العالم
مايكل سيدهم أحد مؤسسي حركة "مسيحيون ضد الانقلاب"

جميع أخطاء مرسي ليست كافية لتبرير الانقلاب عليه

الشروق أونلاين
  • 17138
  • 24
ح.م
مايكل سيدهم

على عكس الصورة التي تحبُّ سلطات الانقلاب على الشرعية في مصر الترويج لها، خاصة إعلاميا، ومفادها أنّ غالبية المصريين مسلمين ومسيحيين، يوافقون على ما جرى ويجري منذ عزل الرئيس الشرعي المعزول محمد مرسي، تقول الوقائع الحقيقية على الأرض، الوقائع غير المزيّفة، أنّ الآلاف من الأقباط المسيحيين رفضوا منذ أول وهلة خطوة الانقلاب، ووقفوا ضدها في ميادين الاعتصام والاحتجاج، بل عبّروا عن رفضهم بكلّ الوسائل حتى على شبكات الإنترنيت. ومنذ ظهور حركة “مسيحيون ضد الانقلاب”، وهي تستقطب جموع المنخرطين إلى درجة أنّ صفحة الحركة على الانترنيت استقطبت بعد أقل من أسبوعين عن إنشائها أكثر من 90 ألف عضو. في هذا الحوار يتحدث مايكل سيدهم، وهو أحد مؤسسي الحركة عن أهدافها، وعن نظرة منخرطي الحركة لموقف الكنيسة القبطية من الانقلاب، وكيف ينظرون إلى مستقبل مصر السياسي، وهل هناك آمال بعودة الشرعية، وكذا كيف ينظر هؤلاء إلى مرحلة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي التي لم تُعمّر طويلا.

 

منذ تأسيس حركتكم “مسيحيون ضد الانقلاب”، إلى أيّ مدى أنتم راضون عن الأهداف التي حقّقتها حركتكم؟ 

راضون جداً، فهدفنا هو قول الحق وإنقاذ مصر من الدخول في صراع طائفي لا تحمد عقباه، ولكي نقول بأنّه ليس كل المسيحيين في مصر يوافقون على ما حدث منذ الثلاثين من يونيو، مروراً بانقلاب الثالث من يوليو، وانتهاءً بفضّ اعتصامي رابعة والنهضة ممّا أدّى إلى قتل الآلاف، هذا إلى جانب عدد كبير من المصابين.  

 

كم يبلغ عدد المنخرطين في حركتكم؟ 

لم يتمّ بناء هيكل تنظيمي بعد، حيث إنّنا وبالرغم من مرور أقلّ من أسبوعين عن تشكيل الحركة، فإنّ صفحتنا على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك فقد تخطّت 90000 عضو. 

 

ما هي أهم الوسائل التي تستخدمونها لرفض الانقلاب والانقلابيين؟ 

نحن نأخذ موقفنا بالتوافق مع التحالف الوطني لدعم الشرعية، وندعو المصريين جميعاً للمشاركة في التظاهرات السلمية وغيرها من كل مظاهر الاحتجاج السلمي التي يدعو إليها التحالف الوطني لدعم الشرعية.

 

من أول لحظة تمّ فيها انقلاب الفريق أول عبد الفتاح السيسي على رئيسه محمد مرسي، كانت الكنيسة القبطية بزعامة البابا تواضروس ضمن الأطراف التي باركت الانقلاب والانقلابيين، ألا ترون أنّ موقفكم كمسيحيين يرفضون هذا الانقلاب، لا ينسجم مع موقف الكنيسة، وهل يحقّق موقف الكنيسة المذكور من الانقلاب توافق كلّ المسيحيين؟

لا يستطيع أحد أن يتحدّث بالنيابة عن شعب الكنيسة في الشئون السياسية وإلا فإنّه بذلك يخالف التعليم المسيحي الأرثوذكسي القويم، ويمارس دوراً سياسياً لا يمكن وصفه إلا بالطائفي. إنّ ذلك الشأن هو شأن سياسي تختلف فيه الآراء وتتّفق، ومن هذا المنطلق، يكون رأي البابا هو رأي فردي خاص به كمواطن مصري عادي لا علاقة له بالشأن الروحي للكنيسة، ولا يكون فيه البابا ممثّلاً لأي قبطي (مصري) أرثوذكسي، فنحن لا نناقش عقيدة أو أمرا روحيا يختصُّ بالشعب المصري حامل الديانة المسيحية، والذي أيضاً يتبع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ولكي لا ننسى، هناك أيضاً طوائف وملل أخرى للمواطنين المصريين المسيحيين في مصر من روم أرثوذكس وكاثوليك أقباط وروم وبروتستانت، وهؤلاء لا يتبعون إدارة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في أي شيء لا إدارياً ولا روحياً، و أخيراً لا يمكن أن يتفق أخوة في بيت واحد على أمر واحد، فما بالك بملايين المصريين المسيحيين سواء المقيمين في مصر أو خارجها.

لا أظن أنه من الصعب أن نصدق وجود مسيحيين معارضين للانقلاب العسكري، ومن هنا كان دور الكنيسة في هذا الأمر نقطة سوداء في تاريخها، إذ إنه يحدث فتنة كبيرة، ففي النهاية حجم علاقة السياسة بالمسيحية، لا يمكن مقارنته في الإسلام، كما في موقف الأزهر وبعض السلفيين، فالإسلام دين ودولة، وله تشريع مصاغ، أما المسيحية، فهي دعوة روحية وتشريعها يختلف تماماً عما هو عليه في الإسلام.

