الرأي

حجاج بيت الله ومشجعو الكرة

لم يجد السيد محمد عيسى، وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، أي حرج، وهو يكرّر ما قاله أسلافه من وزراء الدين، في مختلف الحكومات منذ الاستقلال، بأن تكاليف الحج سوف ترتفع، مع بقاء “كوطة” الجزائر ثابتة منذ ثلاثة عقود، بالرغم من أن عدد سكان الجزائر، وخاصة عدد المستطيعين إليه سبيلا، ماديا، قد تضاعف، ولم تجد الخطوط الجوية الجزائرية أي حرج، وهي للمرة الألف، تقف، صماء بكماء عمياء، من دون أن تقدم لسفراء الرحمان أي هدية بتخفيض أسعار الرحلات، كما تفعل مع المهاجرين العائدين إلى أرض الوطن في أيام العطل، أو مشجعي الكرة في رحلاتهم إلى السودان وأنغولا وبوركينا فاسو والبرازيل، علّها تكفّر بعضا من ذنوبها بإخلاف مواعيد الطائرات، التي أصابت الكثير من زبائنها بالسكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها من الأمراض.

وعندما نتابع الهبّة الشعبية وتحرّك أصحاب المال ومختلف المؤسسات باسم الوطنية، كلما تعلق الأمر بلعبة كرة القدم، إلى درجة أن بعض الشباب من الذين لم يزوروا في حياتهم الولاية التي تجاورهم ولا يمتلكون ثمنا لوجبة عشائهم، تمكنوا من منّ الدولة وأصحاب المال، من السفر إلى بلاد العالم البعيدة، لمتابعة مباراة كرة كان أحد طرفيها المنتخب الجزائري.. نتساءل: لماذا يبقى الحاج، وهو في الغالب شيخ طاعن في السن وضع ما غرسه طوال العمر من مال، وغامر بالصحة ودخل زوبعة القرعة، بعيدا عن عين وعن قلب الدولة ورجال المال أيضا، الذين يوفرون لمشجع الكرة المال للسفر، واللباس، وأحيانا حتى وسائل التشجيع من رايات وطبلات ومزامير، بينما يقف الحاج في الطابور العمر كله، يبذل المال والصحة وكثيرا من حظه، فإما يموت من دون تحقيق حلم الدنيا والآخرة، أو يموت بتحقيق حلمه، بضبابات من الكوابيس، تبدأ دائما عبر نفس الخطاب الذي يتحدث عن ارتفاع أسعار تكاليف فريضة الحج.

لا جدال في أن الوزير الحالي، ومن سبقه من الوزراء، إنما يقدمون لسفراء الرحمان الأسعار التي تصلهم من المملكة العربية السعودية ومن شركات الملاحة الجوية، ولكن وظيفة حامل هاته الحقيبة، تتطلب أيضا بعض التفكير، ولو باستنساخ التجربة الماليزية أو الأندونيسية التي تفتح للحاج حسابا جاريا، يضع فيه منذ صباه مبلغا ماليا، وتتهاطل عليه بين الحين والآخر بعض الهبات، وعندما يبلغ سن الحج، تخصه الدولة بتربص فقهي وحياتي، فيكون خير سفير لوطنه ولله.

لقد رحم الله الحجاج بدعاء النبيين محمد وعيسى عليهما السلام في الدنيا وفي الآخرة، فقال محمد عليه السلام: “ما من مسلم يلبي، إلا لبّى مَن عن يمينه أو عن شماله، من حجر أو شجر أو مدر، حتى تنقطع الأرض من هاهنا أو هاهنا”.

وقال عيسى عليه السلام: “وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا، وبرّا بوالدتي ولم يجعلني شقيا”.

أما محمد عيسى، الوزير الجزائري للدين، فقد بشّر الحجاج الجزائريين وعوائلهم بارتفاع تكاليف الحج؟

مقالات ذات صلة