رياضة

حب الجزائريين لفلسطين ليس نفاقا

ياسين معلومي
  • 7922
  • 0

لم يعرف تاريخ كرة القدم منذ إنشائها مباراة ودية أخوية، كتلك التي لعبت الأربعاء المنصرم بملعب الخامس من يوليو بين المنتخبين الشقيقين الجزائري ونظيره الفلسطيني، تحت أنظار الآلاف من الجزائريين والفلسطينيين المقيمين بالجزائر، وملايين المتفرجين عبر شاشات التلفاز، ولأول مرة أيضا في تاريخ اللعبة الأكثر شعبية في العالم يتمنى المناصر انهزام فريقه في عقر داره، وهو الذي راح منذ ترسيم تاريخ المباراة يبحث عن وسيلة يشجع بها “المنافس”، رغم أن فريقه الأولمبي دخل التاريخ منذ أشهر بتأهله للألعاب الأولمبية بعد غياب دام أكثر من خمس وثلاثين سنة، فبحث عن العلم الفلسطيني في كل مكان ليحمله بجانب العلم الجزائري، ليبعث برسالة قوية إلى كل العالم أن الجزائر “حكومة وشعبا” تبقى وفية للفلسطينيين التي سلبت منهم أراضيهم وحريتهم دون حق.

لقد أعطى الجزائريون كل شعوب العالم درسا أن دولة فلسطين، التي أعلن عن إنشائها ذات يوم بالجزائر من طرف ياسر عرفات وبمباركة جزائرية، ستسترجع يوما حقها المسلوب وأن النضال وبشتى أنواعه متواصل ما دامت الحياة متواصلة، وما يقوم به المنتخب الفلسطيني لكرة القدم وفي رياضات أخرى يشبه وإلى حد بعيد ما قام به منتخب الأفلان سنة 1958، حين ترك لاعبون جزائريون ينشطون في مختلف الأندية الفرنسية ويعيشون حياة الرفاهية مع فرقهم عاصمة الجن والملائكة، والتحقوا بتونس وشكلوا فريق جبهة التحرير الوطني من أجل التعريف بالقضية الجزائرية وتدويلها، حيث تنقلوا إلى بلدان عديدة وواجهوا منتخبات قوية عديدة ليعرفوا بالجزائر، البلد الذي كان في حرب تحرير مع الاستعمار الفرنسي الغاشم الذي سلب منه أرضه وتاريخه، ليعودوا بعد الاستقلال معززين مكرمين إلى أنديتهم يحملون الجنسية الجزائرية والعلم الجزائري في قلوبهم، لقد خدموا بلدهم رياضيا لسنوات عديدة.. ويبقى التاريخ يحفظ لهؤلاء المجاهدين الرياضيين إنجازاتهم وسيظل، إلى غاية المواجهة الرياضية سنة 1975 بين الجزائر وفرنسا، في نفس الملعب الذي احتضن لقاء الجزائر فلسطين، وفاز الجزائريون آنذاك ورفرف العلم الجزائري قاهرا العلم الفرنسي وبهندسة رشيد مخلوفي أحد العمالقة الذي ترك ناديه سانت ايتيان، ورفض المشاركة في كأس العالم سنة 1958 للالتحاق بالثورة الجزائرية.

استوقفتني أمس مقولة أحد الزملاء الفلسطينيين: “لو فازت فلسطين حتى وديا على أحد منتخبات البلدان الحدودية مع فلسطين لأشبع لاعبو الفريق المنافس لاعبي المنتخب الفلسطيني ضربا.. ولتحالفوا حتى مع العدو الإسرائيلي ليعزلوا هذا الشعب الأبي لكي لا ينال حريته”، لكن ما فعله الجزائريون في اللقاء الأخوي يبين مدى تعلق الجزائريين بالقضية الفلسطينية، والكل يتذكر مقولة الرئيس هواري بومدين رحمه الله، حين قال: نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وسنصلي يوما في القدس رغم انف الإسرائيليين.

التاريخ سيبقى شاهدا على علاقة الحب والإيخاء التي تجمع الشعبين الجزائري والفلسطيني، التي أحس بها ميدانيا الوفد الإعلامي الفلسطيني الذي رافق منتخب بلاده، حيث كانوا يتلقون ترحابا لا مثيل له في كل مكان يحلون به، فقال لي أحدهم، عرفت الآن أن حب الجزائري لفلسطين ليس نفاقا بل حقيقة سنوصلها إلى كل الفلسطينيين وكلهم يحبون الجزائر مثلما تحبون أنتم فلسطين.

مقالات ذات صلة