الشروق العربي
ظاهرة انتحار الأطفال:

حينما تختار البراءة حبل المشنقة

صالح عزوز
  • 1103
  • 2
ح.م

 أصبحت ظاهرة انتحار الأطفال، من الظواهر التي يجب الوقوف عليها في المجتمع، والبحث عن أسبابها، ولماذا أصبحت البراءة تقدم على هذا الفعل؟ الذي كان في ما مضى يقتصر على البالغين فقط من كلا الجنسين، هروبا من المشاكل والظروف الاجتماعية على حد اعتقادهم، وهو أمر غير طبيعي ولا يمت بأي صلة لمجتمع مسلم الانتحار فيه هو قتل عمدي وإزهاق للروح البشرية، تترتب عليه عواقب في الدنيا والآخرة.

نسمع من هنا وهناك، الكثير من قصص الأطفال، الذين لم يتجاوزوا سن العاشرة، اختاروا الرحيل من هذا العالم بهذه الطريقة المشينة، فوجودا معلقين في المشنقة، سواء في بيوتهم أم في الأماكن الخالية، في مشهد يدمي العين والقلب، وفي الكثير من الأحيان، لا يمكن الوقوف على سبب حقيقي لهذا الفعل، ولا يوجد له تبرير بالنظر إلى ثقل هذا العمل، فلا يمكن بأي حال من الأحوال، أن يقدم الطفل الصغير على هذا الجرم، لسبب بسيط، لهذا توجه أصابع الاتهام في كل مرة إلى العائلة، فلولا المعاملة السيئة لهذه النفس البريئة لا يمكن له أن يفكر في هذا الفعل.

من بين القصص التي تمر علينا، عن أسباب الانتحار عند الأطفال، النتائج الدراسية السلبية أو السيئة، وهو أمر غير طبيعي وغريب ربما، فليس الأمر قاتلا إلى هذا الحد، ويتطلب التضحية من أجل الرسوب في المدرسة، ومهما تكن النتائج، فهي معوضة لا محالة في السنوات القادمة، خاصة أنه طفل مازالت الحياة أمامه، ويمكنه أن يصبح في يوم ما، من بين المجتهدين، ومن بين الأوائل في قائمة الناجحين. وهنا تظهر حقيقة الضغط الذي يمارس على الأطفال، من طرف الأهل وخاصة الآباء، حين يشعرونهم بأن الرسوب في الدراسة، هو بمثابة أمر جلل، لا يمكن أن يغتفر. لذا، لا يجد الكثير من الأطفال الأبرياء، وسيلة للتكفير عن هذا الرسوب إلا حبل المشنقة، وهو أمر محزن حقا، فبدل الوقوف مع الطفل في هذه المرحلة من حياته، ومحاولة مساعدته لتجاوز ضغط الاختبار، وتذكيره بأن الأمر لا يستحق ماعدا الاجتهاد، وتقديم الأسباب، أما النتائج فهو غير مطالب بها، تجد بعض الآباء يمارسون ضغطا رهيبا على أطفالهم، وهذا عن طريق التهديد والوعيد، ومقارنتهم بأبناء الجيران، والتقليل من شخصهم، بل في بعض الأحيان، حرمانهم حتى من ممارسة حياتهم كأطفال غير مسؤولين، بل كأشخاص مكلفين، لهم مسؤوليات كبيرة.

تختلف الأسباب والنتيجة واحدة، وهي أن الكثير من الأطفال الأبرياء، يذهبون ضحية الضغط الممارس من طرف الآباء، وفي بعض الأحيان، التحرش الجنسي من طرف بعض الأقارب وكذا المجهولين، لذا، ومن أجل الحد من انتشار هذه الظاهرة، وجب الوقوف على كل الأسباب التي تؤدي إليها، سواء كانت ظاهرة للعيان أم خفية، لأن الأمر يتعلق بأشخاص أبرياء غير مسؤولين عن أفعالهم.

مقالات ذات صلة