الجزائر
"الشروق" تستنطق الإسلاميين حول الحملة الفرنسية ضد المشروع:

“حرب صليبية” جديدة ضد الجامع الأعظم!

الشروق أونلاين
  • 42423
  • 147
ح.م

خلف صمت الأحزاب والهيئات المحسوبة على التيار الإسلامي والقطاع الديني عموما، إزاء الحملة التي يتعرض لها مشروع “مسجد الجزائر الأعظم” من قبل أوساط فرنسية وأطراف داخلية، جملة من التساؤلات حول خلفيات هذا الموقف الموصوف بـ المتخاذل”.. البعض من الأحزاب الإسلامية تعتبر المشروع، مشروع الرئيس بوتفليقة، ومن ثم تتنصل من أية مسؤولية تجاه، في حين يرى البعض ممن لا يشاطرون هذه القراءة، ان المشروع هو مشروع الجزائر ورمزها، ومن ثم فالدفاع عنه في وجه الحملة المسعورة التي تستهدفه، واجبا وطنيا.. فأي القراءتين أقرب إلى المصداقية؟ وهل معارضة السلطة تجر صاحبها لمخاصمة كل ما يصدر عنها (السلطة) ولو كان مشروعا مثل “الجامع الأعظم”؟ ألا يعتبر تكالب فرنسا مدعاة لاحتشاد الجميع في خندق واحد؟ هذه الأسئلة وأخرى سيحاول “الملف السياسي” لهذا العدد الإجابة عليها.

 

المسكوت عنه عند خصوم “الجامع الأعظم  “

حجاج “برج إيفل” والحملة على “المحمدية”

أسال مسجد الجزائر الأعظم ولا يزال الكثير من الحبر، واللافت في الأمر هو أن الحبر الذي يتدفق بقوة هذه الأيام، كان مصدره المستعمِرة السابقة فرنسا، قبل أن ترافقها أصوات نعقت من الداخل في توجّه يبدو مسايرا لذلك الذي انطلق من باريس، ما يرجح أن تكون فرضية الإيعاز قائمة    ..

غير أن المثير في القضية، هو الصمت المريب للأحزاب والهيئات المحسوبة على التيار الإسلامي في الجزائر، فقد بقي الجميع يتفرج على المسرحية وكأن الأمر لا يعنيهم. فباستثناء القلة القليلة منهم، بقي “مسجد الجزائر الأعظم” مغيّبا في خطاب الأطراف السالف ذكرها، بالرغم من أن القضية تنطوي على حساسية كبيرة، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بفرنسا الاستعمارية الحاقدة وأذنابها في الجزائر، والذين يبدو أنهم استفاقوا أخيرا على وقع هول الصدمة وهم يشاهدون مئذنة هذا المسجد تخترق أجواء العاصمة.

لا شك في أن صمت الأحزاب الإسلامية فيه الكثير من المبررات إذا تم تحليله بخلفيات الراهن السياسي المأزوم.. فالعلاقة المتوترة بين هذه الأحزاب من جهة والسلطة من جهة أخرى، تكون قد جرّتهم لرفض كل ما يأتي منها (السلطة) حتى ولو كان شيئا جميلا، بما فيه مشروع “الجامع الأعظم“.

قد يكون هذا الموقف من الأحزاب الإسلامية مستساغا لو بقي النقاش جزائريا خالصا.. أما عندما يصبح “الجامع الأعظم” منفذا لمهاجمة الجزائر من الخارج، ومن أين؟ من مستعمِرة الأمس التي حاولت مسخ الجزائريين وسلخهم من هويتهم طوال 132 سنة من احتلال استيطاني بغيض لكنه فشل في الأخير، فهذا موقف قد لا يغفره لهم الجزائريون.

من يتباكون من الخارج وكذا من التحق بهم مؤخرا من الداخل، على مصلحة الجزائر يرفعون العديد من المبررات والمسوغات الواهية، من بينها أن إقامة مثل هذا الصرح لا يصلح في منطقة زلزالية كالعاصمة، وأن ما يحتاجه الجزائريون هو المستشفيات والمدارس والطرق وما إلى ذلك.. لكنهم في واقع الأمر يتحركون بخلفيات أخرى غير تلك التي يجهرون بها وإن تمسحوا بشيء من الخوف على مصلحة الجزائريين.

