اقتصاد
احتياطات الصرف تستفيد منها مافيا الحاويات

جزائريون يتسولون لدى البنوك للحصول على منحة سياحية لا تتعدى 150 أورو

الشروق أونلاين
  • 13240
  • 30
ح.م

تتواصل إهانة المواطن الجزائري الذي يريد قضاء عطلته في الخارج، بمنحة سياحية لا تتعدى قيمتها 150 أورو، لا تكفي في الحقيقة لتغطية أزيد من ليلة واحدة في فنادق الدرجات المتدنية، في الوقت الذي لا تكف فيه الحكومة عن اسماع من به صمم أن احتياطات البلاد من النقد الأجنبي تقارب 200 مليار دولار، وأن مطابقة التشريعات الوطنية مع شروط الانفتاح الاقتصادي بلغت درجة مقبولة.

وأمام يد الحكومة المغلولة إلى عنقها، أصبح أمام المواطن الجزائري الذي يريد قضاء عطلة خارج أرض الوطن، خيارا واحدا ووحيدا وهو السوق الموازية للعملة للحصول على العملة التي يحتاجها مع تحمل المخاطر التي قد تواجهه في المراكز الحدودية عند المغادرة في حال ضبطه متلبسا بجريمة تصدير العملة الصعبة بطريقة غير شرعية.

وأوضح الخبير الاقتصادي أمحمد حميدوش، أن التشريع الخاص بالحصول على المنحة السياحية للمواطنين تجاوزه الزمن كونه يعود إلى أزيد من 30 سنة، حيث تم تشريع التنظيم الخاص بالمنحة السياحية بداية الثمانينيات وكان يحصل كل مواطن مقيم بموجب التشريع الجزائري على ما يعادل 420 فرنك فرنسي مرة كل سنة، وبعد اشتداد الأزمة الاقتصادية بعد 1986 تم تشديد الإجراءات الخاصة بالمنحة السياحية وأصبحت تمنح مرة كل سنتين، قبل العودة إلى تطبيقها بشكل سنوي بما يعادل 15000 دج لكل فرد بالغ من العائلة و7500 دج للأطفال قبل سن الرشد، مع التشديد على أنها غير قابلة للتراكم مقابل 3000 أورو للمواطن التونسي مع إمكانية الاحتفاظ بها من سنة إلى أخرى، وحوالي 1400 أورو للمواطن المغربي في السنة.

وأضاف حميدوش في تصريحات لـ”الشروق”، أن هذا التشريع يعد بمثابة إهانة للمواطن الجزائري بالنظر إلى الإمكانات التي تتوفر عليها الجزائر بالمقارنة مع دول الجوار المغاربي التي لا تتوفر على نفس الإمكانات الاقتصادية التي تتوفر عليها الجزائر، مشددا على أن هذه التشريعات التي تجاوزها الزمن يجب أن يتم مراجعتها بسرعة بالنظر إلى التحولات الهيكلية التي عرفها الاقتصاد الجزائري على مدار الأعوام الأخيرة، مع ضرورة مراعاة الانفتاح الاقتصادي الذي تعرفه الجزائر.

واستطرد المتحدث أن التشريع الخاص بالمنحة السياحية لا يفرق بين السائح الجزائري العادي ورئيس المؤسسة الاقتصادية الذي ينتقل إلى الخارج في إطار عمل، حيث لا تتعدى المنحة اليومية التي يحصل عليها الرئيس المدير العام للشركة 120 أورو وهو مبلغ لا يمكن حتى من قضاء ليلة واحدة في فندق محترم، وعليه يصبح الباب مفتوحا على مصرعيه أمام الفساد والرشوة، مضيفا أن هذه الوضعية فتحت المجال أمام اللجوء إلى ممارسات غير أخلاقية ومنها تضخيم الفواتير بشكل يتيح للمتدخلين في عمليات التجارة الخارجية بتحويل مبالغ كبيرة إلى الخارج تحت غطاء عمليات الاستيراد.

وكشف حميدوش الخبير السابق في البنك العالمي، أن الأموال التي يتم تهريبها إلى الخارج تحت غطاء التلاعب بعمليات الفوترة تكون عادة خاضعة للضرائب في بلدان الملاذ وخاصة عندما يتعلق الأمر بالاتحاد الأوروبي، وبالتالي تصبح الخسارة التي تتكبدها الجزائر أكبر مرات عديدة قياسا بتعديل النصوص الحالية، والسماح للمواطنين ورجال الأعمال بالحصول على منح سياحية تضمن الاحترام اللائق للمواطنين العاديين أو لرجال الأعمال.

وأضاف المتحدث، إذا كانت الحكومة تريد الحد من نزيف العملة الصعبة إلى الخارج عن طريق هذا التشريع، فهي مخطئة، لأن طرق تهريب العملة متعددة ومتشعبة ولا يمكن لأقوى حكومة في العالم مكافحتها، وخاصة عندما يتعلق الأمر بدولة تستورد 80 بالمائة من احتياجاتها المختلفة من الخارج، مضيفا أن بنك الجزائر يتصرف وكأن المصدر الوحيد للعملة الصعبة في الجزائر هو البترول، في حين أن هناك موارد أخرى ناتجة عن تحويل منح المتقاعدين من الخارج ومن صادرات خارج قطاع المحروقات على تواضعها، بالإضافة إلى تحويلات المتعاملين الأجانب نحو فروعهم المحلية، وهو ما يتطلب الإسراع في مراجعة التشريع الحالي.

مقالات ذات صلة