الرأي

حاخامات “التوراة” يبشرون بقرب هدم الأقصى

صرخات تتعالى تحت قبب المساجد، وتكاد تختلط مع أصوات المآذن: الأقصى في خطر.. حاخامات اليهود يبشرون باقتراب هدم المسجد الأقصى وإقامة هيكل سليمان المزعوم على أنقاضه، والمتطرفون يرقصون على وقع “بشارتهم”.. متطرفون يهود يعلنون عن “بشارة” تلقوها بـ”أن هدم المسجد الأقصى بات مسألة وقت، وسيرى العالم معبد سليمان شامخا عبر القنوات الفضائية، بعد انتظار طويل امتد خمسة وعشرين قرنا”.

وانطلق المتطرفون اليهود في تنفيذ خطة التاريخ المشين بتدمير الحرم القدسي الشريف، على خطى “إيهود عصبيون” و”يوسف دايان”، قائدي التنظيم السري الصهيوني، و”باروخ مارزيل”، رئيس حركة “كاخ” السابق، وهم يدفعون في حركات تمهيدية بمجموعات مشبوهة متطرفة إلى ساحة المسجد الأقصى للقيام بأفعال مخلة بقدسية المكان، كأن يضعوا الصليب على باب الصخرة المشرَّفة وسكب زجاجة من الخمر عليه، قبل أداء شعائر شيطانية لا تمتُّ إلى الأديان السماوية بصلة.

ولا تملك مؤسسة الأقصى سوى الإعلان عن قيام جهات مشبوهة “أنجلو- صهيونية” بالانتهاك الصَّارخ لحرمة المسجد وقدسيته، تعتقد بوجوب بناء هيكل سليمان المزعوم كمقدمة لنزول “المسيح”.

وشرطة الاحتلال الإسرائيلي تتفرَّج على كل حالات الانتهاك الصارخ للمسجد الأقصى؛ إذ هي التي تقوم بإدخال هذه المجموعات إلى المسجد وتقوم بحراستها والسماح لها بارتداء اللباس الفاضح والتجوُّل بحرِّية في ساحات المسجد الأقصى، وتمنع المسلمين من مجرد الاعتراض على أي عمل أو حركة مشبوهة تقوم بها هذه المجموعات.

هيئة الأمم المتحدة تلتزم الصمت، وتتناسى قرار اليونسكو “هيئة الأمم المتحده للثقافة والتربية والعلوم”، الصادر بتاريخ 13/10/2016 الذي نفى نفيا قاطعا أي علاقة لليهود بالمسجد الأقصى المبارك وبحائط البراق “حائط المبكى” واعتبرت المسجد الأقصى المبارك تراثا إسلاميا خالصا.

ويطلق شيوخ القدس وأئمتها أصواتهم في وصف حمى الاعتداءات المتصاعدة على المسجد الأقصى المبارك، لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه بأنها أعمال مشينة تقوم بها الجماعات اليهودية المتطرفة والإنجيلية الأصولية الغربية.. حيث يؤمن هؤلاء بأن نزول السيد المسيح لن يكون إلا بعد بناء الهيكل المزعوم، ليتعزز التنسيق التام بين الجماعات المسيحية الأصولية مع الجماعات اليهودية المتطرفة، التي تسمح حكومة الاحتلال بدخولها وتوفر لها الحماية وهي تقوم بتدنيس المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

والصرخات تنطلق من دون انقطاع: الأقصى في خطر، صرخات هي إنذار يسبق الحدث العظيم، في ظل غياب موقف عربي- إسلامي شعبي ورسمي. وتخاذل يكشف التقاعس المهين عن حماية المسجد الأقصى وحماية المرابطين في المدينة المقدسة.

الحفريات الصهيونية تتواصل تحت المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، بحثا عن الهيكل المكتوب في توراة محرفة، فالمتطرفون المعاصرون يعنيهم هيكل مزعوم منذ قرون خلت، ويُعِدُّون العُدَّة لإعادة بنائه، ليجعلوا منه بيتا لإله وهمي اسمه “يهوه”، عانى من وجهة نظرهم من الأسفار والترحال، وآن له أن يستقر في “بيت همقداش”!

التاريخ لا يُثبت وجود هذا الهيكل، بل يُعِدُّه من الأساطير والخرافات المؤسِّسة للعقيدة اليهودية، التي تأثرت بالعادات والتقاليد البابلية التي جعلت من بابل موطنا مقدَّسا للإله القومي “مردوخ”، فمنحها القوة في ضم ممالك أخرى، وأخضع الآلهة المتعددة ووحَّدها تحت سلطته.

وجاء في النص التوراتي “سفر أميا” لوصف بابل: بابل كأس ذهب بيد الرب، تسكر كل الأرض، من خمرها شربت الشعوب، من أجل ذلك جنت الشعوب”.

وتُعرف النصوص التوراتية بأنها متقلبة مقنَّعة، تخفي حقيقة الرسالة السماوية، بمسكوتات غير معلن عنها بشكل صريح.

لا تعني بابل القداسة عند اليهود والأهمية فقط، فهي حلمهم في الحاضر ـ آنذاك ـ حيث كانوا أسرى فيها، سرة العالم وحلم دولتهم الممتد من النيل الى الفرات.

وما أكدته السنة النبوية أن سليمان لم يبنِ هيكلاً كما تزعم التوراة، بل الثابت أنه بنى لله تعالى مسجدًا وهو المسجد الأقصى، وإن قصة الهيكل كما ترويها الكتب المقدسة عند اليهود قصة خرافية، والهيكل نفسه ليس له وجود حقيقي في التاريخ.

ويدل على ذلك الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد أن أبا ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: “المسجد الحرام”، قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: “المسجد الأقصى”، قلت: كم كان بينهما؟ قال: “أربعون سنة”.

لكن المسلمين الهائمين في شحذ نار فتنة طائفية، في بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء والمنامة، لا تبقي ولا تذر، لا يعنيهم المسجد الأقصى، كما لم يعنهم من قبل تدنيس موطن إبراهيم ويعقوب ويشوع وإدريس ويونس وذي الكفل في غزوة أمريكية همجية تحالف معها دعاة الفتنة عربا وأعاجم، ليبقى السؤال حائرا: من يحمي القدس من دمار قريب؟

مقالات ذات صلة