الجزائر
أذلوا الفقراء وأتبعوا صدقاتهم بالمن والأذى

جمعيات توزع الأضاحي تحت شعار “افعل الخير وتصور معه!”

سمير مخربش
  • 2335
  • 6
ح.م

عرفت العمليات التضامنية مع الفقراء بولاية سطيف نوعا من الفوضى والتباهي في أيام العيد الذي وزعت فيه الأضاحي بطريقة تبدو بعيدة عن مرضاة الله.

الجمعيات الخيرية بولاية سطيف تحركت في كل الاتجاهات ومع تعددها وكثرتها كانت العمليات التضامنية على أوسع نطاق، فصالت الشاحنات المعبأة بالأضاحي في كل اتجاه سواء داخل المدن الكبرى أو في المناطق النائية، لكن العملية لم تنج من الفوضى المنظمة التي عكرت الأجواء الإيمانية في هذه المناسبة المباركة. وتجلت هذه الفوضى في استفادة بعض العائلات من أكثر من خروف فهناك بيت في سطيف استفاد من ثلاث أضاحي في وقت واحد، وهي الظاهرة التي تكررت أكثر من مرة، فعندما يدخل خروف العيد منزل الفقير ثم يليه خروف آخر فذاك يعني أن هناك خللا كبيرا في العملية التضامنية تتحمله الجمعيات الخيرية التي لا تعترف بالتنسيق ولا تضبط قوائم موحدة لتفادي مثل هذه الأخطاء التي تنامت مع تحايل بعض المعوزين الذي يخفون استفادتهم من أجل الحصول على المزيد.

وقد تميزت العملية بنوع من العشوائية فيكتفي القائمون عليها بتحضير قوائم للعائلات الفقيرة لتنطلق بعدها عملية التوزيع دون تحقيق ولا تنسيق. وكل جمعية تحاول الاستحواذ على أكبر عدد من الأضاحي وأطول قائمة للتباهي بها أمام الجمعيات الأخرى. ورغم تكرار نفس أخطاء السنوات الماضية إلا أن الفوضى لازالت تحكم العمل الخيري وتمتد إلى كل المناسبات سواء تعلق الأمر بقفة رمضان أو كسوة العيد أو الأضحية أو الدخول المدرسي، فتتعدد الصدقات في بيت واحد وتحرم عائلات أخرى لا تسأل الناس إلحافا. وهي الكارثة التي تفطن لها بعض الناشطين في الميدان فبادروا مؤخرا بإنشاء رابطة للجمعيات الخيرية لتنظيم العمليات التضامنية في مختلف المناسبات، وبما أن العملية انطلقت مؤخرا فقط والهيكل لازال جديدا فإن الأمور لم تضبط بعد لكن الأمل يبقى قائما في هذا التنظيم لإصلاح الأمر ووضع حد للفوضى والعشوائية.

من جهة أخرى، فإن الصدقات الجارية الآن تبعها المن والأذى بتعمد بعض الناشطين تصوير العائلات المعوزة عند استلامها للأضحية، فيتنقل موكب الجمعية إلى الحي في مشهد استعراضي وينزل المصور أولا لالتقاط صور لرئيس الجمعية وهو يتكرم بتسليم الخروف لرب عائلة فقيرة، هذا المشهد الذي استهجنه الناس وتساءلوا عن النية المرافقة لهذا العمل الخيري والذي لم يعد في الحقيقة إلا وسيلة للمنّ والتباهي. كما يشتكي بعض الفقراء الذين قصدوا مقرات بعض الجمعيات الخيرية من الحقرة وسوء المعاملة فلم يجدوا في مكاتب العمل الخيري إلا وجها عبوسا من رئيس الجمعية الذي يسيء معاملتهم ولا يتردد في إهانتهم فتحول بعض القائمين على الجمعيات إلى أباطرة يذلون الفقراء ويستمتعون بمشهد ذلك الفقير وتلك الأرملة التي تقضي يوما كاملا أو أياما تنتظر عند باب الجمعية. هي ممارسات لطخت العمل الخيري الذي يبقى بحاجة إلى مراجعة وتصحيح العديد من المفاهيم.

مقالات ذات صلة