حينما يتجرّأ بعض “الحقوقيين” على الله
مرة أخرى، يعود بعض دعاة “حقوق الإنسان” في بلدنا إلى تجديد طلبهم الذي رفعوه منذ سنوات بإلغاء حكم الإعدام من القانون الجزائري واستبداله بعقوبة السجن.
كنا سنتفهم هذا المطلب لو كان هذا الحكمُ وضعيا كالكثير من القوانين الأخرى؛ فالبشر يصيبون ويخطئون والقوانين الوضعية يمكن تعديلُها دون أي مشكل، أما وأن القانون إلهي وشرّعه الخالق من فوق سبع سماوات منذ 14 قرناً، فكيف يسمح هؤلاء “الحقوقيون” لأنفسهم بأن يتجرأوا على خالقهم ويطالبوا بإلغاء شيء قد شرّعه بنصوص قطعية الدلالة والثبوت ولا مجال فيها إلى أي اجتهاد؟
لقد بلغ الحدّ ببعضهم إلى درجة وصف القصاص أو تنفيذ حكم الإعدام بـ”الوحشي” و”الفظيع” وكأنه يتهم الخالقَ والعياذ بالله بأنه يشرِّع لنا الوحشية والفظاعة؟ أي جرأة هذه على الله؟
إنه من الغرابة أن تصدر هذه الأوصاف من “حقوقيين” خلقهم الله ولم يكونوا شيئا، ولم يكونوا قادرين حتى على إطعام أنفسهم وهم رضّع ولا على غسل نجاساتهم، ثم كبروا وأوتوا نصيباً من العلم وأبدلهم الله من بعد ضعفهم قوة، فأُعجبوا بأنفسهم وزعموا أنهم أكثر رأفة ورحمة بالمخلوقين من خالقهم، فهم يريدون للبشر عقوبات “إنسانية” و”رحيمة” عوض عقوبة الإعدام “الفظيعة” و”الوحشية” و”غير الإنسانية” التي يقرّها الخالق، وكأنهم يقولون له: نحن أكثر معرفة ودراية منك.
المواطنون يشكون التصاعدَ الرهيب للإجرام في البلد، ويؤكدون أنهم لم يعودوا آمنين على أنفسهم وبيوتهم وأطفالهم كما كان الأمر قبل عقود من الزمن؛ أيام كانت عقوبة الإعدام تُنفذ دون تقاعس لحماية المجتمع، لكن دعاة “الإنسانية” المزعومين لا يهمهم كل ذلك، بل يهمهم فقط حماية المجرمين من مقصلة الإعدام، بزعم أنه “وحشيٌ” و”فظيع”.
تُرى هل يقبل أحد هؤلاء “الحقوقيين” بأن يقوم مجرمٌ باختطاف طفله أو طفلته واغتصابها وقتلها بوحشية والتنكيل بجثتها، ثم يُحكم عليه بالسجن سنوات معدودة، ثم يقابله في الشارع بعد انقضائها وكأنّ شيئاً لم يحدث؟
والغريب أن يقوم هؤلاء “الحقوقيون” بتضليل الناس جهارا نهارا من خلال الزعم بأن “الإعدام لم يؤدِّ إلى تراجع الجريمة في المجتمع”، وهو تشويهٌ سافر للحقائق؛ إذ أن معدل الجريمة ارتفع بسبب تجميد تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة منذ سبتمبر 1993 إلى الآن، ولو كانت الأحكام تُنفذ كلها بحزم ودون إبطاء، لما ارتفع معدّل الإجرام بهذا الشكل المُقلق الذي يشكو منه جميع المواطنين عدا شرذمة من “الحقوقيين”.
وإذا كانت الولاياتُ المتحدة قد أبقت على عقوبة الإعدام في قوانينها، وهي دولة مسيحية، فكيف تتجرأ الجزائر على إلغائها وهي دولة مسلمة ينص دستورُها بوضوح على أن الإسلام هو دينها الرسمي؟
لقد بلغ السيلُ الزبى وحان الوقت ليكفّ هؤلاء عن جرأتهم على أحكام الله تحت غطاء “حماية حقوق الانسان”، وأن يتعلموا أنّ هناك خطوطاً حمراء لا ينبغي أن يتعدّوها أو يجرؤوا على المساس بها، سواء بذريعة “حرية التعبير” أو “الدفاع عن حقوق الانسان” المزعومة.. على هؤلاء أن يلزموا حدودهم ويكفوا عن مناقشة أحكام خالقهم، فمن الوقاحة وقلة العقل الادّعاء، بشكل غير مباشر، بأنهم أدرى منه بشؤون خلقه.