جواهر
من فوق عمرو خالد ومن تحت الشاب خالد!

حجاب آخر زمن.. موديلات تبهر ولا تستر

نادية شريف
  • 43065
  • 66
ح.م
الحجاب من العفة إلى الزينة

المتجول بين أزقة المحلات، والمتأمل في طريقة لبس الفتيات لا شك أنه سيلاحظ أصنافا وألوانا لا حصر لها من الموديلات الفاتنة، يقال أنها حجابات، تشف وتصف، ولا تستوعب جميع بدن المرأة، وبالمختصر المفيد هي زينة في حد ذاتها ولا بد من حجابات أخرى توضع فوقها لتغطي المفاتن التي تظهرها وتبرزها، لأن التي تلبس ثوبا ضيقا في منطقة الصدر ومفتوحا من الجانبين أو مزخرفا ومطرزا بشتى الألوان أو مجملا بالورود، والتخاريم أو لماعا للناظرين من فرط تحميله بالأشياء الجذابة والمثيرة أو محددا بدقة لتفاصيل الجسد، والتي تضع الخمار على شعرها فقط وتمسكه من فوق لتظهر رقبتها والأقراط الموجودة في أذنيها، أو تعبث به كما يحلو لها لتحصل على شكل وردة أو جديلة أو أي شكل ملفت للانتباه لا يصح أن تسمي لباسها حجابا لأنه لا يتوفر على أي شرط من شروطه.

حجاب المرأة المسلمة     

يقول المولى عز وجل في سورة النور: “وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن” وتوضيحا لهذه الآية الكريمة ولشروط الحجاب الذي فرضه الله على كل امرأة بالغة يجيبنا أستاذ في العلوم الإسلامية: “نهى الله عز وجل المرأة عن إبداء زينتها إلا ما ظهر منها، وهنا يقصد الوجه والكفين، أما ما سوى ذلك من صدر وعنق ورأس فيجب تغطيته أمام من ليسوا بمحارمها، وقد حدد جمهور العلماء الشروط التي يجب أن تتوفر في الثوب الذي تلبسه المرأة حتى يسمى حجابا، منها أن يكون واسعا يغطي كامل الجسم من الرأس إلى القدمين ما عدا الوجه والكفين طبعا، أن لا يكون شفافا يصف ما تحته، أن لا يشبه لباس الرجال، وأيضا كشرط مهم جدا أن لا يكون فتنة في حد ذاته”.

الحجاب “المودرن” يروق للفتيات

هذا عن رأي الشرع، مادام الحجاب أمرا ربانيا فرض على النساء حتى لا يؤذين الرجال بمفاتنهن ولا يتأذين هن من نظرات الذئاب ومعاكساتهم ومن كل طامع في قلبه مرض، أما عن رأي بنات حواء فهو مغاير تماما لأنهن سعيدات للغاية بوجود هذه الموديلات الفاتنة المغرية التي أفرزتها دور الأزياء العالمية الساعية إلى إبراز كل مواقع الإثارة الموجودة في جسد المرأة لتظهرها في أبهى حلة، فتصبح المتحجبة أكثر فتنة وخطرا من المتبرجة، تقول نعيمة: “إن الموديلات الجميلة المعروضة حاليا في الأسواق هي التي شجعت الفتيات على التحجب لأن الحجاب العريض ذو اللون الباهت أو الأسود لا يروق لأي واحدة” وتقول أمينة: “اهتمام المصممين بتطوير وتحديث الحجاب أمر رائع جدا فهكذا يصبح بإمكان المتحجبة أن تواكب العصر وتتبع الموضة وجديد الأزياء” فأي كارثة هذه ومنذ متى كان الحجاب وسيلة للإغراء والتمظهر؟.

