جواهر

جرعة صفاء

ليلى محمد بلخير
  • 567
  • 4
ح.م
أمال زواغي رحمها الله

هذه الرسائل ليست مجرد خواطر أدبية أو ضرب من الخيال، لها علاقة وطيدة بمحاورات حقيقية في الفكر والحياة بيني وبين صديقتي أمال زواغي رحمها الله.
كنت تحبين كلماتي تفرحين بغيث الأفكار، وروح المعاني وبرحمة الله سأظل أكتب كل ما تحبين، أنت تعرفين أني لست من الأقلام التي تحترف التجارة بكل شيء، آه صديقتي.. سيطرت على مداركي كلماتك وأنت تتـألمين، وتحرصين على أفراح الروح في لحظات صفاء تغرفين منها بلسما وشفاء: “تجارتنا مع الله يا ليلى، في طريق الله يستوي كل شيء، الألم بالأمل والتعب بالراحة، المدح بالذم”.. نظرت إليك بحنان وقلت: “من أين يحضرك هذا الصفاء الغامر؟ لطالما ترددت في سؤالك هذا السؤال”. قلت لي وأنت تهزين رأسك هزا لطيفا: “من الرغبة في ما في يد الله وترك ما دونه، مادمنا وجدنا نعمة القرب وفيض العرفان فلا نحفل بفقد عوارض الدنيا، ومتاعها الزائل، الصفاء بذرة تلقى في القلب، تخرج غصنها الأخضر بالذكر والدعاء وتورق بالتورع عن الخطايا، وتزهر بالإقبال على الطاعات وتثمر بمحاسبة الذات وترويضها على المعالي”.. تصفحت ملامح وجهك وعجبت إذ رأيت فيها صورة نورس يحلق عاليا، آه صديقتي أمال كم تشتاق قلوبنا لحديث النوارس البيضاء، نبل نادر تحمله ملاحة وجهك الوضيء، ووفاء من الصعب تمثله في امرأة في هذا الزمن، بحثت عنك في كلمات تركتها كالشعاع، كنت هنا ورحلت وبقي النورس يقول عنك ما كنت سطرت وأنجزت، استجمعت شتات نفسي وقلت: “إننا في حاجة ماسة لجرعة صفاء، ولا يمكن أن نتذوقها إلا عندما نحسن مكاشفة أنفسنا بهزائمنا، ونسرع لتصحيح أخطائنا، وترتفع الروح وتسمو عن الرياء والتصنع والتصدع، في هذا المقام تحس بقيمة التصالح مع كل ما في داخلك، تنسى الهموم الكبيرة والصغيرة، تنسى عجلة الحياة التي تطحن في طريقها الراكضين بلا ضمير، جرعة صفاء تجعلك بعيدا عن وهم ضربات الأقدام اللاهثة هنا وهناك بلا هدف، تجعلك تعرف لذة الأمان والسكينة في حسن التواؤم بين ما تقول وما تفعل، تتحرر من الرسميات والمجاملات والحسابات، تعيش الهدوء الكامل في أعماق روحك رغم الصخب الذي يصم الآذان”.. سكت الكلام وساد الصمت ورفرف النورس في داخلي وكأني سمعتك تقولين بصوتك الرخيم “سلام سلام سلام”.

مقالات ذات صلة