-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تعريبُ ثلاث وزارات فقط.. لماذا؟!

حسين لقرع
  • 1305
  • 0
تعريبُ ثلاث وزارات فقط.. لماذا؟!

في الذكرى السابعة والستّين لثورة أول نوفمبر، نشعر بأنّ الحاجة باتت ماسّة إلى ثورةٍ أخرى لاستكمال سيادتنا الوطنية في شقّها المتعلّق باللغة، في ظلّ استمرار هيمنة اللغة الفرنسية على الإدارات والمؤسَّسات والهيئات المختلفة والمحيط العامّ، وتواصلِ تهميش اللغة الوطنية والرسمية الأولى للبلاد في عقر دارها.

صحيحٌ أن التعريب حقّق منذ الاستقلال خطواتٍ معتبرة وخاصة في التعليم، وفي بعض الوزارات والإدارات، آخرها ثلاث وزارات أعلنت الشروع في تعريب وثائقها ومراسلاتها، ولكنّ العملية لا تزال طويلة ويكتنفها لبسٌ وغموض يفوق ما يكتنف مسألة تقديم مقترح قانون تجريم الاستعمار للبرلمان للتصديق عليه.

لا نفهم لماذا يقتصر الأمر على ثلاث وزارات فقط وتُترك وزاراتٌ أخرى كالنقل والصِّناعة والأشغال العمومية والمالية وغيرها تُواصل استعمال الفرنسية في وثائقها وتعاملاتها اليومية وكأنّ شيئا لم يكن؟ هل يُعقل مثلا أن لا تجد أيّ أثرٍ للُّغة العربية في المصارف بعد مرور 59 سنة كاملة على استقلال البلاد؟ إذا كانت هناك عملية تعريب، فيجب أن تعمَّ كلّ الوزارات والإدارات والمؤسّسات في عمليةٍ شاملة وجريئة تعبِّر عن توفُّر إرادة سياسية قوية هذه المرة بعد طول تردّدٍ في العقود الماضية؛ إذ كان التعريبُ يشهد في كلّ مرة خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء، ومن أبسط الأدلّة على ذلك أن وزارة البريد قد قرّرت منذ نحو أربع سنوات، تعريب كلّ وثائقها ومراسلاتها وتعاملاتها، لكنّ القرار بقي حبرا على ورق، والأرجح أن هناك أطرافا فوقية في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة تدخّلت وأثنت الوزيرةَ السابقة إيمان هدى فرعون عن قرارها، والأمرُ ذاتُه ينطبق على وزارة التجارة التي أصدرت في أوت 2019، قرارا مفاجئا بتعريب واجهات المحلّات، وحدّدت للتجار مدّة أسبوع واحد فقط لتنفيذه، لكنّ دار لقمان بقيت على حالها، وظلّت أغلب المحلات وحتى الشركات العمومية والخاصة تحمل لافتاتٍ باللغة الفرنسية، حتى يُخيَّل إلى أيِّ عربي أو أجنبي يزور الجزائر العاصمة ومدنا كبرى أخرى أنّه يزور مدنا فرنسية لا جزائرية!

لذلك نقول إنّ الأمر يحتاج إلى ثورة أخرى لاستكمال استقلال البلاد عبر استعادة سيادتها اللغوية.. من غير المعقول أن يتواصل هذا الوضع بعد 59 سنة كاملة من الاستقلال، والذين يتحجَّجون بضرورة “التدرُّج” يردِّدون هذه الذريعة منذ ستّة عقود بهدف عرقلة عملية تعميم استعمال اللغة العربية.. “التدرُّج” كان مفهوما في الستينيات، ولكنّ ليس في أواخر سنة 2021، هل يحتاج مثلا استبدالُ لافتةٍ مكتوبة بالفرنسية بأخرى مكتوبة بالعربية، أو تعريبُ وثيقةٍ إدارية بسيطة، إلى “تدرُّج” ووقت؟

صراحة، إنَّ اقتصار التعريب على ثلاث وزارات وترك باقي الوزارات والإدارات والهيئات وشأنها، يغذّي المخاوف التي أثارها منذ نحو أسبوعين مواطنون كثيرون، ونحن منهم، من أن تكون العملية ظرفية ومجرّد ردّ فعل على تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المسيئة لتاريخ الأمة الجزائرية، وليس قناعة تبلورت أخيرا لدى السلطات بضرورة استكمال استقلال البلاد باستعادة سيادتها اللغوية، وفق خطّةٍ واضحة المعالم لتعريب شامل لكلّ القطاعات. ونأمل أن نكون مخطئين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!