الشروق العربي
الموضة مستوحاة من العزاء اللبناني والتركي..

جزائريات يضعن مساحيق التجميل وأجمل الثياب في الجنائز!

الشروق أونلاين
  • 13767
  • 16

تحولت أمسيات العزاء والجنائز إلى مواعيد بالنسبة لبعض الفتيات الباحثات عن فارس الأحلام، وفرصة أخرى للتفاخر والتباهي بأحدث المجوهرات وأغلى العطور وكأن الأمر يتعلق بفرح، وبالرغم من هيبة الموقف والوفاة، غير أن بعض النساء أصبحن لا يجدن حرجا في التقدم للعزاء بمساحيق التجميل.

استطاع ظهور العديد من نجوم الفن والغناء في الوطن العربي في أمسيات العزاء التركية واللبنانية كعزاء والد الفنانة نجوى كرم، وعزاء الفنان وديع الصافي، والفنانة صباح، بمواد التجميل وثياب أنيقة في انتقال هذه العادات السلبية إلى مجتمعنا الجزائري المحافظ، أين أصبحت تبدو جليا في حرص العديد من الفتيات على الظهور بمنظر أنيق يتنافى مع حرمة الميت والحزن الذي يلف الموقف.

وهو ما استغربته السيدة “جميلة” 47 سنة، متزوجة وأم لأربعة أطفال، توفي حماها قبل حوالي شهرين، وخلال العزاء تفاجأت بزميلات زوجها في العمل يقصدن المنزل وهن يرتدين ثيابا أنيقة ويضعن مساحيق التجميل “الماكياج”، وشعرهن مصفف بعناية فائقة وكأنهن قادمات إلى حفل زفاف وليس جنازة، وهو ما لم يستسغه أقاربهم وجموع المعزين واعتبروه استخفافا بالموت وهيبته، وعدم مراعاة لشعور أهل الميت الذين يغرقون في الحزن، فيما يركض فيه آخرون وراء الحياة الدنيا وزينتها. 

أما السيدة “أسمهان” 35 سنة، توفي جارها قبل أيام، شعرت بإحراج شديد لما قصدت المنزل لتقديم واجب العزاء والوقوف إلى جانب جيرانها في لحظات الشدة وتساعدهم على تخطي حزنهم ومحنتهم، لتجد نفسها الوحيدة بين جمهور المعزيات ترتدي عباءة سوداء ووجهها خال من مواد التجميل فجميعهن كن يلبسن “الفيزو” و البناطيل “السليم”، زيادة على الذهب والمجوهرات ويتفاخرن حتى أنهن نسين الموت والجنازة، وسيطرت النميمة والغيبة والتفاخر على جلساتهن وأحاديثهن دون أدنى مراعاة لبكاء عائلات الميت أو احترام للقرآن الذي يتلى.

وإن كانت محدثاتنا السابقات قد استعجبن من جرأة بعض الفتيات وعدم احترامهن للموت، فإن “مالية” 23 سنة، ترى في حضورها للجنائز وجلسات العزاء فرصة للظفر بعريس، فهي حبيسة أربعة جدران منذ أن غادرت المؤسسة التعليمية بعد إخفاقها المتكرر في الحصول على شهادة التعليم الأساسي، ولم يتبق أمامها سوى الأعراس والجنازات لتحقق حلمها في دخول القفص الذهبي، لذا تحرص على توضيب مظهرها الخارجي بتصفيف شعرها ووضع ماكياج خفيف مع ارتداء ثياب أنيقة باللون الأسود، مضيفة أن إطلالة الفنانات اللبنانيات والتركيات في الجنائز أصبحت مرجعا تستوحي منه العديد من الفتيات إطلالتهن، وتحرصن على التجول ومد يد المساعدة بالأخص للسيدات المتقدمات في العمر والمسنات حتى تعجب بها إحداهن وتقوم بخطبتها، وتقول محدثتنا أن هذا الأسلوب ناجع جدا، ففي الوقت الذي تكون فيه أعين أهل الميت تذرف الدمع من أجل فقيدها، هناك أعين أخرى تترصد كل شيء وتتابع حركة الجميع بحثا عن عروس مناسبة لأبنائهن أو معارفهن.

وتشاطرها الرأي خالتي “أم هانئ”، والتي تفضل اصطحاب بناتها الأربع في الأعراس والجنازات وتطلب منهن أن يتزين حسب المناسبة ويساعدن أهل المنزل، حتى يتمكن من الفوز بإعجاب إحداهن لتتقدم لطلب يدها. وتواصل محدثتنا أن الجنازات هي فرصة أخرى للتعارف والخطبة والزواج، وهو ما يبرر تخلي العديد من الفتيات على العباءات السوداء الفضفاضة وعدم وضع الماكياج ليستبدلنها بثياب أكثر عصرنة وإن لم تكن تتناسب مع الموقف، إلا أنها تلبي رغبتهن في الظهور بشكل أنيق جدا.

وإن تفاوتت الآراء وتباينت بين الجنس اللطيف، غير أن أغلبية من صادفناهم من الرجال رفضوا الفكرة جملة وتفصيلا، حيث أكد لنا “سيدعلي” 31 سنة، موظف في مؤسسة خاصة، أنه ليس بإمكانه التقدم لخطبة فتاة لمحها في العزاء أو الجنازة تضع الماكياج أو تلبس ثيابا غير مناسبة، فهذا استخفاف بالميت وبالموت ككل ومناف لتعاليم ديننا الحنيف، ليقص علينا حكاية أحد أصدقائه والذي تقدم لخطبة إحدى قريباته، وبعد فترة توفي قريب مشترك لهما، وخلال الجنازة وأمام الميت كانت تقف خطيبته وتتحدث رفقة فتاة أخرى وتضحك، فبمجرد أن لمحها عزم على فك الخطوبة وبالفعل كان له ذلك، خاصة وأنه كان مقتنعا بأن فتاة تضحك في حضرة الميت لا يمكن أن تكون زوجة مخلصة ومقدرة لظروفه.

ومن الناحية الدينية، صرح الشيخ والداعية نسيم بوعافية، إمام مسجد فرجيوة بولاية ميلة، أن الجنازة هو يوم حزن ويظهر ذلك من خلال طبيعة الحديث، اللباس المحتشم وغيرها، أما التبرج وإظهار الزينة فهو استخفاف بالموت، وهو فعل مكروه وغير جائز على حد قول محدثنا، واستطرد الشيخ قائلا: القصد من التجمع في الجنائز في السنوات الأخيرة قد انحرف عن معناه الأصلي، فبعد أن كان لمواساة أهل الميت واستشعار الموت، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “ألا قد كنت نهيتكم عن زيارة المقابر ألا فزوروها فإنها ترق القلوب وتدمع العين وتذكر الآخرة”، غير أن ما يحدث في جنائزنا يضيف الشيخ بوعافية أصبح شبيها بالأعراس وطغت عليه المظاهر والمباهاة.          

مقالات ذات صلة