ولو كان الفرنسيون ومن يسايرهم في الداخل صادقين حقا في ما يقولونه بشأن “الجامع الأعظم”، لكان الأحرى بهم أن يطالبوا باريس بتفكيك “برج إيفل”، المصنوع من الحديد الذي مضى عليه أكثر من قرن من الزمن، حتى لا ينهار على رؤوس الباريسيين، قبل أن ينتابهم الخوف من انهيار صرح لا يزال قيد الإنجاز وهو يبنى وفق أحدث الأنظمة والمعايير المضادة للزلازل، يمتص هزة زلزالية عنيفة بقوة تسع درجات على سلم ريشتر ويخفضها إلى ثلاث درجات فقط.

مثل هؤلاء يعتبرون “برج إيفل” رمزا لفرنسا، غير أنهم يستخسرون أن يكون للجزائر رمز خاص بها يغرف من ماضيها الحضاري التليد.. إنهم يتمنون أن تبقى كنيسة السيدة الإفريقية النائمة على هضبة زغارة ببولوغين غرب العاصمة، التي بناها المبشر والقسيس الفرنسي (بافي) في عام 1855 رمزا للجزائر.. ويتضح الهدف والخلفية عندما نقف على أسماء الجنرالات الفرنسيين الذين ساهموا في بناء هذا الكنيسة، على غرار السفاحين الجنرالات بيجو وسونيس وبيليسي.

إن من يحاربون مسجد الجزائر الأعظم اليوم، هم من يحجّون لـ “برج إيفل” ويولون وجوههم شطر قوس النصر، وهؤلاء لمن لا يعرفهم هم من يهرولون عادة إلى حمل مظلاتهم عندما تمطر السماء في باريس، وهم من يحاربون العربية والإنجليزية ويسعون إلى فرض اللغة الفرنسية التي تجاوزتها الأحداث في عقر دارها، لغة وحيدة وأولى على الجزائريين.

 

وزير الشؤون الدينية السابق أبو عبد الله غلام الله لـ”الشروق”:

الفرنسيون لا يتحملون أن تنجز الجزائر “الجامع الأعظم”

دافع وزير الشؤون الدينية أبو عبد الله غلام الله بقوة عن مشروع جامع الجزائر الأعظم، وقال في تصريحات لـ”الشروق” أن الذين ينتقدون المشروع من الناحية التقنية وخصوصا الفرنسيين يفعلون ذلك، لأنهم لا يحتملون أن تنجز الجزائر هذا المشروع الضخم، مشيرا إلى أن وزارة الشؤون الدينية في عهده نظمت ملتقيين دوليين في إطار التحضير للمشروع ووجهت الدعوات للجميع بما فيهم المهندسين الذي ينتقدون الجوانب التقنية للمشروع هذه الأيام، غير أن هؤلاء اكتفوا بالحضور الرمزي ثم الانسحاب، وبعد أن مضينا في المشروع، يضيف الوزير، باستيفاء كل الدراسات التقنية للأرضية يتم الآن ترويج الشبهات حول المشروع.

 غلام الله قال إن ما يثار في الصحافة هذه الأيام حول المشروع كله خطأ، ولو كان في أرضية المشروع مشكل لما صمدت عمارتان ضخمتان بالمحمدية، بما تحملانه من أثقال على هذه الأرضية. كما انتقد الوزير السابق مكتب الدراسات الألماني قائلا إن هذا الأخير أمضى عقدا في بداية العمل، ثم بدأ يطالب بالمزيد قبل انتهاء الأشغال.

 ودافع الوزير السابق بشدة على الشركة التي تقوم بالإنجاز قائلا إنها شركة لها سمعة عالمية وإنجازات في كل القارات بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، وستكمل مشروعها برغم كل ما يقال، وسيكون المشروع فخرا لكل الجزائريين. وبدا غلام الله واثقا من نفسه وهو يدافع عن المشروع الذي تابعه لعدة سنوات، قائلا: “إن هذا المشروع سيأتي بالخير الكثير للجزائر وقد سبق أن فعل، حيث تم استغلال آليات دراسة الأرضية بعد أن صرفت عليها الجزائر أموالا طائلة”.