إن كل هذه الخرق التي نستوردها باسم الحجاب لا تمت له بصلة، فكيف نجرؤ على تسميتها كذلك وهي تشبه فساتين السهرة “الشفافة، المزركشة، والمعقّشة” وكيف تجرؤ فتاة مسلمة على رفع خمارها عن جيبها ليرى الأجانب فتحة صدرها أو وردة تزينها؟…بل كيف تنفر من الحجاب الأصيل الذي يحقق لها الهدف المنشود من الستر الكامل حتى لا تتحرك اتجاهها المطامع وتتابع باهتمام بالغ ذاك الجديد المحدد لتضاريس جسمها والذي تدفع لاقتنائه مبالغ معتبرة قد توفر لها 4 حجابات عادية أو أكثر؟ تقول حسينة: “الفتاة المسلمة لا بد وأن تعتني بمظهرها وأن تكون نظيفة ومتأنقة، لكن هذا الاعتناء بالمظهر لا يجب أن يكون فيه تجاوز وعبث بشرع الله، وهذه الموديلات التي تملأ الأسواق والتي يتم عرضها وعمل إشهارات لها هي وجميع ملحقاتها من إكسسوارات وخمارات مناسبة لها تتماشى وجديد العصر لا تستر بل تفتن”.

من جهة أخرى يؤكد بعض تجار الأقمشة والألبسة الجاهزة أن الحجاب قطع أشواطا عديدة وتجاوز شكله غير المرغوب فيه بحيث أصبح الإقبال على اقتناء الموديلات الراقية كبيرا جدا، يقول صاحب محل لبيع الحجابات والملاءات والخمارات: “الحجاب والخمار العادي أصابهما نوع من الركود، عندي قطع كثيرة لم تبع من سنوات لأنها لا تروق للفتيات…إنهن يبحثن عن الموديلات الجديدة، المزينة، الضيقة، المطرزة، وهو ما يحقق لي الربح الأكيد لذلك أعمل على توفيرها لهن ومساعدتهن على انتقاء أحسن تصميم”.

المتبرجات ينتقدن المحجبات !

ميل الكثيرات، أوانس وسيدات إلى هذا الحجاب المعصرن جعل بعض المتبرجات ينتقدن بشراسة هذه الطريقة المزيفة في اللبس خاصة إذا ما وجه لهن أحد دعوة صادقة للانضمام إلى قائمة المحجبات، تقول فتاة متبرجة: “أنا غير مقتنعة بالحجاب ولا أفكر في ارتدائه حاليا وإن قررت يوما أن أخوض التجربة فلن أتلاعب به كما تفعل بعض الفتيات اللواتي يلبسن الضيق والمفتوح من كل الجوانب وحتى القصير، واللواتي يضعن الخمار بغرض الزينة ويدعين بأنهن يمتثلن لأوامر الله، بل أفضل أن أطبقه كما يجب وإلا فأنا في غنى عنه وأفضل البقاء هكذا ما دامت الفتنة في كل الحالات موجودة”، وتقول أخرى: “أنا لا أحب هذا النوع من الحجابات “المعجبة” والتبرج أرحم من التدين لأن الحقيقة أن معظم الفتيات اللواتي تحجبن في الآونة الأخيرة، اكتشفن سحرا خفيا في هذه الموديلات يمنحهن جمالا إضافيا فلا أظن أن واحدة تطبق أوامر الله وتجتنب نواهيه تقبل أن تكون فرجة ومتعة للغير”.

وللرجال رأي في الموضوع؟

نظرة الجنس الآخر لحجاب المرأة الحديث لا يختلف عن حكمنا الظاهر عليه، لأن بعض الرجال يرون بأنه أصبح فتنة لا تعادلها فتنة، فالفتاة التي تضع خمارين بلونين منسجمين، متلائمين وتزينهما جيدا ببعض الإكسسوارات كالأقراط والسلاسل، وتضيف بعض اللمسات العجيبة الغريبة يؤثر في قلوبهم تأثيرا لا مثيل له على حد قولهم لأن الجمال الذي يبدو عليها يفوق جمال المتبرجة التي تسرح شعرها وتسدله على ظهرها.

