الشروق العربي
بين التطير والخرافة

جزائريون يتشاءمون من القط الأسود ويعلقون فشلهم على رؤيته في حياتهم!

الشروق أونلاين
  • 5137
  • 0

طغت العديد من الخرافات على أذهان الجزائريين الذين نسوا أو تناسوا بذلك سادس أركان الإيمان ألا وهو الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره، حيث اتخذ الناس منها مذهبا متفقا عليه في تعاملاتهم اليومية نتيجة تصديقهم الجازم لمثل هذه المعتقدات حتى أصبحت تشغل أصحاب العقول المنغلقة، لأن في ذلك دليلا على ضعف إيمان البعض وبالتالي الابتعاد عن مبادئ الشريعة الإسلامية، وهو ما سمح في تفشي منطق الخرافات بين أطياف المجتمع الجزائري.

خرافات تحكم يوميات الجزائريين

الجزائريون وكغيرهم مازالوا يصنعون للخرافات والتصورات العجيبة التي تشغل عقولهم وتفكيرهم أساسا في حياتهم اليومية، اعتقادا منهم أنها تحميهم من أي طارئ قد يحصل في حياتهم أو تساعدهم في حل بعض مشاكلهم أو تقديم توضيحات لبعض الأمور، متناسين القضاء والقدر الذي هو أساس صيرورة حياتهم، وقد يصل بهم الأمر إلى التكهن بالمستقبل عبر بعض المعطيات التي يتوارثونها من جيل لآخر من أجدادهم عبر العصور الذين وبفعل تجاربهم التي مروا بها في وقتهم يعملون على أخذها كمرجع للعمل بها، وفي هذا يقول أمين 25 سنة والذي التقيناه أمام محطة الترامواي بحسين داي أنه كثيرا ما يجد لمثل هذه الأفكار دورا في حياته، فهو بطبعه متشائم من رؤية قط أسود أو بومة، حيث أنه غالبا ما يكون يومه سيئا إن صادفه أحدهما، في حين أنه يتفاءل عندما يحك يده اليمنى التي تدل على امتلاك شيئا ما، رغم أن البعض يعتبر تلك الخرافات والمعتقدات بعيدة كل البعد عما نعيشه في عالمنا هذا، حيث يقول حمزة من بومرداس أن مثل هذه المعتقدات إنما تنم عن جهل أجدادنا، وهذا بسبب الاستعمار، فمثلا يقال أنه إذا رفت عينك فهذا يدل على رؤية شخص عزيز عليك، لكن تم تفسيرها علميا أنها بسبب تعب أعصاب العين ليس إلا.

الجزم على صدقها

ولأن تلك المعتقدات توارثها الناس عبر الأجيال فتجدهم أكثر قناعة بها عن قبل إلى حد القسم أو الجزم بصدقها، وذلك لأنهم شبوا عليها منذ الصغر إلى أن شابوا وأصبحوا مسؤولين عن عائلة بكاملها، وفي هذا تقول سامية 40 سنة والتي التقيناها ونحن في طريقنا إلى رويسو أنها ومنذ نعومة أظافرها، وهي ترى كيف أن أهلها وحتى أقربائها يعملون على محاولة التكهن بما سيحصل فيما بعد، وهي بدورها أصبحت تصدقها مع مرور الوقت، خاصة بعد تيقنها من صحتها وتماشيها مع الواقع الذي نعيشه، حتى أنها أضحت أكثر تيقنا من وقوعها آجلا أم عاجلا، في حين تقول أمينة 35 سنة أنها في بادئ الأمر لم تكن تولي لها أدني اهتمام بحجة أنها مجرد خرافات وهي بمثابة كفر بالله عز وجل، ولكن في أحد الأيام فاجأنا خُطّاف داخلا إلى المنزل، وما إن رأته حماتي حتى بشرتني بالخير، وهو ما حدث، فانتقلنا إلى منزل جديد، ومع توالي الوقائع والأحداث التي صدقت في التنبؤ بها مثل هذه المعتقدات أصبحت من أكبر المهتمات وحتى المقتنعات بها، أما رضا الذي التقيناه أمام حديقة التجارب، فيقول أنه لا يتقبلها، بل حتى أنه لا يستطيع إدخالها في تفكيره، وهنا يروي لنا قصة حدثت مع صديق له في ساحة الشهداء، حيث كان متأهبا لمغادرة أحد المطاعم، وإذا بهاتفه ينزلق من بين يديه ويتفكك إلى قطع صغيرة، فلما شاهده أحدهم قال له “عمو طاح الخير”، فرد عليه متنرفزا عن أي خير تتحدث، فهذه المعتقدات هي بمثابة خزعبلات تشغل تفكير ذوي النفوس العليلة لا أكثر ولا أقل.

دليل على ضعف الإيمان

ورغم أن الكثير من الجزائريين يعملون بهذه المعتقدات إيمانا وتصديقا منهم أنها تحميهم من العين والحسد وتساعدهم في الابتعاد عن المشاكل، لكنها تنم عن ضعف إيمانهم والابتعاد عن الشريعة الإسلامية، وفي هذا يقول كريم 38 سنة أن ضعف الإيمان إن لم نقل انعدامه هو السبب الوحيد والرئيس لتفشي هذه الأمور بين أطياف المجتمع الجزائري، ويضيف قائلا “لو يعود الإنسان إلى عقيدته السمحة فأكيد أنه لن يتعرض لهذه الخزعبلات المصاحبة لهذه المشاكل والسلوكيات الغريبة عن تقاليد وأسس ديننا الحنيف،  فغالبا ما يصاحب هذه المعتقدات مشاكل وشجارات تنتهي بما لا يحمد عقباه”.

قد تكون هذه الخرافات التي مني بها أجدادنا وتوارثتها أجيال وأجيال دلالة على غدو يومياتنا إلى مجرد خرافة نبحث عن تصديقها.

مقالات ذات صلة