       

رئيس مجلس أئمة فرنسا حسين درويش لـ”الشروق”:

“دوائر فرنسية حاقدة ترفض أن تكون للجزائر هوية إسلامية”

أدان رئيس مجلس أئمة فرنسا حسين درويش، التحامل الفرنسي على مسجد الجزائر الأعظم، وصنف الحملة في خانة “الحقد التاريخي الفرنسي على الجزائر”، وسعي تلك الدوائر إلى “إبقاء الجزائر دون هوية إسلامية”، على حد تعبيره.

وقال الشيخ درويش، ردا على “التكالب” الفرنسي ضد المسجد الأعظم: “أقيم لسنوات في فرنسا، وأعرف ما يحدث هنا، في فرنسا حقد تاريخي دفين، هم لا يحبون أي مشروع أو صرح يعيد الجزائر إلى أصلها الإسلامي”، ويبدى درويش في حديثه مع “الشروق”، اقتناعا مطلقا بما سيحققه المسجد، ويقول: “المسجد ليس قاعة صلاة فحسب، بل هو منارة إسلامية، وسيكون قبلة مغاربية للأمن والأمان والسلم”.

ويتوقف الشيخ درويش، عند الرابط بين المسجد والأئمة الجزائريين بفرنسا، ويسجل: “الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا، وخاصة الأئمة سيستفيدون من النشاط الذي سيكون عليه المسجد، خاصة في مجال التكوين”، ويؤكد على القيمة التي يحظى بها الأئمة الجزائريون في فرنسا، مضيفا: “أئمة الجزائر بفرنسا هم ثلة للسلم، وهذه الشهادة سمعناها لدى كثير من المسؤولين الفرنسيين، كما هو الحال مع وزير الداخلية…الساسة الفرنسيون يقولون إن النموذج الجزائري لم يكن أبدا صداميا”.

وعن انتقال “عدوى” انتقاد المسجد الأعظم إلى أوساط جزائرية، يقول محدثنا: “للأسف هنالك أصوات مُغرضة، أصبحت تخاف من كل ما هو إسلامي، لكن يجب أن لا نغفل أن الإسلاميين أصبحوا مرعبين، فهم ينادون بالديمقراطية ولا يطبقونها، ولا يتداولون على المنصب، الإسلاميون أصبحوا يعطون صورة سلبية”، وهنا ينصح المتحدث بضرورة إرسال رسالة مفادها أن “الإسلام لا يُرعب ويجب أن يكون تحت سلطة الدولة”.

 

الأمين العام لتنسيقية الأئمة وموظفي الشؤون الدينية جلول حجيمي:

تشييد المسجد في معقل التبشير المسيحي يؤرق فرنسا

استنكر الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، الشيخ جلول حجيمي، ما يتعرض له المسجد الأعظم من انتقادات وهجمات خارجية ومحلية، واعتبر التصريحات التي تزعم انهياره، مجرد أراجيف.

وقال حجيمي لـ”الشروق” إن أصحاب المشروع قاموا بدراسة تقنية حول الأرضية وعاينوا التربة قبل الشروع في بنائه، ووصف المتحدث المسجد الأعظم من المشاريع المرتبطة بالهوية الوطنية لكون المشروع يتضمن أطول مئذنة، وقد تزامن مشروع المسجد الأعظم مع التكالب الإعلامي على الإسلام ليأتي ليبين حقيقة الإسلام الوسطي الذي يكرسه المجتمع الجزائري ويدعو إليه.

وأضاف الشيخ حجيمي أن المساجد شعيرة من شعائر الله وهي عظيمة لقوله تعالى: “ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب”. كما يدل المسجد على حضارة الشعب وتمسكه بالإسلام، ففيه مرافق مثل دار الإفتاء، معهد شرعي للتكوين، معارض باستمرار تركز على هوية المجتمع العربية والأمازيغية، أما الأمور التقنية فيجب تركها للمتخصصين.

