الرأي

حتى الغابون؟

حسرة الجزائريين، نهار أمس، بخسارة بلادهم تنظيم كأس أمم إفريقيا لعام 2017، وحالة الترقب التي عاشوها طوال الساعات التي سبقت الإعلان عن البلد المنظم للدورة، جعلتنا نتأكد من حالة فقدان الثقة في النفس، التي عصفت بالجزائريين في السنوات الأخيرة، إلى درجة أنهم صاروا يتمنون انتزاعهم “شرف” تنظيم بطولة قارية، احتضنتها إثيوبيا ثلاث مرات، والسودان مرتين وغينيا الاستوائية في السنوات الثلاث الأخيرة مرتين ولحقت بها الغابون أيضا. ومن دون التقليل من حجم بلدان القارة، بما في ذلك الغابون، فإن الجزائر صراحة، أكبر من أن يصبح تنظيمها لبطولة إفريقية في كرة القدم حلما، وهي التي قادت القارة رياضيا وثقافيا وحتى سياسيا وأمنيا، ولم تكن قد بلغت من العمر عشر سنوات استقلالا.

فقد امتلكت الجزائر أكبر مركب رياضي، بمرافقه الخاصة، بمختلف الرياضات الفردية والجماعية، قبل أن تحتفل بالذكرى العاشرة لاستقلالها، وكان يعتبر من بين أكبر عشرة ملاعب في العالم في ذلك الوقت، واستقبلت أكثر من ثمانين رئيس دولة وملك، في ملتقى عدم الانحياز بعد إحدى عشرة سنة من الاستقلال، من بينهم خمسون زعيما إفريقيا، كان منهم رئيس غانانكريماحورئيس الغابونعمر بانغو، البلدان اللذان نافسا الجزائر على احتضان أمم إفريقيا 2017، وكانا عام 1973 يسيران حيث سارت الجزائر، ويأخذان المشورة   حتى لا نقول الأمر من الرئيس الراحل هواري بومدين، واحتضنت الألعاب المتوسطية بعد ثلاث عشرة سنة من الاستقلال، والألعاب الإفريقية بعد ست عشرة سنة من الاستقلال، ولم تكن حينها تبتهج أو تعتبر تنظيم هاته التظاهرات والبطولات، بطولة من ديبلوماسييها أو من وزرائها، لأن الجزائر بالمختصر المفيد، أكبر بلد في إفريقيا، وقيادتها للقارة من المفروض أن تكون من طبيعة الأشياء، وليس مَنّا منعبقريةهذا أو ذاك، وكان من المفروض، حسب المنحنى التصاعدي الذي سارت عليه الجزائر منذ الاستقلال، إلى غاية بداية ثمانينات القرن الماضي، أن تنافس على احتضان كأس العالم التي طمعت في تنظيمها المغرب ومصر وليبيا وتونس وفازت بشرف احتضانها جنوب إفريقيا، وحتى بتنظيم الألعاب الأولمبية وليس كأسا إفريقية نافست فيها بلدا صغيرا لا تزيد مساحته عن مساحة مدينة وهران، وبلغ تعداد سكانه مليونا ونصف مليون نسمة بتعداد شهداء الجزائر أو سكان ولاية سطيف حاليا، والأدهى والأمرّ أنها خسرت الرهان.

المشكلة في عالم الرياضة وحتى في السياسة، ليست أبدا في الربح والخسارة، لأنها من طبيعة الحياة، وإنما في ما يأتي بعد النتيجة النهائية، فقد حوّلت إسطنبول خسارتها تنظيم الألعاب الأولمبية الصيفية التي أجريت عام 2012 إلى ثورة رياضية واقتصادية. وحوّلت ألمانيا عدم منحها شرف استضافة كأس العالم لعام 1962 إلى ثورة في جميع المجالات، ولكن قبل ذلك كل الذين اجتهدوا ودافعوا عن ملفات بلدانهم وفشلوا، استقالوا وتركوا مكانهم للأجدر منهم؟

مقالات ذات صلة