الجزائر
مسؤولون مصريون حرموها من رؤية ابنتها

جزائرية تطالب الخارجية بلجنة تحقيق في أوضاع الجزائريين بمصر

الشروق أونلاين
  • 18315
  • 59
وزير الخارجية مراد مدلسي

تحوّلت حياة الكثير من الجزائريين والجزائريات المقيمين بمصر إلى قطعة مهربة من الجحيم، حيث لم يكن أحد من هؤلاء يعلم أن مباراة في كرة القدم كفيلة بأن تشعل عود كبريت في العلاقات بين البلدين الجزائر ومصر. وتابع الكثير من الجزائريين بقلق كبير هروب المئات من الطلبة الذين كانوا يزاولون دراساتهم الجامعية بالشقيقة الكبرى مصر، متنازلين عن سنوات قضوها في تحضير شهاداتهم، ومفضلين الفرار بجلودهم.

والسيدة (ب.غ) هي إحدى الفارات من “أم الدنيا” تاركة خلفها ابنتها (13 سنة) التي أنجبتها من مصري ارتبطت به بعد استقرارها بمصر سنة 1994، وبعد انفصالها عنه سنة 2006، رفعت قضية بحضانة الطفلة، غير أنّ زوجها فرّ بالبنت إلى وجهة مجهولة، وهو ما دفعها إلى إبلاغ السلطات المصرية التي طمأنتها أنها ستلقي القبض على الزوج متى عثرت هي على مكانه.

ولم تقرّ عين الأم المكلومة، حتى توصلت إلى العنوان الذي يقيم فيه طليقها رفقة ابنتها، فسارعت إلى إبلاغ السلطات المصرية بمكانهما، ولكنها صُدمت بتغيّر اللهجة عقب الأحداث الكروية بين المنتخبين الجزائري والمصري، حيث قالت لها وزارة الخارجية المصرية منذ أربعة أشهر بالحرف الواحد إنّ عليها أن تنسى أنّ لها بنتا. وفي سياق آخر، قالت هذه السيدة التي زارت مقر الشروق إنها قدّمت كل  الشهادات الطبية التي تؤكد إصابتها بشلل على مستوى الوجه بسبب تعرّضها للضرب من طرف بعض المصريين بعد المقابلة، وهي تعالج الآن بمستشفى بن عكنون، كما تعرضت إلى هجوم في منزلها الواقع بالدقي بالقاهرة أدّى إلى إصابتها بكسر في يدها لم تتعاف منه إلى حد الساعة. وتضيف محدثتنا أنها عندما ذهبت لطلب تجديد الإقامة بتاريخ 23 أوت 2010، تم إهمال ملفها من طرف الخارجية المصرية، أما المحامي المصري الذي كلفته بالقضية فقال لها “دعي فريقكم الوطني يرفع لك القضية”، بينما قال لها محام آخر “إنّ القضاء والأوضاع في مصر لا يسمحان برفع قضية من هذا النوع”. كلّ هذا يحدث حسب ما أكدته لنا هذه السيدة الجزائرية المظلومة، في الوقت الذي تواطأت فيه نفس السلطات مع  طليقها المصري في تزوير شهادة ميلاد الطفلة ليثبت حضانته لها، والأغرب من ذلك أن السلطات المصرية أمرت القائمين على المستشفى بعدم تسليمها شهادة تثبت تعرضها للضرب الذي أدى إلى إصابتها بالشلل.

وأمام الأبواب الموصدة في وجهها، وجدت نفسها مجبرة على توجيه نداء إلى وزير الداخلية المصري عبر جريدة “الدستور” المصرية تشكو له فيه سوء المعاملة وإجبارها على مغادرة مصر دون وجه حق. ولم تكن السيدة (ب.غ)، التي كانت منهارة وهي تروي تفاصيل ما جرى لها هناك، تعلم أن هذه الشكوى التي وجهتها إلى وزير الداخلية، ستفتح عليها أبواب جهنم مرة أخرى، إذ توعّدها المسؤولون المصريون بأنها لن ترى ابنتها ولو في الحلم، وهو الأمر الذي حدا بها إلى الاتصال بمستشار بطرس غالي المكلف بملف حقوق الإنسان في مصر، وكم كانت صدمتها كبيرة عندما قال لها هذا الأخير بالحرف الواحد:  “ليس لدينا قوانين وإنما تعليمات، وإذا استطعت أن تقومي بشيء في بلدك لاسترجاع حقك فافعلي”.

ولإيجاد حل لهذا الوضع المعقد، طالبت هذه السيدة من خلال الشروق السلطات الجزائرية بإيفاد لجنة من وزارة الخارجية للوقوف على الأوضاع المهينة التي تعيشها الجالية الجزائرية في مصر، معتبرة أن حالتها تعبّر بصدق عن أوضاع مئات الجزائريات اللواتي يحترقن في صمت، وقد حمّلنها نداء استغاثة إلى السلطات الجزائرية لكشف الضرّ عنهن.

القصة الثانية هي للسيد محمد خشين الذي زار مقر الجريدة رفقة السيدة (ب.غ)، وقصته تتقاطع في كثير من تفاصيلها مع القصة الأولى، حيث انتقل إلى العيش في مصر سنة 1987، وكان أن استقرّ، وتزوج حينها بمصرية أنجب منها ولدا، ثم طلقها منذ عشر سنوات، ولأنّ محمد اشتغل منذ بداية التسعينيات، وإلى غاية 1999 بالسفارة الجزائرية بمصر، فهو يعرف تمام المعرفة هموم جاليتنا هناك، حيث كشف للشروق أنّ أكثر من 90 بالمائة من المقيمين الجزائريين بمصر هم من النساء اللواتي ارتبطن بمصريين، وتحوّلت حياتهن إلى جحيم بعد واقعة أم درمان وما قبلها.

ولم يسلم محمد أيضا من ارتدادات هذه المباراة. فبمجرد عودته إلى الجزائر فارا من “بلطجية” مصر، سارعت طليقته المصرية إلى تسجيل الشقة التي تركها باسمها، كما ترك عمله كمترجم في شرم الشيخ، ولم يخف محمد أنه أصبح يمقت مصر بعد كلّ الذي رآه هناك بسبب مباراة رياضية، إلاّ انه مايزال يصرّ على رؤية ابنه مهما كانت الظروف، ويرى أنّه صاحب حق ولن يمنعه مانع من ذلك.

مقالات ذات صلة