ورجّح الأمين العام لتنسيقية الأئمة فرضية أن تكون الهجمات الفرنسية على المسجد الأعظم، تعود لما تعنيه المنطقة التي شيد عليها بالنسبة لهم، فقد كانت تابعة لواحد من المبشرين الفرنسيين (لافيجري) ومعقلا من معاقل التبشير المسيحي، ليأتي المشروع ليزيل ما تمثله بالنسبة لهم ويتحول لمعقل من معاقل الإسلام والدفاع عنه وهو من أهم إنجازات الرئيس.

وصنّف المتحدث المسجد كإضافة كبيرة للجزائر وللعالم الإسلامي وسيساهم في إنعاش السياحة، فكل مسلم يزور جاكرتا أو ماليزيا لا يفوت فرصة زيارة مساجدها والتعرف على بنائها، مشيرا إلى أن العالم الغربي ينتقد كل ما يمت بصلة للإسلام ويتهجمون على هوية الدول الإسلامية.

ودعا الشيخ حجيمي للتعامل مع هذه الهجمات بحذر شديد مع الابتعاد عن العنف، فبناء المسجد الأعظم في حد ذاته رد واضح وصريح على أعداء الإسلام داخل الوطن وخارجه، واستغرب الأمين العام لتنسيقية الأئمة الصمت الذي خيم على الأطراف المنتقدة للمسجد عندما تم إهدار مبالغ مالية ضخمة وصرفها هباء فيما لا ينفع المجتمع.

وذكر المتحدث بأن المسجد صمام أمان وهو ما أنجح المصالحة الوطنية، وهو ما يعمل للحفاظ على أمن الجزائر واستقرارها ووحدة ترابها والدليل مواجهته لما حدث من فتنة في غرداية وورقلة، فأبوابه مشرعة للجميع وليس مسجدا طائفيا، كما أن المسلمين لم يسبق لهم الاحتجاج أو الاعتراض على بناء كنيسة ضخمة، وعلى المسيحيين تفادي التعليق على المساجد.

 

إمام المسجد الكبير وشيخ الزاوية العلمية علي عية:

“موتي بغيظك يا فرنسا.. لست وصية علينا”

لم يستغرب إمام المسجد الكبير وشيخ الزاوية العلمية علي عية، الخرجة الفرنسية وهجمتها على المسجد الأعظم، فأول ما فعلته بعد استعمارها للجزائر، قامت بتحويل المساجد إلى كنائس، فهذه الحملة متوقعة منها وستعمل على تشويه صورته عالميا، وتحدث الشيخ عية عن فرنسا الاستعمارية التي بمجرد أن وطئت أقدامها الجزائر، عمدت إلى المسجد الكبير فقسمته إلى عدة مساجد صغيرة وطرقات تفصل بينها لتقلل من حجمه وسعت لتقزيمه، فهي تعي – يقول المتحدث – وتدرك جيدا أنها لم تستطع استهداف الجزائر في لغتها وهويتها وعقيدتها مادام الإسلام قائما فيها.

ومضى الشيخ يقول: “إن فرنسا سعت لاستغلال الجزائريين ومحاولة مسخهم بإجبارهم على اتباعها وتقليدها والانسلاخ عن أصالتنا وعقيدتنا، لكن المساجد والزوايا تصدت لمخططاتها، ففرنسا الحاقدة كانت تطارد الشيوخ والعلماء، فالعلامة الشيخ عبد المجيد حبة كان يعلم التلاميذ خلال الحقبة الاستعمارية في سيدي عقبة تحت الأرض وتفطنت له فكادت له المكائد” وفرنسا – يضيف الشيخ عية – لاتزال تخال نفسها وصية على الجزائر.

وأضاف إمام المسجد الكبير هذا الصرح سيغيظ الكفار المشركين، ففيه مرافق ومكاتب وقاعات ومحلات وقفية، وعلى الوزارة الوصية أن تكون في المستوى لإدارته بتوفير الأئمة والفقهاء والحراس حتى يكون قلعة من قلاع الإسلام وتظل أبوابه مفتوحة على مدار اليوم، وخاطب الشيخ عية فرنسا بعبارة “موتي بغيظك”، فالجزائر ذات سيادة وما يروج عن انهيار المسجد بالزلازل والانجرافات كله كذب وافتراء، فأمن البلاد لم يرق لها فقد قال المولى عز وجل: “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم” .

