الرأي

“حرب” في عيد الحبّ!

جمال لعلامي
  • 3827
  • 13

من غرائب الصدف، أن تختار عن قصد أو غير قصد نقابات “التكتل المستقلّ” يوم 14 فيفري لشن حركة احتجاجية مشتركة، في “عيد الحبّ”، فهل يُعقل أن تجنح الإدارة والنقابات إلى “الحرب” في عيد الحبّ؟

تحابوا يا أيها المتخاصمون وقد شاب الشعر منكم، بسبب تهوّركم وتعنتكم وتصفية حساباتكم، و”كره” المرضى والتلاميذ وعائلاتهم، وغيرهم من الضحايا والأبرياء الذين يدفعون ثمن الحرب بين إدارات ونقابات اتفقت على أن لا تتفق حتى في عيد الحبّ!

إنه “الجرب” يجتاح المستشفيات والمدارس، بسبب الإضرابات المفتوحة، وقد بدأ الآن خوف العقلاء من تحوّل هذه العدوى إلى وباء يزحف نحو قطاعات أخرى، يتأثر عمالها بالمضربين، وتثار شهيتهم بعد الاستجابة لمطالب المحتجين، سواء كانت شرعية أو غير مشروعة!

هل يُعقل أن تتحاربوا أيضا في “عيد الحبّ”؟ وقد تلقيتم دعوات من وسطاء وأئمة وقانونيين، ومواطنين، وبرلمانيين، يدعونكم إلى التهدئة و”سلم الشجعان”، وأنتم من ركبتم رؤوسكم وحوّلتم التلاميذ والمرضى إلى رهائن ودروع تسيرون وراءها لتحقيق مطالبكم!

لا فرق بين وزارة لا تقبل الحوار إلاّ بشروط، ونقابة ترفض الحوار إلاّ إذا كان على المقاس.. لا فرق بين متعنّت ومتزمّت، ولا فرق بين من “يقتل بالبارد” أو من “يقتل بالنار الباردة”، فكلاهما يمارس ضدّ غيره ما لا يجب أن يُمارس، خاصة إذا كانت القضية تتعلق بإقحام الشأن العام!

للأسف، يتصرف بعض الوزراء، والمسؤولين، والنقابيين، وكأنهم يتصرّفون في ركن من أركان بيوتهم، ولا داعي هنا لهؤلاء أو أولئك، أن يتهرّبوا من هذه الحقيقة المرّة، فأغلب التصريحات، والتصريحات المضادة، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن النقابة والإدارة المتنازع معها، سواء في الصحة أو التربية، يتعاملان مع بعضهما البعض، ومع الرأي العام، بمنطق “معزة ولو طارت”، وهذا ما لا يُمكنه بأيّ حال من الأحوال أن يحلّ المشكلة ويفكك القنبلة!

الإصرار على التصعيد والتعفين، هو مرآة عاكسة لعقليات قديمة وبالية، لا يُمكنها أن تنهي الخلافات وتسيّر الأمور بالتي هي أحسن، وهذا التشخيص يخصّ مسؤولين ونقابيين، لا يعرفون من أين تؤكل الكتف، بل الأخطر من ذلك، أنهم يورّطون غيرهم في معركة لا تعنيهم، ويصبّون البنزين على النار، وعندما “تخلى” والعياذ بالله ينفضون أيديهم ويفرون ويقولون ما لنا؟

إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه، فإن “جهة أخرى”، ستتدخل في الصحة والتربية، بعد ما طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، ولم تنجح الوزارتان في إنهاء الإضرابات، سواء بالترغيب أو الترهيب، وهذا إن دلّ فإنما يدلّ على الفشل الذي يتمنى الجميع أن لا يتحوّل إلى هبل ورائحة بصل!

مقالات ذات صلة