-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ثورة الفرنكوش!

حسين لقرع
  • 1846
  • 10
ثورة الفرنكوش!
ح.م

نعترف أنّ وزير التجارة كمال رزّيق قد فاجأنا تماماً بقرار تعريب لافتات المحالّ التجارية؛ ذلك أنّ عملية تعميم استعمال اللغة العربية عرفت جمودا كبيرا منذ صدور قانون التعريب في 16 جانفي 1991 إلى حدّ الساعة، ولم تحقّق العملية تقدّما يُذكر سوى في قطاعات محدودة، ثم انتكست بسبب طغيان نفوذ الفرنكوش من بقايا دفعة لاكوست في الجزائر، ونشرهم الفرنسية على نطاق واسع، حتى تجرّأوا على قطاع التربية نفسه الذي يعدّ حقلا خالصا للغة العربية، وكادوا ينجحون في فرْنسة الموادّ العلمية للتعليم الثانوي، لولا وقوف أنصار العربية ضدّهم على قلب رجلٍ واحد.

قرارُ وزير التجارة يأتي في ظرفٍ تعرف فيه العربية تقهقرا مستمرّا وتهميشا كبيراً في عقر ديارها، في حين تشهد الفرنسية انتشارا متواصلا؛ الكثيرُ من الإدارات والمؤسسات والهيئات العمومية لا تكلّف نفسها عناء تعريب وثائقها ومراسلاتها ومعاملاتها اليومية، وتتعامل بالفرنسية وكأنّها “لغةٌ وطنية” وليست أجنبية، وامتدّ الوباءُ إلى المؤسسات الخاصة وحتى المحالّ التجارية التي يرفع الكثيرُ منها لافتاتِه بالفرنسية وحدها، حتى أضحى الزائر لعاصمة البلاد يعتقد أنها مجرّد مدينة ملحقة بباريس وليست مدينة جزائرية، ما دفع الكثير من العرب الذي زاروا البلاد إلى التساؤل في كلّ مرة باستغرابٍ وذهول عن سرّ تفضيل الجزائريين –بصيغة التعميم- لهذه اللغة الأجنبية وتهميش لغتهم الرسمية برغم مرور سنوات طويلة على استقلال بلادهم؟!

وإذا كان قرار الوزير كمال رزّيق قد فاجأنا، بعد أن يئسنا من إمكانية تحقيق التعريب أيّ تقدّم في الظرف الحالي بسبب غياب أيّ إرادةٍ سياسية، فإنّ ردود أفعال الفرنكوش المناوئة لقرار الوزير لم تفاجئنا البتة، لأنّ السوابق السوداء لهذه الأقلية المتسلّطة في مجال مقاومة التعريب معروفةٌ وكثيرة، وقد كان لها دورٌ فاعل في تجميد القانون سنة 1992 ثم سنة 1998 حينما بعثه الرئيس الأسبق اليامين زروال بنصيحةٍ من مستشاره بتشين، يكفي فقط أن نذكّر بخروج أحد أحزابها في مظاهرات حاشدة ببلكور للمطالبة بتجميد القانون، قبل أيام فقط من موعد 5 جويلية 1998 الذي حُدِّد مجددا لاستكمال عملية تعميم استعمال العربية واستعادة الجزائر سيادتها اللغوية، فاضطرّ الرئيس زروال إلى الاستجابة للطلب لوأد فتنةٍ خطيرة كانت تطلّ برأسها في الأفق.

لذلك، توقّعنا أن يظهر الآن من ينتقد قرار الوزير رزّيق بشدّة ويطالبه بالاهتمام بتوفير الزيت والمواد الأساسية للجزائريين، وتركِ التجار يكتبون لافتاتهم بأيّ لغةٍ شاءوا، وأن يقوم أتباعُ فرنسا في الجزائر، بكلّ صفاقةٍ ووقاحة، بحملةٍ شرسة في شتى المواقع تطعن في اللغة العربية وتنعتها بأبشع الأوصاف والنّعوت، قصد إفشال العملية في مهدها، ودفعِ السلطة إلى التدخّل وإلغاء قرار الوزير، كما فعلت في مناسباتٍ سابقة، ومن ثمّة الإبقاء على هيمنة الفرنسية، وعلى تبعية الجزائر لفرنسا لغويّا بعد قرابة 60 سنة من الاستقلال!