وأكد المتحدث على أن المسجد سيبنى وستعلو منارته ويمتلئ بالمصلين، وهو معلم من معالم الإسلام وواجهة الجزائر والأمة بعد الأزهر والزيتونة وسنغيظ به فرنسا والحلف الأطلسي وعلينا المضي للأمام، كما قال.

 

رئيس جمعية العلماء المسلمين عبد القادر قسوم لـ”الشروق”:

ما يتعرض له الجامع الأعظم حملة مسمومة

استغرب عبد القادر قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين، تحول مشروع الجامع الكبير إلى قضية إسلاموفوبيا على خلفية الانتقادات التي توجه إليه في الآونة الأخيرة، واصفا الأطراف الذين يشنون حملة ضد المسجد الأعظم، بالأشخاص المصابين بهاجس “الإستلاب” الثقافي، بمعنى أنهم أناس مسكونون بالثقافة الأجنبية، ويعملون كل ما بوسعهم لتبنّي أفكارها والدفاع عنها بكل قوة وأحيانا بغير مبررات.

وقال قسوم، في اتصال بـ”الشروق” إن الجامع الأعظم الواقع بالمحمدية لم يعد يتعرض إلى انتقادات، بل إلى حملة تشويه لا تقتصر على جهات داخلية، وإنما يعتقد رئيس جمعية علماء المسلمين، أن الحملة على المسجد الكبير امتدت إلى خارج الوطن، وقال بهذا الخصوص: “نقصد الأعداء التقليديين للجزائر الذين يريدون من الجزائر التخلي عن قناعاتها، ومعالمها ومقوماتها الدينية والتاريخية، بل يزعجهم تشييد مشاريع بهذا الخصوص في الجزائر، وفي مكان كان قلعة للصليبيين، وهو شيء ليس بالغريب ولا العجيب، لأن هؤلاء ينظرون إلى المسجد على أنه رمز للإسلام وبالتالي هو مصدر للإسلاموفوبيا “.

وعلى خلاف المعارضين للمشروع، دافع عبد القادر قسوم، على الجامع الأعظم، مشيرا إلى أن الجزائر في أمس الحاجة لتشييد معالم حضارية، بالنظر إلى أن كل مسجد يتم بناءه في بقاع العالم يرمز للحضارة، وعظمة الانتماء العربي والإسلامي، ويخلد التواجد الإسلامي بالنسبة للأجيال القادمة.

ودعا رئيس جمعية العلماء المسلمين، إلى ضرورة استكمال هذا الصرح حتى يرى النور، دون إيلاء أهمية كبيرة، للانتقادات الصادرة من داخل وخارج الوطن.

 

الأستاذ والكاتب الهادي الحسني لـ”الشروق”:

منتقدو الجامع الأعظم مجرد “غربان”

دافع الأستاذ الهادي الحسني، على مشروع الجامع الأعظم الذي اعتبره مشروعا للدولة الجزائرية وصرحا حضاريا يستحق المباركة وليس المزايدة من قبل أطراف داخلية، وقال: “الجامع الكبير هو أقدم مسجد في العاصمة يعود إلى عهد المرابطين الذين أسسوه، بالإضافة إلى المساجد الأخرى التي تم تأسيسها، لكن الجامع الأعظم يعتبر مشروعا ضخما أنشأته الجزائر ونحن نباركه ونؤيده، لأنه فكرة جزائرية بامتياز”.

وفي تعليقه عن الحملة التي تستهدف الجامع الكبير في المدة الأخيرة من قبل وسائل إعلام فرنسية، قال الهادي الحسني: “نعرف أن فرنسا هي البنت البكر للكاثوليكية ورغم ادعائها اللائكية، لكن شاءت الأقدار أن يكون هذا الجامع الأعظم قرب مؤسسة صليبية أسسها أحد كبار الصليبين الممثل في شخص “لافيجري”، وهذه المؤسسة كانت مقرا لـ”الآباء البيض”.

وتابع عضو جمعية العلماء المسلمين: “فرنسا يزعجها كل صوت للإسلام يرفع في الجزائر وتود هي ومخلوقاتها أن يطفئوا نور الله بأفواههم قبل أيديهم”.

