رياضة

ثكنة عسكرية قبل المونديال

ياسين معلومي
  • 6520
  • 24

يبدو أن المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم كتب الله له “الشقاء” قبل كأس العالم مع طاقم فني لم يحفظ جيدا المشاركة الكارثية للتشكيلة الوطنية في كأس إفريقيا سنة 2013، أين خرج صفر اليدين نتيجة وأداء. وأظهر للجميع أن الدخول في معسكر طويل المدى بعيدا عن أعين النقاد والمختصين يحدث مللا واختلافا بين اللاعبين. وتصل الأمور تارة إلى حد الاشتباك بالأيدى. وهذا نظرا إلى الضغط الذي يعانون منه لمدة طويلة قد تصل إلى شهر كامل.

لا أفهم، كغيري من المتتبعين، نمط التحضير المعد من طرف الخضر لمنافسة بحجم كأس العالم، ولا البرنامج الذي أعده المشرفون على كتيبة الخضر، ولا حتى القائمة النهائية التي تشارك في البرازيل، وكأن ذلك سر نووي يصعب التوصل إليه، في عالم أصبحت فيه المعلومة تنتشر في ثوان وبسرعة البرق.

بعض اللاعبين الذين تحدثنا إليهم خفية عن أعين الطاقم الفني أبدوا امتعاضهم من مخطط البوسني، الذي أبعدهم من الاحتكاك بالغير، وتسبب لهم في ضغط رهيب وجو مشحون، قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، ونخرج بنفس النتائج التي حصلنا عليها في كأس إفريقيا السابقة، لأننا لم نحفظ درس الدخول المبكر إلى جنوب إفريقيا والخروج المبكر منها، وحتى تهديداته متواصلة لبعض اللاعبين من دون غيرهم.

وأنا أتابع أخبار منافسي الخضر في كأس العالم أعجبتني طريقة المدرب البلجيكي ويلموتس، الذي يعطي كل صغيرة وكبيرة عن المنتخب للصحافة والشعب البلجيكي بواسطة تغريدة من توتير، حسابه في التواصل الاجتماعي، وحتى مدرب المنتخب الروسي الداهية كابيلو يتعامل يوميا مع صحافة بلده، حتى يبعد الضغط عن لاعبيه ويضعهم في راحة وسكينة ويدخلوا المنافسة دون قيود ولا ضغوطات.. وهي الأمور التي لا نجدها في منتخبنا الجزائري الذي يعيش في مركز سيدي موسى الشبيه بثكنة عسكرية، لا يستطيع أي صحفي أو مسؤول الاقتراب منها، ولو حتى لإلقاء السلام على اللاعبين وتحفيزهم وإبعاد الضغط عنهم.

الناخب الوطني أو الجنرال “خاليلوزيتش” الذي لم يعلن بعد عن القائمة النهائية المشاركة في المونديال، استدعى 30 لاعبا للدخول في تربص سيدي موسى، لكنه أرسل تذاكر السفر لـ25 لاعبا، واستغنى عن خمسة لاعبين، هم قراوي وبودبوز وخوالد وجبور وقادير، في انتظار ضحيتين أخريين… يحدث هذا دون أن يعلن الناخب الوطني للعلن أي معلومة في هذا الإطار… ربما لمراوغة منافسيه في كأس العالم الذين فضلوا الكشف عن مستجدات منتخباتهم ويعملون في حرية كبيرة متأكدين من تخطي عقبة منافسيهم.

سياسة الأرض المحروقة إعلاميا والمنتهجة منذ سنوات في المنتخب الوطني، والتي تحرم اللاعبين والمدرب من الحديث إلى الجزائريين عبر وسائل الإعلام، وغالبا ما يفضلون القنوات الأجنبية لتمرير رسالتهم إلى الجزائريين.. ممارسات لا نستطيع السكوت عنها اليوم، لأننا نعرف أن الزملاء الذين سيتنقلون إلى البرازيل لتغطية الحدث العالمي لصحفهم وقنواتهم سيعانون الويلات، ويعودون إلى الجزائر وفي ذاكرتهم: “الجزائري يقهر أبناء جلدته.. ويفضل ذلك الأعجمي الذين قهرنا لأكثر من قرن.. ولا يزال يسيطر على عقولنا وأفكارنا إلى اليوم”. أعرف أن كلامي سيذهب هباء منثورا، وربما يضر البعض، لكن الحياة مستمرة والمنتخب الوطني يعاني في صمت فلا داعي للوقوف عند الأطلال بعد كأس العالم، لأن البكاء والنواح لا يكفيان، والعودة إلى الأصل فضيلة..

مقالات ذات صلة