-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جمعية العلماء .. على درب الوفاء

عبد الرزاق قسوم
  • 1762
  • 10
جمعية العلماء .. على درب الوفاء

سلام على أمّ الجمعيات الجزائرية، وواضعة أسس الثوابت الوطنية، في عيدها الثالث والثمانين، سلام ملؤه الحبّ والوفاء، والاعتزاز إلى جمعية العلماء في يوم الخامس من مايو، هذه الجمعية التي تكبر ولا تشيخ، وتعظم دوما في عين التاريخ، وتضفي على الجزائر دومًا، ألوانًا من العراجين والشماريخ.

 

فلئن كانت عقود السنين الثمانين تُكسِب الإنسان ترهلا في البدن، وتكلّسًا في العظم، وثُقلاً في السمع والقَدَم، فإنّ الثمانين وأكثر قد أكسبت جمعية العلماء وهي خير جمعية جزائرية أُخرِجت للناس مصداقية أكثر، وعطاء أوفر، واستقرارًا في القلوب أعمق وأغزر.

فيا ناظمة عقد العلماء! ويا حاضنة حقوق الأصفياء! ويا جامعة قلوب الأطهار والنبلاء! تيهي ثباتًا وفخرًا في غيرِ خيلاء.

لقد راهن البعض على تلاشيكِ، فنهضتِ أقوى من الجبابرة، وعمل آخرون على النيل من تاريخِكِ، فتكسَّرت أقلامهم على صخر أعمالكِ، وبطُلَ ما كانوا يعملون.

إنّ جمعية العلماء هي هبة الله للجزائر، تستمِّدُ عناصر وجودها من قوّة الله، ومن إرادة أمّتها، فهي لن تضعف ولن تلين، ولن تستسلم أو تستكين؛ لأنّها أُسِسَّت على تقوى من الله من أوّل يوم.

إنّها الغيث النافع، الذي ما إنْ لامس أديم الجزائر إلا اكتسب العطاء والنماء، واخضرار الأرض وخصوبة عقول الرجال والنساء، وهاهي القوافل المتعاقبة من المصلحين والصلحاء، ومن المجاهدين والشهداء، ومن العاملين العلماء، يعملون على تخليص الجزائر من براثين ذوي الأفكار السّقيمة من الغزاة الدخلاء، والطابور الخامس من الخونة والعملاء.

فبالرغم من المكائد المنصوبة، والعراقيل المقلوبة، والدسائس المنسوبة، تقف جمعية العلماء، عالية القامة، مرغوبة ومرهوبة، تزرع القيم في عقول الأبناء، وتُعمِّق معاني القرآن في صدور البنات والأبناء، فترفع قدر الإنسان، وتعلي أقدام البناء.

تتكلم جمعية العلماء للجميع بلغة الأعمال لا لغة الأقوال. فقد أحكمَت وجود هياكلها في كلّ الأصقاع من ربوع الوطن، في السواحل والبوادي، والجبال، وهي تفتح مدارس هي للعلم مغارس لكلّ الأعمار وفي كلّ الآجال.

عندما تتلبّد سماء أمتنا بالغيوم وفتن التدليس والتسييس تَهْرَعُ جمعية العلماء إلى مبادئ ابن باديس لطرد شياطين الدجل، والفتن من جنود إبليس.

لم يغرِها الترغيب، ولم يُخِفها التهديد أو الترهيب؛ بل ظلّت صامدة تعمل على النهوض بالأمّة، من كبوة التضليل والإفساد والترهيب. فأن نكون من نكون في الجزائر، فذلك سهل، ولكن أن تكون ذائدًا عن الحق ثابتًا على الثوابت، فتلك هي السباحة ضدّ التيار، واللعب بفتيل النار، ومواجهة بقايا الاستعمار، وإعلان الحرب على الكبار.

أدركَ شعبنا   بعد مختلف التجارب والمعاناة- أنّه لا ثبات إلا للثوابت، وأنّ جمعية العلماء هي المؤتمنة على ثوابت الأمّة، وهي الصامدة دفاعًا عنها والذائدة بحق عن إعلائها وإشعاعها، لذلك وَعَت أمتُنا هذه الحقيقة، فنفضت أيديها من الفارغ من الأقوال، وها هي تعود إلى الثابت من الأعمال، وإلى الخُلَّصِ من النساء والرجال.