ويرى الهادي الحسني أن “الحملة التي تشنها وسائل إعلام فرنسية واضحة الأهداف ويتحكم فيها البعد الصليبي، أما الذين ينعقون كالغربان في الجزائر، في إشارة منه إلى المنتقدين لمشروع الجامع الأعظم الذين وصفهم بأنهم عبارة عن أصداء لأسيادهم الفرنسيين، هم معروفون بسيماههم وفي لحن القول”.

وأقترح محدثنا أن يحمل المسجد الأعظم تسمية أحد الذين عملوا على إفشال المخطط الصليبي في الجزائر، ألا وهو الإمام البشير الإبراهيمي، ليكون بذلك خير رد من الجزائر على المنتقدين للجامع الأعظم.

 

رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزّاق مقري لـ”الشروق”:

الجامع الأعظم يزعج أعداء هويّة الأمة

قلّل عبد الرزّاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، من أهمية الصرح الحضاري لمسجد الجزائر الأعظم، والذي شكّل مثار جدل بين المؤيدين والمعارضين لإنجازه منذ انطلاق الأشغال بمنطقة المحمدية بالعاصمة قبل 30 شهرا، وإن كان الرجل قد رحّب من حيث المبدأ بتشييد هذا المعلم الديني العالمي في بلادنا، فإنّه طرح علامات استفهام عديدة حول جديّة السلطة في تكريس مقوّمات الهوية الوطنية عبر المنظومات المدرسية، الأسرية، الإعلامية، القانونية.

واعتبر زعيم حمس أن اللغط الدائر حول المسجد، قضية سياسية بالأساس، لأنّ “فكرة المشروع سياسية من أصلها، والاعتراض أيضا مبني على خلفية أيديولوجية”، وبخصوص الدور المرتقب لهذا الصرح الكبير في ترسيخ الانتماء للأمة، شدّد عبد الرزاق مقري، على أنّ “الذي يحفظ هوية البلد، ليس هو الجدران العالية، والمباني المزيّنة، بل هي المدرسة، والمسجد، والأسرة، والإعلام”، فلو كان هناك إرادة سياسية حقيقية للحفاظ على هوية البلد، لكان الحرص على صيانة تلك المنظومات التربوية والدينية والأسرية من المؤامرة التي تحاك ضدها، على حدّ تعبيره.

وقد استدرك رئيس حمس كلامه بهذا الصدد، حتى لا يفهم موقفه ضمن المنتقدين للمشروع، قائلا “إذا كان المعلم يشتمل على مكتبة، وجامعة، وأنشطة ثقافية وبرامج جادة وهادفة، فكل بتأكيد سيكون مفيدا، وعلى هذا الأساس نرحّب به، لأنه سيتحوّل إلى إشعاع ثقافي حقيقي ومعرفي”، لأنّ الحركة “في عمق معركة الهوية، ومنخرطة كليّة، فيما يخص التربية”، مضيفا “وهي أهمّ من البنايات، لذا نرفض أن يسلّم قطاع التربية أو الأسرة لأشخاص يروّجون لأفكار منافية لقيمنا الوطنية”، لأن ذلك سيجعل من المسجد الأعظم مجرد شكل للتباهي والرياء أو حتّى التمويه على المشاريع التغريبية النافذة، على حدّ تعبيره.

وأوضح مقري في اتصال مع “الشروق”، أنّ الذين يعترضون على بناء المسجد هم “أولئك الذي يحاربون في السرّ والعلن هوية الأمة، وتزعجهم حتى الأشكال والرموز، مع أنهم توغلوا داخل المنظومات الحسّاسة التي يحقّقون من خلالها مكاسب مهمة في المضمون”، مؤكدا أن موقفهم من المشروع لا يستند إلى دوافع  عقلانية وموضوعية.

 

الأمين العام لحركة النهضة محمد ذويبي:

خصوم المسجد الأعظم من أنصار “السيّدة الإفريقية”

دافع محمد ذويبي الأمين العام لحركة النهضة بقوة عن بناء المسجد الأعظم في الجزائر العاصمة، معتبرا أنّ المشروع “رغبة شعبية وضرورة لعاصمة البلاد، وقد انتظره الجميع لمدة طويلة، فهو معلم يعطي للجزائر العاصمة رمزيتها الإسلامية كبوابة لإفريقيا”.

