-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حرب الألوان 

حرب الألوان 

بعض السقطات التي وقع فيها غربيون محسوبون على “الديموقراطية” و”حرية التعبير”، أبانت خلال منافسة كأس العالم الجارية حاليا في دولة قطر، أن العُقد النفسية، هي في الحقيقة لدى الآخر، وبأن ما بين أيدينا هو الحق، حتى ولو حاولوا على مدار قرون اعتباره باطلا.

لقد حاولنا في العقود الأخيرة، تفهم الحملات الشعواء على شعائر الإسلام من حجاب ونقاب وبناء لمساجد على الأرض الأوروبية، وحاولنا الاقتناع بأن البلاد بلادهم، ومن حقهم ربما أن يرسموا الفسيفساء الاجتماعية التي يرونها تليق ببلادهم، وأن لا يشيّدوا إلا ما طاب لهم من بنايات، لا تقام فيها صلاة المسلمين ولا يُطلق فيها أذان الفلاح، أمّا أن ينقلوا بالقوة وبالإصرار المنطلق من مناطق عديدة من بلاد أوربا “تفاهاتهم” إلى بلادنا، فهذا دليل على أنهم لا يريدوننا أن نزاحمهم اقتصاديا أو ثقافيا أو اجتماعيا، بل لا يريدوننا أن نكون على وجه الأرض أصلا.

تابعت روبورتاجا تلفزيونيا حول قطر، على قناة فرنسا السادسة “أم 6” عشية مباراة منتخب فرنسا الأولى، ولم يتطرق منجزوه أبدا للمباراة ولا للاعبي المنتخب الفرنسي، وإنما ركزوا على مشجِّعات فرنسيات سافرن من باريس إلى الدوحة وخاب ظنُّهن، لأنهن لم يُقِمن علاقات مع مشجعين من بلاد أخرى ومن البلد المضيف بالخصوص كما تعوّدن، وتحول “الروبورتاج” إلى دراسة نفسية واجتماعية للآخر، انتهت إلى تشخيص عُقد لدى العرب والمسلمين وهي في الحقيقة عُقدٌ لدى الذين أنجزوا هذا “الروبورتاج” البائس والحقود، الذي لم يكن سوى قطرة من طوفان التذمر الذي حاول من خلاله العديد من الأطراف الغربية إغراق فرحة القطريين والعرب بعرس رياضي أرادوه أولا، ثم أنجحوه ثانيا، ومن يدري فقد يفوزون بتاجه قريبا.

عندما نرى تعامل الآخر مع نجاح كروي، علينا أن نقيس على مجالات أخرى أكثر أهمية من علوم واقتصاد وتسلح، فهم لا يريدون أي نجاح في تنظيم تظاهرة كروية بخلطة عربية إسلامية، فما بالك أن يتحسَّسوا تطورا علميا قد يساوي بين الغرب والعرب.

عندما قال اللاعب الألماني السابق وقائد الفريق “فيليب لام”، إن “تنظيم قطر لمنافسة كأس العالم، خطيئة يجب ألا تتكرر”، فهو اختصر ما سيتم فعله مستقبلا، ليس في كرة القدم فقط وفي بقية الرياضات، وإنما في كل المجالات، ولحسن الحظ أن العالم ما بقي بين أيدي هؤلاء الذين أرادوا صبغ لون قطر العنابي بألوانهم “الشاذة”، وإنما العالم انقسم الآن، وفي الوقت الذي سقط الغرب في التفاهات سجّلت بلدان أخرى ومنها اليابان نقاطا لصالح آسيا عندما قام أنصار المنتخب الياباني بتنظيف الملعب بعد نهاية المباراة، وسار على دربهم لاعبو الفريق الذين نظفوا غرف تغيير الملابس وتركوا هدايا لعمال الملعب و”شكرا” باللغة العربية، نقشوه في غرف تغيير الملابس، فكانت اليابان والبرازيل مثلا، مختلفتين عن أوربا التي لا تريد أن تُري العالم إلا ما ترى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!