وبالرغم من كلّ هذا، فإنّنا في الجمعية- واعون بخطورة التحديات، وشراسة المكائد والمناورات، فهناك تحدي الابتلاع والاقتلاع، وقد أعددنا له استجابة قوّية، ممثلة من إعداد العدّة من التحصين والدفاع، فليس كالعلم قائمًا على العمل، وليس كالعلم والعمل محَصَّنِين، بالدين القويم والخلق السليم، وإعداد النشء المستقيم.

وهناك تحدي الفساد والإفساد كغزو للعقول، واستيلاء على الحقول… وقد أعددنا لذلك خطّة العفاف والكفاف، نوقظ بها الشعب من سباته، ونحيي وطننا من رُفاته، فنقضي بذلك على رُقاته ونُفاته، ونُعاته.

والحمد لله، فقد أينع الغَرسُ، واستُوعِب الدرسُ، وأخذ الخيّرون في وطننا طريقهم إلى جمعية العلماء، يَهَبُونَها الهِبَات، ويقدّمون لها التبّرعات، ويأتمنونها على مستقبل البنين والبنات، وما ذلك إلا لأنّ الجميع قد آمن بأنّ ولاءَ ابن باديس لمبادئه، هو الجزائر، فهاهي الجزائر تعمل على أن تكون هي ابن باديس بمبادئها وقيمها وتطلّعاتها.

فإلى أبناء جمعية العلماء، كلٌّ من موقع مسؤوليته، إلى معلميها وأعضاء شعبها، إلى كلّ المؤمنين بمبادئها؛ ندعوهم إلى المزيد من الوعي بالأمور، وإلى العمل أكثر من أجل النهوض بالجزائر في التحلي بصدق الأقوال والأعمال في النهوض والظهور.

وليس كالعلم منهجًا، وليس كالبناء مخرجًا، فالتحدّيات خطيرة، وجسيمة، وعلى الاستجابة أن تكون كبيرة وحكيمة.

إنّنا نجدّد العهد لعلمائنا وشهدائنا، وإلى كلّ المخلصين من بناتنا وأبنائنا بأنّنا سنظل صامدين، ديدننا الوفاء، وأسلوبنا الإخاء ومنهجنا الوفاء… وبذلك لن نضل ولن نذل إن شاء الله.

مقالات ذات صلة
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • ابن الجنوب

    يقال ياشيخ أنك على علم بمن كان يعمل مترجم في الإذاعة الفرنسية التي كانت تبث أخبار عبر أمواجها لتطلب من المجاهدين الاستسلام وتسليم أسلحتهم وأنفسهم مقابل العفو التام ومن ثم يكونوا مثالا لبقية زملائهم وإخوانهم الجزائريين في الا يحملوا السلاح في وجه فرنسا لأن ذلك حرام فهل هذه الفتوة صحيحة نورنا أنار الله دربك نحو الجنة

  • بدون اسم

    بعد التحية و السلام الكبيرين الى الاستاذ المحترم غير أني لا اشاطرك الرأي في كثير مما ذكرته .فصورة الجمعية الحالية و أداءها الضعيف لكل ما حدث و يحدث سواءا على الصعيد الوطني او الدولي يدل على ان الجمعية بعيدة كل البعد عن التأثير و التغيير على عكس الجمعية على عهد ابن باديس و الابراهيمي كانت تصنع الحدث و الرأي العام و تحرك دواليب الامة داخليا و خارجيا، ما نرجوه أن يعود للجمعية دورها الرائد .

  • ابن الجزائر

    ألا تلاحظ معي ـ سيدي الدكتور قسوم ـ أنّ "السلفية" المزعومة قد "سَطَتْ" على مكاتب الجمعية ونشاطاتها في غفلة مِن أحفاد ابن باديس الحقيقيين، انظر إليهم (أدعياء السلفية) في مواقعهم ومنتدياتهم الإلكترونية، وبل وفي نشاطاتهم الثقافية والرياضية، قد جعلوا من الجمعية مرجعيتهم "الموهومة"، ومِن رموزها الأجلاء التاريخيين "سلفًا" لهم ـ بزعمهم ـ وأخيرا بدأوا في الاستيلاء على تراث الراحل الشيخ حماني، بالانتقاء من فتاويه ما يوافق منهجهم، وتناسوا أنهم كانوا في الماضي من أشد أعدائه!!!!

