الجزائر
المواطنون يتداولون بشأنه قصصا أقرب إلى الأساطير

“ثعبان الضريح” يفرض حظر التجوال في قرية بباتنة

الشروق
  • 17786
  • 21
ح.م

يعيش سكان مشتة أولاد سي علي في بلدية الجزار بولاية باتنة هذه الأيام على وقع حذر كبير مصحوب بهلع وخوف من خروج ثعبان قد يفعل الأفاعيل إذا ما ترك وشأنه، حيث يظهر ليلا ويختفي بالنهار، وفرض حظر التجول على كثير من الناس، خاصة النساء والأطفال.
البداية كانت قبل نحو أيام عندما حذر شخصان قدما من منطقة برج باجي مختار في أقصى الجنوب الجزائري، من وجود ثعبان طويل، علما أنهما جاءا إلى المنطقة قبل نحو 6 أشهر من أجل العمل في مجال الرعي والفلاحة، وقد أخبرا بأنه يظهر كل ليلة بين منتصف الليل والواحدة صباحا، ويأتي من مكان بعيد، حيث يتوجه إلى ساقية متفرعة عن بئر ارتوازية قرب مسجد المشتة، فيشرب منها الماء، وسرعان ما يختفي. ووجها نداء بعدم محاولة قتله لأنه ليس بالعادي، وهما صاحبا خبرة في اصطياد الثعابين. وهي الرواية التي أدخلت المشتة برمتها في حالة خوف وحذر، وحتى بحث مضن بالنسبة إلى البعض، ولم يعثروا عليه رغم تجندهم، اللهم إلا آثار زحف.
وقمنا بجولة إلى المشتة للوقوف على واقع هذه الحادثة، ومع أننا لم نجد الراعيين، حيث عادا إلى برج باجي مختار لقضاء بعض الأيام هناك، إلا أننا التقينا مع الكثير من أهالي المنطقة، ووجهونا إلى السيد عبد الله لكونه يملك الرواية الكافية في الموضوع، وعندما التقيناه كان أول ماقاله لنا مازحا: “لا أفيدكم بأي معلومة عن الثعبان، حتى تبلغوا عني بأنني أريد زوجة رابعة” وقال هذا الكلام لأنه متزوج بـ3 نسوة، ويجمع بينهن في بيت واحد، وبسبب ذلك صار محل اهتمام وجلب نظر الناس، وحتى نربح بعض الوقت قلنا له: “هذا موضوع آخر، وقد تتاح لنا الفرصة للتكلم فيه، بالله عليك أخبرنا عن سر الثعبان”.
لم يتوان عبد الله في القول بأن الكثير من أبناء المنطقة صار يمتنع عن قضاء حاجياته، وعن المشي في المسلك الذي وجدت به آثار الزحف منذ ظهور هذا الثعبان قبل أيام. أما الأطفال ـ يضيف محدثنا ـ فقد حرموا من جني “النبق” من السدر وها أنت ترى كيف هي ملأى بحبات “النبق” وإنما أحجم الأطفال عن الاقتراب منها لأنها مأوى الثعابين في الغالب.
وردا عن سؤالنا حول أوصاف الثعبان، قال عبد الله: “لم أتمكن من مشاهدته بعد، وأنا في انتظار عودة الراعيين من برج باجي مختار، لكن هناك احتمالات بأن يكون هذا الثعبان ثاني اثنين ظهرا قبل نحو 40 سنة، وكان أهالي المشتة قد هبوا آنذاك على الأحصنة حاملين بنادقهم وتمكنوا من القضاء على أحدهما، ولا نرى إلا أن يكون هذا هو الثاني لأن نوعا من الثعابين العملاقة قد تعمر لأكثر من 100 عام”.

هذا ما أوصانا به الأجداد!

غير أن رجلا آخر ممن أحاطوا بنا أخبرنا بأن هذا الثعبان ما هو إلا ذلك الذي يظهر بضريح الولي الصالح سيدي سعيد على بعد نحو كيلومترين، حيث يضيف: “في ضريح الولي الصالح سيدي سعيد، يظهر ثعبان منذ الأزل، كثيف الشعر، أخضر اللون، يزحف بالضريح ويحتك بإزاراته دون أن يمس أحدا بسوء، وهو محل وصية أسلافنا، حيث توارثنا هذه الوصية أبا عن جد بألا نتعرض له بأي أذى” وقد رجح هذه الرواية عدد ممن التقيناهم. ومهما تضاربت آراؤهم فهم يجمعون على ضرورة الترصد له بغية ضبطه بالساقية، ومنهم من اقترح وضع كاميرات مراقبة قرب المسجد من أجل التقاط صوره، لأن بعض الفضوليين لم يتمكنوا من رصده، وعادوا أدراجهم خوفا منه بمجرد أن رأوا آثار زحفه.
أما إمام المسجد فأراد أن يهدئ من روع الساكنة، واعتبر أن هذه الروايات لا أساس لها من الصحة، خاصة أنها تتجدد كل عام بنفس الطريقة والتفاصيل، مع أن السكان لا يزالون في انتظار عودة الراعيين على أحر من الجمر، خاصة بعدما رأوا عزمهما على اصطياده، والقبض عليه حيا.

مقالات ذات صلة