 

مباشرة بعد إعلانكم عن حركتكم “مسيحيون ضد الانقلاب” سارعت بعض الأطراف إلى اتّهامكم بعلاقتكم بالإخوان المسلمين، كيف واجهتم مثل هذه الاتهامات؟

بالضحك والسخرية حقيقة، لأنّ جماعة الإخوان المسلمين، هي جماعة دعوية إسلامية، ونحن ليس لنا أي صلة أو علاقة بحزب الحرية والعدالة، وهذه الفكرة هي بنت فكرنا دون أيّ ضغط أو طلب أو دفع من أحد، ونحن نقوم بهذا ليس فقط لدعم الإخوان المسلمين، ولكن بهدف قول الحق وإنقاذ مصر من دوّامة صراع طائفي لا تُحمد عقباه.

 

تتحرّك الأوضاع في مصر في ظل تعتيم شديد تضربه سلطات الانقلاب على كلّ أشكال المعارضة، هل أنتم واثقون من عودة الشرعية؟

نحن نثق في أنّه كما يقال “وما نيل المطالب بالتمني.. وإنما تؤخذ الدنيا غلابا”، و أنّه “إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. فلابدّ أن يستجيب القدر”، والمسألة ليست إلا بعض الوقت، فالانقلاب قد فشل بالفعل ويتهاوى، وما هو إلا زمن بسيط ليمضي الحق في طريقه، فمصر تستحقُّ منّا أفضل من هذا، وهناك بلا شك أداء للإعلام أقلُّ ما يوصف به هو الرجعية وعدم المهنية.

 

كيف تقيّمون كأقباط مرحلة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي؟

نقول إنّه أصاب وأخطأ، ولكنه بلا شك لم يضرّ بمصالح الأقباط على سبيل التحديد، بل على العكس، كانت هناك مبادرات طيّبة من جهته، فينبغي أن نتذكر أنه لم يكن في تاريخ مصر كلّه رئيس أو حاكم قال إنّ الاعتداء على الكاتدرائية هو اعتداء شخصي عليه، فما بالك وهو ينتمي للتيار الإسلامي، ويجب أن نقول إنّ جميع أخطاء مرسي ليست كافية للانقلاب عليه.

 

وهل تغيّرت الأوضاع تحت حكم سلطات الانقلاب؟

بالتأكيد تغيّرت، ولكن بكلّ أسف للأسوإ على جميع المستويات السياسي والاقتصادي والفكري الثقافي، وأيضاً الاجتماعي.

 

برأيكم، هل كان من الممكن أن يُكتب لحكم الرئيس محمد مرسي الاستمرار في ظلّ التحالف الذي ضُرب للإطاحة به من قوى داخلية وأخرى خارجية رافضة لوجود حكم إسلامي في الشرق الأوسط، ورأينا كيف أعلنت تلك الأطراف عن أسمائها، بمجرد عزل الرئيس محمد مرسي؟

بالتأكيد كان سيستمرُّ، والدليل أنّه سيعود، لأنّ الشعب يعي الآن أنّ الطرف الوحيد الذي يربح من كلّ ما يحدث هو إسرائيل باختصار.

 

كيف تابعتم عملية الفضّ الدموي لاعتصامات الإخوان في رابعة العدوية؟

لقد استيقظت يومها لأشاهد فيديو يعرض جثثا متفحمة في قلب الميادين، فلم أصدّق أنّ هذا كان سيحدث في مصر، وممّا لاشك فيه أنّ ما حدث في ذلك اليوم قد تسبّب في صدع اجتماعي بين الناس لايزال قائماً حتى الآن، وهو ما أظنُّ أنه أمر خطير جداً، والعالم كلُّه ذهل وارتاع من هول ما حدث في ذلك اليوم الذي لن يُنسى من ذاكرة الشعب المصري، ولكننا نقول إنّ من ماتوا في ذلك اليوم هم شهداء للحرية ولمصر الأفضل بإذن الله.

 

كيف ترون مستقبل مصر في ظل ما يبدو من تخبُّط سياسي، خاصة لدى الحكام الجدد، وما مستقبل المعارضة السياسية؟

حالك الظلام، فالتخبُّط وعدم وضوح الرؤية مع غياب الكوادر في ظل هذه الظروف الدقيقة، يضعهم وكلّ من يتبعهم في موقف لا يحسدون عليه، وأتساءل هل ستبقى معارضة سياسية في مصر في ظل حملات الاعتقالات والبلاغات والكراهية لكلّ من يخالف الرأي.

 

آخر سؤال..، يظهرُ أنّ مبارك رحل كشخص، لكنّ منظومته ماتزال تحكم تحت مسمّيات مختلفة، إلى أيّ مدى ترون صحة ذلك؟

في وقت من الأوقات كان يُذاع في الشارع المصري أنّ مبارك ما هو إلا واجهة لدولة أخرى تحتية في مصر من أصحاب المصالح المختلفة وإنهم هم المتحكّم الحقيقي في الدولة، وبات الآن واضحاً أنّ هذا الكلام لم يكن خيالياً، بل هو الحقيقة كلّها، فالتغيير الوحيد الذي نستطيع أن نجزم به اليوم هو خلع مبارك فقط والباقي يظلُّ كما هو، بل يزداد سوءاً…

 

مقالات ذات صلة