أخيرا نتساءل: لماذا يقتصر الأمر على تعريب لافتات التجار؟ ماذا عن تعريب باقي المحيط والمؤسَّسات والإدارات والهيئات العمومية التي لا تزال الفرنسية تهيمن على وثائقها ومراسلاتها ومعاملاتها اليومية بشكل مُهين؟ لماذا ينبري وزيرٌ واحد لتطبيق جزءٍ من قانون التعريب؟ ماذا عن باقي الوزراء وقطاعاتهم؟ التعريبُ الناجح هو الذي يستند إلى إرادة سياسية واضحة وثابتة ويُنفَّذ وفق خطة عملٍ شاملة ولها آجالٌ محدّدة، وليس مجرّد جهد يقوم به وزيرٌ واحد، مع شكرنا الخالص لوزير التجارة على مبادرته. إن فراشةً واحدة لا تصنع الربيع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • تنهنان

    مثل هذه المقالات تعمل على تنويم الشعب ، بالله عليك يا أستاذ هل تعريب اللافتات سيحل مشكل الندرة والغلاء لعلمك أنه في مكة المكرمة اللافات مكتوبة بالأنجليزية وهي لغة بريطانيا التي باعت فلسطين ...

  • حق يقال

    للمعلق مبروك : يتفق علماء اللسانيات بأن أصعب لغة في عالمنا وهي الصينية في المرتبة الأولى تليها اللغة الكورية ثم اليابانية ثم العربية .... الخ لا تحتاج سوى ل 88 أسبوعا ( حوالي سنة ونصف ) لاتقانها نطقا وكتابة وفي المقابل يدرس الجزائري اللغة العربية وباللغة العربية : 5 أو سنوات في الابتدائي + 4 س في المتوسط + 3 س في الثانوي + 4 سنوات على الأقل في الجامعة أي 16 سنة على الأقل باللغة العربية ويتخرج بشهادة جامعية ولا يتقن هذه اللغة لا نطقا ولا كتابة وهذا ليس في الحزائر فقط بل في كل الدول العربية من المحيط الى الخليج . فأين يكمن الخلل ؟؟؟

  • بومبروك

    انشالله خطوة بخطوة حتى يشمل القرار كل الوزارات الغة العربية لغة الاسلام من اغنى اللغات في العالم يكفي نشوف المواد العلمية في الطب في سوريا يدرسونها بالعربية والاطباء السوريين لهم مستوى راق في الطب و اعرف منهم الكثير من الاطباء المحترفين وذوي مستويات تضاهي اصحاب الفرنكوش و الانجليز ايضا..هذا رد بسيط على ان العربية ضعيفة وليست علمية !!!

  • حقائق تاريخية

    للجزائري الحر : هذه هدية متواضعة أتمنى أن تقرأها بتأني ... : أما في حالة الأزمات العالمية وإذا تكلم الرصاص فالمسلم الجزائري يهب كالليث من عرينة للدفاع عن الأرض الفرنسية كما يدافع عن الأرض الجزائرية ولو لم تجنده فرنسا لسار للدفاع عنها متطوعا ..فنحن الجزائريين المسلمين العائشين في وطننا الجزائري والمستظلين بالعلم الفرنسي المثلث الألوان والمتحدين مع الفرنسيين إتحادا متينا .. نعيش مع الفرنسيين عيش الأصدقاء المخلصين نحترم حكومتهم ونطيع أوامرهم ..واذا جاءت ساعة الموت في سبيل الدفاع عن الوطن الفرنسي وعن الوطن الجزائري وجدونا في صفوفهم الأولى لنموت الى جانبهم موت الأصدقاء المخلصين " المصدر : كتاب اثار ابن باديس ص309 - 310 "

