حكومة الشعب “المحتار”!
أمام ما يحدث عالميا ومحليا من تصعيد خطير على مستوى الأمن العالمي وخطر إعلان فرنسا والغرب عموما الحرب على التطرف الإسلامي باسم الحرب على الإرهاب، وبداية العد العكسي لانفجار الوضع الدولي باسم مواجهة “الإرهاب” بتناطح مباشر بين الحلف الأطلسي المتعاطف مع تركيا (التي كانت خلال الحرب العالمية الأولى في مصاف الأعداء رفقة ألمانيا)، وروسيا صاحبة حلف وارسو سابقا، وانهيار سعر النفط والسياحة والوضع الأمني بشكل عام في عموم بلدان الغرب والشرق الأوسط ودول شمال إفريقيا، لم يعد أحد الآن قادرا على معرفة إلى أين تتجه البوصلة! لكن كل المؤشرات والدلائل تشير إلى أن الحرب الباردة وشهر العسل بين الغرب وروسيا قد انتهت في أكثر من موضع ونقطة، وأن مآل الصراع هو التصعيد! فكل الحروب العالمية بدأت بحادثة معزولة، سرعان ما تم دحرجة الموقف ليتحول إلى كرة ثلج ما تلبث أن تتحول إلى قنبلة.
على المستوى الوطني، ومع نهاية السنة 2015، كل المؤشرات تقول أن الدولة التي اشترت مؤقتا السلم الاجتماعي بالمال، عادت، بعد نفاد المال، “لتسترجع” ما “سلفته” للشعب أيام البحبوحة وضمه إلى بيت مال “المص ـ لمين”، والتهيؤ لصد أي تحرك شعبي بتلويح عصا “الإرهاب” وعودة العمل بحالة الطوارئ لسنوات عديدة قادمة لا قدر الله! هذا هو السيناريو الأسوأ الذي كنا قد حذرنا منه مرارا وتكرارا على أساس أن “المورفين” المحقون للشعب المحتقن، لا يمكن أن يدوم، وأن مفعوله سيأتي بعكس “التهدئة”، لأن المرض يكون قد وصل إلى حالة يتوجب فيها البتر الذي لا تنفع معه المهدئات!
نمت لأجد نفسي أجتمع رفقة 1962 شخص من رجال أعمال وسياسيي الأعمال، وعمال الإدارة الكبرى وكبار الموظفين في الجيش والأمن وكبراء الجاه والمال والسمعة! اجتماع استثنائي باعتبار هذا “المؤتمر” هو مؤتمر “سقيفة بني مساعدة” الذي سيوقف المساعدات بعد تأزم المسألة: قلت لهم في الفسطاط التي جمعتنا في “صحراء السحراء”: علينا أن نخرج بقيادة وحكومة من 10 وزراء لضمان استمرار بقائنا ودوام مصالحنا! نحن هم ملاك البلاد وأصحابها الشرعيين، أما بقية الغاشي فهم مجرد خدام وعمال، علينا أن نسكتهم أو نهلكهم بكل أساليب الترخيس والغلاء حتى نعلمهم “الزنباع وين ينباع”! سنعمل على تمرير قوانين تضمن بيع الشركات الوطنية كلها بدون اسثناء! سنخوصص كل القطاعات ونبيعها للمستثمرين الأجانب، حتى نبقى نحن فقط نعيش على الضرائب التي نجنيها من المستثمرين مهما انخفض سعر النفط! لن نتضرر من ذلك، الشعب هو “اللي البحر على يماه”! شعب فنيان ويعتقد أنه فنان! يحب يسلك بلا ما يخدم! نحن سوف نعلمه كيف سيعامله الفرنسيون والأجانب عندما يحلوا ببلادنا، أي بلادهم! سيبيع كلهم قوة عمله وزوجته وبناته بالسيف على أمه لكي يعيش ولا يفتح فمه إلا للقمة العيش! سنبيع كل الأشياء. حتى الحكومة سنستورد من الغرب حكومة تحكم باسمنا ونحن فقط ندفع لها أجرها الشهري! هكذا، سيكون عندنا رئيس وحكومة أجنبية تحكم باسمنا (أو بالأحرى نحن من يحكم باسمها!) ونكتفي نحن بجني القليل من ضرائب السلع والصادرات والواردات ونعيش عيشة هنيئة بلا خدمة بلا زدمة بلا تكسار الراس مع هذا الشعب اللي بلا أساس ولا راس!
وأفيق ورأسي يكاد ينفجر ألما: أعطوني حبة أسبيرين! هذا الحلم لا يفسره حتى ابن سيرين!