  • علماني حر

    ما خرب الجزائر غيركم بشعاراتكم الخرقاء والخرافية فبدل ان تطالبوا بالديمقراطية والعلمانية وحرية الراي والمعتقد والصحافة والفصل بين السلطات وان تبثوا الوعي والثقافة بين الشعب امسيتم غربانا تنعق على اطلال التخلف وهذا ليس مستبعدا عنكم ففاقد الشيئ لا يعطيه

  • جزائري حر

    والله إنها نصيحة أخ مشفق.. راجعوا أنفسكم يا شيوخنا في جمعية العلماء.. لم يفت أوان المراجعة والإصلاح.. تذكّروا أنّها حياة واحدة، وميتة واحدة، وأنّ الأعمار والأرزاق بيد الله وحده.. قولوا كلمة الحقّ ولا تخشوا في الله لومة لائم.. مهمّة العلماء ليست هي إرضاء النّاس وإفتاؤهم بما يعجبهم وإنّما هي إرضاء الخالق وإفتاء النّاس بما يصلحهم وينجيهم.. إن سكتّم أنتم عن حدود الله التي تنتهك وعن دينه الذي يضيّع، فمن سيتكلّم؟.

  • جزائري حر

    أضيف لك يا أستاذ عبد الرزاق: جمعية العلماء تصالحت مع الطرقية التي حاربها ابن باديس، بل وبلغ بها الأمر إلى أنْ تصالحت مع التشيع، وفتحت صفحات جرائدها للمتشيعين يطعنون في الصحابة ويلمزون كتب السنة...
    جمعية العلماء في السنوات الأخيرة، لا هي دافعت عن ثوابت الدين ومقومات الأمة لتنفع الجزائريين في دينهم، ولا هي تحولت إلى جمعية خيرية تنفع الجزائريين في دنياهم...
    آسف يا أستاذي عبد الرزاق، ولكنها الحقيقة المرّة...
    رحم الله ابن باديس والإبراهيمي والطيب العقبي ومبارك الميلي وإخوانهم أجمعين...

  • جزائري حر

    آسف يا أستاذ عبد الرزاق.. ولكن جمعية العلماء قد فقد بريقها وتأثيرها، ولم يعد لها من دور في الواقع، أين جمعية العلماء من الزحف الممنهج على قانون الأسرة؟ أين هي من تغريب المنظومة التربوية؟ أين هي من دعم الطرقية وتقديمها على أنها الإسلام الصحيح؟ أين هي من مصادرة إرادة الأمة؟ أين هي من منع المحجبات من التوظيف في كثير من الإدارات؟ أين هي من تقنيين أكل الجيف؟ أين هي من إنكار ما يحدث للمسلمين في الصومال ومالي وأفريقيا الوسطى؟...

  • محمد ب

    نثق صادقين في شخصك ونتمنى التوفيق لجمعيتك التي شعار مؤسسها الجزائر مسلمة وإلى العروبة تنتسب وكل مقولتك تحظى عندنا بالتقدير.ما نتمناه أن تتولى هذه المؤسسة الدفاع صراحة عن مبادئها في كل البقاع وخاصة منها من تغزوها أطماع التبشير وتزييف الهوية الوطنية ليس بالشعارات غير المسموعة وإنما بإعادة فتح مدارس للتعليم والتربية لإصلاح ما فسد. كما ينتظر منكم تنظيم ندوات تثقيفية في كل أنحاء الوطن وليس فقط لصالح الأحباب والرفقاء لتشمل رسالتكم المواطنين الذين يحتاجون إلى التنوير لإيمانهم أن التعليم يقاوم التجهيل.

  • عبدالحفيظ

    السلم عليكم دمم في خدمة الاسلام والجزائرو الفكر

  • مداني

    لله درّك يا رئيس الجمعية ، وفقكم الله و ثبت خطاكم مع هذا التسونامي من موجات التغريب الممنهج و المدعم و المتسلط ...........
    نرجوا لها التوفيق مع ملاحظة التركيز على تربية النشأ خاصة العنصر النسوي منه على مستوى كل الشعب من أصغر قرية في ربوع الوطن إلى حِمى المرادية ، و الابتعاد عن العمل و النشاط المنسباتي و الاعتماد على المخلصين من أبناء الوطن بعيدا عن البهرجة و هم كثر و خير العمل أدومه و لو قلّ......................................