رياضة

حقد وكراهية في الرياضة الجزائرية

ياسين معلومي
  • 2406
  • 10
ح.م

لم أجد في حياتي مجالا يتباغض فيه المسؤولون، ويحقدون على بعضهم البعض، ويحفرون حفرا “سامة” لسابقيهم، كالذي يحدث في الرياضة الجزائرية، فلا أتذكر يوما غادر فيه وزير أو رئيس اتحاد أو مسؤول أول عن أي فريق رياضي، أو حتى مسير بسيط إلا وانهالت عليه الشتائم من كل مكان، محملين إياه أي نتيجة سلبية سجلت في عهده، حتى أصبحت أعرف وبأدق الجزئيات ما يدور في نفوس هؤلاء الذين يسيرون رياضتنا، وانتقدوا من كانوا قبلهم، وحتى هم ينتظرون دورهم بعد ذهابهم من مناصبهم… والنتيجة في النهاية، أن الرياضة الجزائرية تعاني وتعود بخطوات ثابتة إلى الوراء.
لا أحد دق ناقوس الخطر وراسل المسؤولين طالبا منهم ولو بعبارة واحدة، ما الذي يجعلنا نتقهقر ونحن الذين كنا في المقدمة؟ ولماذا أصبحنا نتفرج على أشقائنا وهم يتوجون بالميداليات في مختلف البطولات ونحن صامتون؟… ولماذا أيضا جيراننا يشاركون مثلا في كأس العالم الأخيرة ونحن نتابعها على شاشات التلفاز، وأمور أخرى نخجل من ذكرها في هذا المقام ويعرفها العام والخاص.
عندما تأهلنا لكأس العالم 2010، بعد غياب طويل، قلت في نفسي يومها إن الكرة الجزائرية لن تغادر القمة، خاصة عندما شاهدت الملايين يخرجون إلى الشوارع فرحين بالعودة إلى المونديال بعد أزمة كروية كبيرة مع الأشقاء المصريين، وزاد تفاؤلي ونحن نتأهل مرة أخرى لمونديال 2014، ومشاركة تاريخية بتأهل للدور الثاني صنعه لاعبون محليون ومحترفون، ومهندسون مخضرمون، استطاعوا بحيل كروية أن يؤهلوا الجزائر للمحافل الدولية، خاصة أنهم تلقوا الدعم الكامل من الدولة الجزائرية، ومن كل الجزائريين الذين أصبحوا يتنفسون كرة القدم التي أعطت الأمل… وأظهرت للعالم أن الجزائري عندما تمنح له الثقة يستطيع أن ينافس حتى أبطال العالم، واللقاء البطولي أمام ألمانيا في الدور الثاني من كأس العالم يبقى راسخا في الأذهان، وهي الوصفة الناجعة التي من الأجدر على كل المدربين الجزائريين الاعتماد عليها وإيصالها إلى كل اللاعبين.
لا أفهم لماذا عندما يغادر مسؤول في القطاع الرياضي منصبه لا يسلم المهام إلى المسؤول الجديد بطريقة حضارية، ويمنحه كل تفاصيل المشاريع وخطط العمل المستقبلية، حتى يتسنى له مواصلة العمل في ظروف جيدة بدل العودة إلى نقطة الصفر، فعندما أسترجع ما كان يقوله الوزراء السابقون عن تواريخ تسليم الملاعب الجديدة، أقول في نفسي إن هؤلاء كانوا يستهزئون بالشعب الجزائري، فإلى غاية كتابة هذه الأسطر مازالت الأشغال في هذه الملاعب تراوح مكانها، وهي متأخرة عن موعد تسليمها بسنوات، ولا أحد من صناع القرار خرج عن صمته ليبرر هذه التأخرات غير المفهومة.
عندما انتخب زطشي رئيسا لـ”الفاف”، كنت أظن أن الرئيس الشاب يستطيع أن يواصل على نفس نهج الرئيس روراوة الذي ترك خلال فترته بصمة يصعب محوها، لكن مع مرور الأيام تيقنت من أن عليه وبسرعة تدارك الأمور قبل فوات الأوان، فمعظم الفئات الشبانية فشلت في التأهل للمنافسات القارية القادمة، ولم يبق إلا المنتخب الأول الذي يدخل الأسبوع القادم المنافسة الإفريقية وبمدرب منحت له البطاقة البيضاء في تسيير المنتخب.
أتمنى لو تستفيد “الفاف” من حنكة وتجربة رجل مثل روراوة، لكني أعرف أن ذلك سيكون من سابع المستحيلات، ومن رجال آخرين قادرين على مد يد العون، لكنهم بعيدون اليوم كل البعد عن محيط الكرة الجزائرية.

مقالات ذات صلة