حقوقيون وخبراء: ”لا جدوى من محاربة الفساد إلا بعزل ومتابعة المسؤولين الفاسدين”
أكد حقوقيون ورجال قانون أن محاربة الرشوة والفساد لا تمر عبر استحداث هيآت ومنظمات، بقدر ما تتمظهر في احترام سيادة القانون، وعزل ومتابعة كل المسؤولين المتورطين في الفساد، بغض النظر عن مناصبهم ونفوذهم السياسي والمالي.
- واتفق كل من مصطفى بوشاشي رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، وبوجمعة غشير، رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، على أن إنشاء الديوان المركزي لقمع الفساد، لا يضيف جديدا لمحاربة الظاهرة ما لم يتم بسط سلطة القانون على الجميع بمن فيهم المسؤولين الكبار في الدولة.
وقال بوشاشي في اتصال مع الشروق: “الجزء الأكبر من أموال الشعب المنهوبة، متهم فيها قائمون على مؤسسات عمومية، وخصوصا مسؤولين بالسلطة التنفيذية، والسلطة الفعلية، التي تملك القرار السياسي والمالي والاقتصادي”.
ويشير بوشاشي إلى عامل آخر ساهم في تفشي الظاهرة، وهو ملاحقة المتورطين في الفساد، بصورة انتقائية، ولا تطبق إلا على الضعيف أو بالأحرى الذي لا يتمتع بالنفوذ ولا بحماية أصحاب النفوذ.
ويشاطر الحقوقي الآخر، بوجمعة غشير، رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، رفيقه في النضال، حيث استغرب وجود أسماء معروفة في الحكومة الحالية، متورطة في قضايا فساد كبيرة، مثل فضيحة الطريق السيار شرق غرب.
ويعتبر التشريع الجزائري في مجال محاربة الفساد، من بين المسائل التي تشجع على تفشي الظاهرة، يقول بوشاشي: “عندما نسوّي بين من يسرق عشرة آلاف دينار مع من يسرق مليار دولار، فهذا يعني أن التشريعات ليست سليمة”، ويضيف: “أعتقد أن الغاية واضحة، لأن من يسرق مليار دولار هم من يتبوأون مناصب تنفيذية، وعليه فلا غرابة أن يعاقب من يسرق عشرة آلاف دينار ولا يتابع حتى من يسرق مليار دولار.. لقد وقفنا على هذه الحقيقة في قضية الخليفة، لقد حوكم وسجن إطارات ومستخدمو بنوك الخليفة والعمال البسطاء، لكن المسؤولين والسياسيين الكبار ممن ثبت تورطهم، لم يتابعوا، لأنه لا يوجد فصل بين السلطات”.
أما الأستاذ غشير فيرى أن الحكومة لا تولي أهمية لمحاربة الفساد، بقدر ما تسعي إلى تفادي الضغط الدولي الذي تفجّر بعد إلغاء الرئيس بوتفليقة لهيئة مكافحة الفساد بعد وصوله للحكم في 1999، وهو ما حتم على الحكومة إصدار قانون مكافحة الفساد في 2006، الذي تحدث عن استحداث هيآت لمحاربة الفساد، ومنها الديوان المركزي لقمع الفساد، الذي تأخر تفعليه إلى غاية أول أمس الخميس.
كثرة الهيآت المستحدثة بعنوان محاربة الفساد، لا يمكنها أن تغيّر في واقع الأمر شيئا، حسب غشير، الذي نبّه إلى ضعف وترهل الجهات المخوّلة برصد ومحاربة الظاهرة، لافتا في هذا الصدد إلى أن قضايا الفساد الكبرى التي صدمت البلاد مؤخرا، على غرار فضيحة سوناطراك والطريق السيّار شرق غرب، اكتشفها الأمن العسكري، وليس مصالح الأمن التابعة لوزارة الداخلية.
وضع هيآت محاربة الفساد المختلفة تحت وصاية وزارة المالية، من شأنه أن يفقد هذه الهيآت، السلطة الكافية التي تمكنها من طرق كافة الملفات المشبوهة، كونها كما يقول غشير، تخضع لمنطق التدخل الحكومي، وهو ما تجلى من خلال تأخر صدور المرسوم المنظم لعمل الديوان المركزي لقمع الفساد، إلى نهاية 2011، في حين أن تعليمة إصدار هذه الهيأة يعود إلى 13 ديسمبر 2009.