وتروي لنا إحدى الفتيات قصة شاب غيور خطب فتاة جامعية متحجبة فتقول: “هما في شجار دائم لأنه لا يوافق على طريقتها في اللبس، صحيح هي محجبة ولكنها تتبع الموضة وتختار الموديلات الجميلة، لقد منعها منعا باتا من وضع خمارين في آن واحد لأن ذلك يفتن الرجال ويجذب اهتمامهم”، أما إحدى السيدات المتزوجات فتقول: “أنا بصراحة أعشق الموديلات الخاصة بالمحجبات وأحب أن أزين نفسي بها لأنها تضاعف من جمال المرأة ولكن زوجي الرجعي لا يسمح لي بانتقاء ما أريد، يشتري لي فقط الحجابات التي أكل عليها الدهر وشرب ويختار لي الألوان الداكنة كالأسود والبني، اشتريت مرة موديلا رائعا برتقالي اللون مفتوحا من الجانبين وتحته سروال عريض ومعه خمار قماشه رهيف بنفس اللون وحذاء وبعض الإكسسوارات التابعة له، فثارت ثائرته وغضب مني، بل ومنعني من ارتدائه، واشترى لي آخر فضفاضا يكفي لتغطية امرأتين ولونه ترابي مقزز، وكل ذلك حتى لا ينظر إلي أحد”.

وبلسان رجل تربى في نفسه فجأة عشق المحجبات جاءت هذه الكلمات: ” في وقت مضى لم يكن الرجل يعاكس المحجبات لأنهن كن عاديات جدا في لباسهن، متلفعات في مروطهن، لا يرى الواحد من الرجال ما يأسر قلبه أما اليوم فهن يفتنّ أكثر من المتبرجات بسبب العجب الذي يلبسنه، أنا لا أفهم إن كان حجابا أم فستانا أم ماذا ولكني أصبحت أعجب بالمتحجبة وبصراحة الخمار يزيد في جمال المرأة إذا كان من الطراز الرفيع وإن أتقنت جميع المهارات المتعلقة به”.

برامج توجيهية للمحجبات

لم تعد حصص تلقين الدروس في كيفية اللبس والاعتناء بالمظهر وعرض جديد الأزياء من دور الموضة مقتصرة على المتبرجات بل حتى المتحجبات أصبح لهن نصيب من الاهتمام، حيث تم تخصيص برامج تلفزيونية لهن تعلمهن كيفية وضع الخمار بأشكال تبهر الناظر وتبرز المفاتن الواجب إخفاؤها كالعنق والأذنين، وتنقل لهن من المحلات أشهر الموديلات وأكثرها جمالا وجاذبية حسب الفصل واللون الرائج على أنه موضة السنة، فهذا حجاب ممتاز لشتاء ،2013 وهذه ملاءة خفيفة لربيع 2014، وهذه عباءة مكيفة “كليماتيزي” لصيف السنة الجارية، فهل هناك أشد خطرا على فتياتنا من هؤلاء المروجين للفتنة؟.

والله نحن لسنا نبالغ بقولنا هذا لأن تصريح أحد المصممين بأن وضع وردة في الأعلى يلفت انتباه الآخرين لمنطقة الصدر ، ورفع الخمار إلى الخلف يجذب الاهتمام لمنطقة الرقبة هو أكبر دليل على رغبتهم المريضة في إشاعة الفاحشة، تحريك الغرائز ،ونفي الغرض الحقيقي الذي شرع من أجله الحجاب ولا مبرر هنا غير أن هؤلاء يريدون الزوال للحجاب كي يجعلوا مكانه موديلات صارخة لا تختلف في شيء عن أثواب الحفلات والسهرات، وهكذا تبقى المرأة بالنسبة لهم مجرد صورة حية مجسدة للمتعة والفتنة، ومروجة لمختلف السلع التي يهدفون من ورائها للربح المادي والشهرة.

مقالات ذات صلة