وأضاف ذويبي أن الجزائريين منذ الاستقلال ينظرون بألم، إلى إقامة صلوات الجمعة، وعيدي الفطر والأضحى في المساجد الصغيرة، “فكيف للجزائر العاصمة بقيمتها السياسية والثقافية والدينية لا تتوفر على جامع كبير تلتقي فيه رموز الدولة بالشعب”، مثلما تساءل ذويبي.

وأوضح الأمين العام لحركة النهضة، في اتصال مع “الشروق”، أنّ لكل مرحلة إيجابياتها وسلبياتها، وإذا كانت اللغة العربية لاتزال لم تأخذ مكانتها، كما ينص عليه الدستور، فبناء المسجد الأعظم يعتبر أدنى واجبات الدولة في هذه المرحلة، وهو مكسب يعبر عن عمق الانتماء الحضاري للأمة الجزائرية، بما يوفره من فضاءات متعددة الاهتمامات والتخصصات، كقاعة الصلاة والمكتبة ومرافق أخرى، تتكامل فيها المقاصد من أجل إظهار الوجه الحقيقي للإسلام الوسطي المعتدل ومحاربة كل أنواع الغلو والتطرف، على حدّ تعبيره.

وبخصوص الحملة المغرضة التي تقودها منابر خارجية وداخلية ضدّ تشييد الصرح الحضاري، فقد أكد المتحدث “أن هؤلاء يرفضون هذا الصرح لأسباب إيديولوجية وفكرية وسياسية، لأنهم يرافعون في السرّ لبقاء كنيسة السيدة الإفريقية معلما في الجزائر العاصمة، مثلما أرادتها فرنسا رمزا لبوابة إفريقيا النصرانية، ولا يقبلون أن يزاحم المسجد الأعظم هذا المعلم”، مضيفا أنهم لا يجرأون على التصريح بخلفياتهم الحقيقية فيعتمدون التقية بحجج مختلفة، فمرة يتكلمون عن المكان وعدم صلاحيته من الناحية التقنية، ومرة أخرى يتكلمون عن التكلفة المالية الكبيرة، وأحيانا يقولون أنه مشروع مكلف من دون جدوى اقتصادية أو اجتماعية.

وفي حال النقص أو العجز في التمويل المالي للمشروع، دعا ذويبي الدولة لفتح أبواب المساهمة للشعب الجزائري، ليشارك في تمويله عن قناعة وإرادة منه، كما معمول به في كثير من مناطق الجزائر العميقة، حيث يتكفل المواطنون ببناء المساجد على حسابهم.

وفي الأخير، قال ذويبي، في رسالة مشفّرة إلى الصامتين تجاه الحملة، إن دعائم الدولة الجزائرية الثلاث وهي: الهوية الوطنية والوحدة الوطنية والسيادة الوطنية، يجب أن تكون محل اتفاق بين برامج مختلف كل التوجهات السياسية للمحافظة على بقاء الأمة، واستمرار الدولة  الجزائرية كما أرادها الشهداء الأبرار والمجاهدون المخلصون، على حدّ وصفه.

 

رئيس جبهة العدالة والتنمية الشيخ عبد الله جاب الله:

“نشكر الدولة على بناء المسجد الأعظم”

ثمّن عاليا رئيس جبهة العدالة والتنمية الشيخ عبد الله جاب الله مشروع بناء المسجد الأعظم، بل عبّر عن شكره للدولة الجزائرية على تكفّلها الكامل بتشييد هذا المعلم الحضاري العالمي الذي سيكون رمزا للعاصمة الجزائرية، وقال الرجل “إنّ وظائف الدولة في الفقه الدستوري الإسلامي هي حفظ الدين وسياسة الدنيا به، لقوله تعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ)، مضيفا “أنّ حفظ الدين يتم بأداء جملة من الواجبات، من بينها إقامة الصلاة وتوفير الشروط المادية والمعنوية لحسن أدائها، ومن ذلك بناء المساجد وصيانتها، وتعيين الأئمة والموظفين فيها من ذوي الأهلية والاستقامة”، فبناء المساجد إذن من أهم واجبات ومسؤوليات القائمين على شؤون الدولة، لأن الصلاة كما في الحديث النبوي هي عمود هذا الدين، والعارف بطبيعة الدولة الجزائرية يجد أنها مقصرة كثيرا في أداء هذا الواجب، فبناء المساجد موكول للشعب مع مساعدات محدودة تدفع من حين لآخر، وقد شذّت الدولة عن هذه القاعدة ببناء المسجد الأعظم، وهي مشكورة على هذا الشذوذ لأنه عود إلى الأصل، على حدّ تعبيره.

