الشروق العربي
بوساطة الأزهر والكنيسة...

جزائريون يبحثون عن شجرة العائلة بين باريس واسطنبول

ليلى مصلوب
  • 29127
  • 23
ح.م

شغف كبير وفضول طبيعي يدفع الجزائريين للبحث عن نسبهم وأصولهم وعرقهم وألقابهم، والكثير منهم يدفعهم حب البلوغ إلى النسب الشريف وشجرة آل البيت خصوصا، فلا يتوقفون عن البحث عن شجرة العائلة بين مختلف الدوائر والبلديات لجمع أقصى المعلومات حول أجدادهم ومن تجمعهم به صلة الدم والقرابة.

واستحدثوا خصيصا للبحث عن النسب مواقع الكترونية يتفاعل معها آلاف الباحثين والمهتمين بأمور النسب والأصل فتجتمع المعلومات من داخل الجزائر وخارجها، وتتضارب الروايات أحيانا وتتطابق أحيانا أخرى، وذلك بمساعدة علماء وباحثين في الأنساب يقدمون معلومات موثقة لا يشوبها التضليل أو التغليط او الدعاية، لأن الكثير من الناس ينسبون أنفسهم دون وثائق او شجرة عائلة ويحيطون أنفسهم بنوع من “القداسة” سواء في المصاهرة أو تعاملهم مع عامة الناس ويلقبون عادة بـ”الأشراف” أو “المرابطين”.

لكن شغف البحث عن النسب يتوقف عند الجد الخامس في الجزائر بعد أن طمس الاستعمار الفرنسي شجرة العائلة واستبدلها بألقاب اغلبها قبيح، وما تبقي منها محفوظ في المخطوطات التركية القديمة قبل الاحتلال، لذلك يصعب على الجزائريين معرفة شجرة العائلة.

كبار المسؤولين في الدولة يبحثون عن “شرفهم”… بين فرنسا واسطنبول

قال عامر سليم بن سعد الحسني، النقيب الوطني للزوايا والأشراف بالجزائر، وهو حفيد الجد للطريقة القادرية في تصريح للشروق العربي، “إن الكثير من الأشراف والعائلات الكبيرة وجدت طريقها لشجرة العائلة بمساعدة الزوايا التي تحفظ وتوثق البحوث الأولى لتسلسل النسب، ثم تنتقل للبحث عن الأصول إما  في أرشيف اسطنبول للدولة العثمانية أو في متحف الإنسان بباريس، حيث توجد آلاف المخطوطات المتعلقة بنسب الجزائريين قبل الجد الخامس.

وقد تلقت النقابة الوطنية للزوايا والأشراف والتي مقرها العام ازاكستان ولديها فرع في تركيا منذ شهرين فقط حوالي 3 آلاف طلب للبحث وتوثيق شجرة العائلة من بينهم مسؤولون كبار في الدولة.

في السابق، كانت الزوايا تلعب دورا كبيرا في القضاء الشرعي وقضايا الأسرة، وكانت توثق الأنساب والألقاب، لكن بعد انفجار الدولة العثمانية نقلت الوثائق إلى اسطنبول، حيث يوجد أرشيف كبير جدا من مخطوطات وأملاك وقفية لصالح الزوايا، كذلك قام الاستعمار الفرنسي بنقل ما تبقى من أرشيف الدولة العثمانية وأرشيف الزوايا وهو موجود حاليا بمعرض الإنسان بباريس بفرنسا.

وساطة الأزهر والكنيسة

وقال عامر سليم، إن نقابتهم تطالب حاليا عن طريق السفارة الفرنسية بالجزائر التواصل مع الكنيسة الفرنسية للوساطة لدى الحكومة، قصد تحويل الوثائق من باب الإنسانية، كذلك راسلت النقابة الأزهر الشريف من باب التنسيق للوصول إلى الأنساب الصحيحة، لأن هناك من الجزائريين من لهم أصول بالمشرق والحجاز، وأيضا للتنسيق مع شرفاء العالم الإسلامي.

أما فيما يخص الأرشيف التركي، فقد راسلت النقابة السفارة التركية بالجزائر لتقديم تسهيلات لكل الجزائريين الذين يرغبون في الوصول إلى شجرة العائلة، وقال أن هناك شجرات الأنساب في الشريف التركي باسطنبول عليها توقيعات علماء وقضاة الدولة العثمانية بالجزائر قبل الاستعمار الفرنسي.

أغلب الأشراف الجزائريين من الأدارسة

يفتخر الكثير من الناس بنسبهم الشريف إلى آل البيت أو إلى نسب الصحابة، وهو الهدف الأساسي الذي يدفعهم للبحث عن أصولهم وشجرة العائلة إما للتباهي بالنسب والأصول، خاصة وأن الجزائريين هم خليط بين العرب والبربر والاتراك، وقال الدكتور الباحث محمد بن بريكة البوزيدي، الباحث في الصوفية والأنساب الشريفة الحسينية ومؤسس الرابطة الجزائرية للزوايا أن الكثير من الأشراف في الجزائر هم حسينيون من سلالة إدريس الأصغر الذي تركه إدريس الأكبر في بطن جارية بربرية، وان إدريس الأكبر قتله وزير هارون الرشيد جعفر البرمكي بزبيب مسموم، ولهذا السبب اغلب الأشراف من الأدارسة في الجزائر لا يأكلون “الزبيب” إلى يومنا هذا.

وفي أبحاث بن بريكة يقول أن هجرة الأشراف من الحجاز إلى المغرب الأقصى بدأت بعد 60 سنة للهجرة في خلافة يزيد بعد مقتل الحسين وتعرض السلالة النبوية للاضطهاد…

وقال إن طبقة الأشراف موصولة إلى سيدنا إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، ويجهل اغلب الأشراف في الجزائر من مختلف العائلات نسبهم ماعدا في بعض المناطق التي اهتمت بتوثيق شجرة العائلة في مناطق الصحراء والمدن الكبرى التي لها حضارة كالمدية وقسنطينة وتلمسان والجزائر العاصمة ومنطقة توات في الجنوب.

غير أن مسألة النسب والأصول وشجرة العائلة موضوع حساس ويثير بعض الحزازات بين الجزائريين، والتباهي بالانتماء إلى بعض الأنساب الشريفة، يعتبره البعض تعال عن بقية الناس الذين  لهم أيضا أانساب ولهم أصول شريفة طاهرة، كذلك نجد أن البعض يطعن ويشكك في نسب الآخر ويتبارزون بمخطوطات تثبت النسب وشجرة العائلة.

كذلك لم يتمكن العديد من الجزائريين من توثيق نسبهم في عدة مناطق، ماعدا بعض العائلات التي لها تسلسل الجد السابع، ثم توجهت للبحث عن باقي الشجرة في أرشيف اسطنبول أو متحف الإنسان بفرنسا.

مقالات ذات صلة