاكل على المجتمع من بينها ارتفاع نسبة الطلاق،‮ ‬والتفكك الأسري‮ ‬وغيرها من الآفات الاجتماعية الخطيرة‮”‬،‮ ‬وتابع حديبي‮: “‬نحن لا نشجع على ضرب المرأة،‮ ‬لأنه أسلوب‮ ‬غير حضاري،‮ ‬ولكن إذا كان المشرع‮ ‬يدرك واقع الجزائريين ونمط تفكيرهم وحياتهم فكيف بقوم بتشريع قانون مناف لخصوصيات هذا المجتمع؟‮”.‬

ومن جهة أخرى،‮ ‬تساءل القيادي‮ ‬في‮ ‬حزب النهضة محمد حديبي‮ ‬عن خلفية المصادقة على هذا القانون في‮ ‬هذا الوقت بالذات،‮ ‬حيث قال‮: “‬يجب أن ننظر إلى هذا القانون من زاوية أخرى،‮ ‬وهي‮ ‬لماذا تمت المصادقة على هذا القانون في‮ ‬هذا الوقت بالذات؟ هل‮ ‬يعد هذا القانون أولوية في‮ ‬الوقت الراهن؟ هل أزمة الجزائريين اليوم محددة في‮ ‬مشكل‮ “‬المرأة؟‮”‬،‮ ‬منذ‮ ‬1962‮ ‬إلى‮ ‬غاية الآن لم تتخذ السلطة قرارا‮ ‬يدعم الهوية الوطنية،‮ ‬وترك مشروع تكوين المجتمع الجزائري‮ ‬في‮ ‬تجاذب بين مشروع عربي‮ ‬مسلم ومشروع أوروبي‮ ‬أورو متوسطي،‮ ‬ولكن مع مجيء الرئيس الحالي‮ ‬للبلاد،‮ ‬فصل في‮ ‬مشروع المجتمع بالاتجاه نحو المشروع الأورو متوسطي،‮ ‬ونلاحظ ذلك من خلال عدة مواقف،‮ ‬حيث تتعمد السلطة سلخ كل الأدوات المتعلقة بهوية وأصالة المجتمع الجزائري،‮ ‬في‮ ‬مقدمتها اللغة،‮ ‬ثم أسس الدين الإسلامي‮ ‬وهو دين الدولة،‮ ‬التفسخ،‮ ‬إلغاء حكم الإعدام،‮ ‬قضية إلغاء ركن الولي‮ ‬في‮ ‬الأسرة،‮ ‬ونلاحظ أن النظام الاستعماري‮ ‬الفرنسي‮ ‬لم‮ ‬يتجرأ على تغيير المنظومة الاجتماعية للأسرة لجزائرية،‮ ‬ولكن هؤلاء فعلوا ذلك،‮ ‬وترك محاكم إسلامية خاصة بتنظيم حياة الجزائريين‮.

مقالات ذات صلة