وأعرب الشيخ جاب الله في اتصال مع “الشروق” عن أمله في أن يجد هذا المشروع الكبير العناية الكاملة حتى يتمّ بناؤه، ويعيّن ذوو الأهلية والاستقامة على الخطابة فيه والقيام عليه،  ” فإن فعلت الدولة ذلك تكون قد وضعت في سجلها حسنة من الحسنات التي نرجو أن تثاب عليها”، مثلما قال.

وبخصوص الجهات التي تعادي المشروع اليوم، فقد وصفها المتحّدث بأنها تلك “الجهة التي ابتليت بها الجزائر منذ الاستقلال، وقد ازداد نفوذها منذ توقيف المسار الانتخابي، حيث أضحت تجاهر بمواقفها العدوانية لبقايا مظاهر التدين في البلاد، فحملتها على بناء المسجد الأعظم، إنما هي صورة من صور العدوان المتعدد على دين هذه الأمة ومظاهر التدين فيها، وهو ما ينبغي تعريته والتنديد به وكشف أصحابه للأمة حتى تحذرهم وتعرف موقفها منهم“. 

 

رئيس المجلس المستقل للأئمة جمال غول:

فرنسا تقود حملة صليبية جديدة ضد الجامع الأعظم

يرى رئيس المجلس المستقل للأئمة وموظفي الشؤون الدينية جمال غول، أن فرنسا الدولة الاستعمارية لا تخاف على مصالح الجزائريين وسلامتهم من الزلازل والكوارث الطبيعية، ولا تسهر على حمايتهم مثلما تدعي، فهي دولة استعمارية مجرمة ولا توجد دولة تضاهيها في الإجرام، ومازالت مجازر 8 ماي شاهدة على دمويتها، فالخوف على أرواح الجزائريين مجرد وهم، والزلازل ما هي إلا حجة.

وجزم الشيخ غول، باستحالة مغامرة الدولة الجزائرية بمشروع كبير وأموال طائلة في تشييد المسجد الأعظم دون دراسة واقعية حقيقية للأرضية، فقد أوكلت المهمة لخبراء مختصين درسوا الملف، وأجروا دراسة وأبحاثا معمقة، فالمسجد على حد قول المتحدث بات يزعج الفرنسيين خارج الوطن والعلمانيين داخله، نظرا لحجمه الكبير جدا، والميزانية التي رصدت له، إذ سيكون تحفة معمارية. ويعتقد رئيس المجلس المستقل للأئمة بوجود بعض الترسبات التاريخية في الملفّ، فالمنطقة كانت تسمى خلال الاستعمار بـ”لافيجري”، وهو مجرم من كبار مجرمي فرنسا، وتم تحويلها بعد الاستقلال للمحمدية ـ وما يحمله الإسم من دلالة في الإسلام ـ ليشيد فيه المسجد الأعظم ـ ويصبح المنارة الأولى وأول ما يشاهده الوافد للجزائر من الجهة البحرية ـ لهذا تتهجم فرنسا عليه.

وطالب المتحدث المنتقدين باستظهار براهينهم ودلائلهم، فلا بد من صدور مثل هذا الكلام عن خبراء ومختصين وعلماء، فالمسجد الأعظم معلم من معالم الدين الإسلامي، وهو فخر لكل مسلم، مشيرا أن التحركات الفرنسية والدول الغربية بغض النظر عن المصالح والأمور المادية التي تشوب علاقاتها بالدول الإسلامية، تظل الخلفية الدينية والحقد على الإسلام محركها الأساسي.

مقالات ذات صلة