الجزائر
مختصون متعاقدون مع مديريات العمل يؤكدون لـ "الشروق"

جزائريون يعملون ساعتين فقط في رمضان!

كريمة خلاص
  • 2497
  • 13
أرشيف

يفضح شهر رمضان استهتار غالبية الجزائريين بقيمة العمل ومكانته في المجتمع، حيث تتراجع مردودية أغلب العمال الذين يحضرون دوما متأخرين ويغادرون باكرا، ويظهر ذلك جليا في عديد القطاعات العمومية، سيما الخدماتية منها التي تكثر بها التأخرات والغش والعطل المرضية وغيرها.
ووفق شهادات عديدة لمواطنين ومختصين في علم الاجتماع فإن غالبية العاملين الجزائريين في القطاع العمومي يهدرون مبدأ احترام العمل ومواقيته والحرص على مردودية جيدة في شهر رمضان.
ويكفي فقط أن نقوم بزيارة خاطفة لبعض الإدارات ومصالح الخدمة العمومية أين نقف على تأكيد هذه الحقيقة المرّة.
وحسب ما أوضحه زبيري حسين أستاذ علم الاجتماع تخصص تنظيم وعمل بجامعة زيّان عاشور بالجلفة، فإن الجزائري لا يعمل على العموم حتى في الأيام العادية، لكن الحقيقة تعرى أكثر خلال شهر رمضان.
وقدّر محدثنا مردود العمل اليومي خارج رمضان، وفق دراسة جزائرية أجريت العام الماضي بثلاث ساعات يوميا من أصل 8 ساعات مقرّرة، وفي رمضان تقل هذه المردودية إلى ساعتين فقط بسبب بعض الظروف الخاصة بهذا الشهر، التي يُعلق عليها هؤلاء تراجع أدائهم على غرار الجوع والعطش وقلة النوم واضطرابه.
وأضاف قائلا “كل هذه الأوضاع تولّد عملية متداولة بين كل الفئات الاجتماعية تؤدي فيما بعد إلى عدم الثقة التي تكبر لتصبح جميع العلاقات الاجتماعية محل شك وارتياب في كل ما هو جزائري، وعلى سبيل المثال توجه المرضى للعلاج خارج الوطن لانعام الثقة في الطبيب الذي يأتي غالبا متأخرا إلى مقر عمله”.
وقال زبيري “حتى في القطاع الخاص قيمة العمل متراجعة رغم رقابة صاحب العمل التي تكون بدرجة أكبر من القطاع العام الذي يسوده عقلية البايلك و”كلنا نسالو في الجزائر” والجميع يسرق فلماذا لا أسرق أنا؟”…
واستطرد المختص ليقول إن السياسات المتعاقبة في بلادنا ربّت ونمّت في الجزائريين عدم تقدير العمل من خلال عدم متابعة بعض البرامج الهادفة للأخذ بيد أصحابها، غير أنّ التساهل في الحصول على النتائج المرجوة والتسامح مع الفاشلين شجع على عدم تقدير الذات والعمل.
واستبعد محدثنا أن تكون سياسة عدم التحفيز هي السبب في ذلك، فأحيانا يكفي التقدير والاهتمام فقط ولو بكلمة طيبة أو التفاتة مشرفة، فالتحفيز يتم في إطار منظومة ثقافية كبيرة.
أمّا زهير بطّاش استشاري ومكوّن بالمعهد الوطني للعمل انتقد تراجع المردودية وسط العمال في رمضان، مؤكدا أنه من غير المقبول أن يكون شهر رمضان سببا في تراجع العمل، ماعدا بعض المهن الشاقة التي تتطلب أقلمة للوقت أو تنظيما خاصا لتمكين الصائمين من الإفطار مع عائلاتهم، مطالبا المستخدمين بفرض أهداف علمية على مدار السنة وخلال رمضان ترتكز على قواعد علمية.
من جهته أوضح جمال عبد القادر، استشاري في قضايا العمل أنّ الجزائريين في رمضان يذهبون للعمل، ولا يذهبون ليعملون وهو ما يطرح إشكالية العمل في بلادنا التي تمتد إلى سائر الأيام، مفيدا بأن قيمة العمل تظهر جليا من خلال الأهداف المحددة والمسطرة وما تحقق منها، وليس من خلال ساعات العمل فقط، وأضاف “هذا الواقع يدفع فعلا إلى التفكير في استراتيجة للتشجيع على العمل أكثر منها مراجعة الأجرة التي يتقاضاها الموظفون الصغار في الوظيف العمومي التي لا تحفزهم على بذل مجهودات أكبر”.
ولفت المتحدث إلى مقارنة بين من يغتني في رمضان في بوفاريك والأحياء الشعبية حيث “يقتل” البعض أنفسهم عندما يحقّقون مداخيل من وراء ذلك.
واقترح جمال عبد القادر حلولا من أجل إعادة القاطرة إلى السكّة مثلا العمل ليلا بالنسبة لبعض المصالح وفق مبدأ المرونة في العمل وليس الصرامة الهدامة.

مقالات ذات صلة