  • حقائق تاريخية

    للجزائري الحر : تقول أن : شعار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين هو: الجزائر وطننا الإسلام ديننا والعربية لغتنا . وماذا عن ما جاء في جريدة الشهاب العدد 43 : .. نحن فرنسيون نقوم نحو فرنسا بكل واجباتنا وهذه هي فكرة كل جزائري ؟ الا يناقض هذا شعارك : الجزائر وطننا ؟ وماذا عن ماجاء في جريدة الصراط بتاريخ 23 أكتوبر 1933 : نحب لأبنائنا أن يتعلموا اللغة الفرنسية لأنها لغة عالمية و "لغة الأمة " الا يناقض هذا شعارك : العربية لغتنا ؟ وماذا عن ما جاء في جريدة السنة 17 أفريل 1933.. لسنا أعداء فرنسا ولا نحن نعمل ضد مصالحها بل نعينها ... وما خفي أعظم

  • ح تاريخية

    للجزائري الحر : بين الشعارات والوقائع ما بين الأرض والشمس . فكم من حامل شعارات رنانة تمكن بها من الوصول لقلوب شعبه برمته لكن حقيقته تنفي تماما شعاراته . لا أدعي أننا تابعين لفرنسا .. ولا أدعي أن تبعيتنا حققت نهضة هادئة ... فحاول الاجتهاد أكثر لتفهم بأن تعليقي ليس الا نقلا حرفيا لما قيل من قبل جمعية العلماء المسلمين وفي الجرائد الناطقة باسمها لا أكثر ولا أقل ما جاء في تعليقي مأخوذ من جرائد الجمعية بالدليل والبرهان حيث يمجد هؤلاء العلماء : فرنسا ولغتها ومبادئها وديموقراطيتها ... ويقولونها صراحة : نحن متمسكين بفرنسا ومرتبطين بها ..... وأتحداك أن تثبت العكس .

  • جزائري حر

    إلى ح تاريخية: شعار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين هو: الجزائر وطننا الإسلام ديننا والعربية لغتنا، فلا تقتطع تصريحات تكتيكية من سياقها لتبرّر بها تبعيتنا اللغوية لفرنسا وتدّعي أنها هذه التبعية حققت لنا "نهضة هادئة" اين هي هذه النهضة المزعومة التي لا تراها إلا أنت؟

  • ح تاريخية

    في الجرائد الناطقة باسم جمعية العلماء نقرأ ما يلي : في جريدة الشهاب العدد 43 : .. نحن جزائريون مسلمون نحافظ على اسلامنا .. ونحن فرنسيون نقوم نحو فرنسا بكل واجباتنا وهذه هي فكرة كل جزائري... في جريدة الصراط بتاريخ 23 أكتوبر 1933 : .. نحب لأبنائنا أن يتعلموا اللغة الفرنسية لأنها لغة عالمية و لغة الأمة في جريدة السنة 17 أفريل 1933.. لسنا أعداء فرنسا ولا نحن نعمل ضد مصالحها بل نعينها في الشهاب العدد 52 : أسسنا مشروعنا على مبادئ فرنسا الديمقراطية التي برهنا كجميع الجزائريين على اخلاصنا لها وتعلقنا بها في جريدة الشريعة 17 جويلية 1933: إذا نظرتم وتأملتم حمدتم لهذه الجزائر الفتية نهضتها الهادئة وتمسكها المتين بفرنسا وارتباطها القوي بمباديها .. والسؤال الذي يطرح نفسه : هل قائلوا هذه العبارات فرانكوش أم عكس ذلك ؟؟؟

  • من هناك

    لا فرق بين الفرنكوش والعربوش فكل منهما يدافع عن لغة ليس الا لغة وافدة من بعيد تحولت مع الأيام والسنوات الى لغة الأمر الواقع وبالتالي فلا فرق بين هذه وتلك الا أن الأولى تكتب من اليسار الى اليمين والثانية من اليمين الى اليسار .

  • جزائري

    مادامت هذه الشرذمة تطل وتتكلم بكل وقاحة ضد أساسيات الهوية الوطنية و اللغة الرسمية للبلاد فهذا دليل أنه لم يتغير شيء. والجزائر الجديدة شعارات فقط.