الجزائر
محاولات انتحار جماعية تحول الليلة التي تسبق العطلة إلى كابوس

تلاميذ يخيرون أولياءهم بين قبول النتائج الضعيفة أو الهروب!

زهيرة مجراب
  • 1680
  • 4
أرشيف

لجأ العديد من التلاميذ إلى الهروب من منازلهم العائلية أو خوض محاولات انتحار، للتملص من العقاب الذي ينتظرهم بعد إعلان نتائج الفصل الثاني، حيث شكلت المعدلات الضعيفة وملاحظات الأساتذة زيادة على تهديدات ووعيد الأولياء ضغطا مضاعفا عليهم، لتتحول الليلة التي تسبق العطلة إلى موعد لتشديد الرقابة والحراسة حتى تمر من دون حوادث، وهذا ما جعل الكثير من الأولياء يقبلون بنتائج أبنائهم الضعيفة ويبتعدون عن التأديب والتأنيب خوفا من هروبهم أو انتحارهم..
سلطت حادثة محاولة ثلاث تلميذات يدرسن في الطور المتوسط ببلدية مفتاح شرق ولاية البليدة، على وضع حد لحياتهن بتناول “سم الفئران” داخل المؤسسة التعليمية التي يزاولن فيها دراستهن بعدما تحصلن على نتائج ضعيفة في الفصل الثاني، الضوء على حوادث الانتحار والهروب المتكررة وحالة الرعب والذعر التي تعيشها المنازل عشية كل إعلان عن نتائج الامتحانات.
واعتبرت المختصة في علم النفس، الأستاذة سليمة موهوب، ما يقدم عليه التلاميذ نتيجة حتمية للحوار الدائر في محيط التلاميذ بالدرجة الأولى فالأولياء يطالبون فلذات أكبادهم بنتائج جيدة، وأحيانا يلجؤون إلى مقارنتهم بتلاميذ آخرين في محيطهم سواء أشقائهم أو أبناء جيرانهم ومعارفهم، مما يولد ضغطا كبيرا على التلميذ فحتى ولو لم يكن هناك عقاب أو ضرب في العائلة فيهرب التلميذ من المنزل حتى لا يضطر لمواجهة الضغط النفسي الذي يعيشه.
كما ترى المختصة أن هناك حالات يكون سببها الشعور بالذنب تجاه الأب أو الأم فهم يرغبون دوما في أن يكون ابنهم أفضل منهم ويشرفهم بنجاحه الدراسي، فعندما يعجز التلميذ عن تحقيق ذلك يتولد لديه إحساس بالذنب تجاههما ويبقى العامل الأخير، على حسب المختصة هو العقاب فهناك أولياء يتفننون في ضرب أبنائهم وعقابهم، وبعض الحالات توفوا بسبب الضرب المبرح غير أن هذه الأمور ترجع لنفسية التلميذ والظروف التي نشأ فيها، تواصل الأخصائية النفسانية فهناك من يتجاهل هذا الضغط وحتى لو عوقب بالضرب يتجاوزه وهناك من لا يقوى على التحمل فتكون النتيجة الهروب أو محاولة الانتحار.
من جهته، حذر رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، بن زينة علي، من تزايد هذه الظاهرة وتكررها نهاية كل فصل دراسي مقابل عدم تحرك وزارة التربية للحد منها، وأرجع المتحدث الأمر للمناهج والبرامج الدراسية الموجودة والفارغة من القيم الروحية والتربوية، فالطفل حاليا لا يتلقى دروسا في الاعتماد على النفس أو التأقلم مع الحياة بحلوها ومرها وسبل مواجهة النجاح والإخفاق، وكل فشل ليس نهاية العالم بل هو بداية لمرحلة جديدة في حياته فلا توجد أي برامج أو دورات تحسيسية. وحذر بن زينة من النتائج الضعيفة في هذا الفصل “تحت المتوسط” مما سيزيد من حالات الهروب والانتحار.
وحمل المتحدث الأساتذة شطرا من المسؤولية نظرا للكم الكبير من الإهانات التي يوجهونها للتلاميذ الضعفاء ليقع التلميذ بين جحيم الإهانات والضرب في المدرسة والمنزل فلا يكون أمامه من حل سوى الهروب، وسرد لنا المتحدث حكاية طفل يبلغ من العمر 14 سنة، من ولاية سعيدة، شتمته الأستاذة وعنفته ووصفته بـ”الحمار” فغضب التلميذ خصوصا أن المدير لم يتدخل لتهدئة الوضع بل زاد الطين بلة بطرده من القسم، ليخرج التلميذ ويشتري حبلا ويضع به نهاية لحياته، فالإشكال الحالي يكمن في استقالة الأساتذة من مهمتهم فلم يعد الأطفال يجدون من يعلمهم ويربيهم.

مقالات ذات صلة