-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حينما يتجرّأ بعض “الحقوقيين” على الله

حسين لقرع
  • 5907
  • 15
حينما يتجرّأ بعض “الحقوقيين” على الله

مرة أخرى، يعود بعض دعاة “حقوق الإنسان” في بلدنا إلى تجديد طلبهم الذي رفعوه منذ سنوات بإلغاء حكم الإعدام من القانون الجزائري واستبداله بعقوبة السجن.

كنا سنتفهم هذا المطلب لو كان هذا الحكمُ وضعيا كالكثير من القوانين الأخرى؛ فالبشر يصيبون ويخطئون والقوانين الوضعية يمكن تعديلُها دون أي مشكل، أما وأن القانون إلهي وشرّعه الخالق من فوق سبع سماوات منذ 14 قرناً، فكيف يسمح هؤلاء “الحقوقيون” لأنفسهم بأن يتجرأوا على خالقهم ويطالبوا بإلغاء شيء قد شرّعه بنصوص قطعية الدلالة والثبوت ولا مجال فيها إلى أي اجتهاد؟

  لقد بلغ الحدّ ببعضهم إلى درجة وصف القصاص أو تنفيذ حكم الإعدام بـ”الوحشي” و”الفظيع” وكأنه يتهم الخالقَ والعياذ بالله بأنه يشرِّع لنا الوحشية والفظاعة؟ أي جرأة هذه على الله؟

 إنه من الغرابة أن تصدر هذه الأوصاف من “حقوقيين” خلقهم الله ولم يكونوا شيئا، ولم يكونوا قادرين حتى على إطعام أنفسهم وهم رضّع ولا على غسل نجاساتهم، ثم كبروا وأوتوا نصيباً من العلم وأبدلهم الله من بعد ضعفهم قوة، فأُعجبوا بأنفسهم وزعموا أنهم أكثر رأفة ورحمة بالمخلوقين من خالقهم، فهم يريدون للبشر عقوبات “إنسانية” و”رحيمة” عوض عقوبة الإعدام “الفظيعة” و”الوحشية” و”غير الإنسانية” التي يقرّها الخالق، وكأنهم يقولون له: نحن أكثر معرفة ودراية منك.

 المواطنون يشكون التصاعدَ الرهيب للإجرام في البلد، ويؤكدون أنهم لم يعودوا آمنين على أنفسهم وبيوتهم وأطفالهم كما كان الأمر قبل عقود من الزمن؛ أيام كانت عقوبة الإعدام تُنفذ دون تقاعس لحماية المجتمع، لكن دعاة “الإنسانية” المزعومين لا يهمهم كل ذلك، بل يهمهم فقط حماية المجرمين من مقصلة الإعدام، بزعم أنه “وحشيٌ” و”فظيع”.

 تُرى هل يقبل أحد هؤلاء “الحقوقيين” بأن يقوم مجرمٌ باختطاف طفله أو طفلته واغتصابها وقتلها بوحشية والتنكيل بجثتها، ثم يُحكم عليه بالسجن سنوات معدودة، ثم يقابله في الشارع بعد انقضائها وكأنّ شيئاً لم يحدث؟

 والغريب أن يقوم هؤلاء “الحقوقيون” بتضليل الناس جهارا نهارا من خلال الزعم بأن “الإعدام لم يؤدِّ إلى تراجع الجريمة في المجتمع”، وهو تشويهٌ سافر للحقائق؛ إذ أن معدل الجريمة ارتفع بسبب تجميد تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة منذ سبتمبر 1993 إلى الآن، ولو كانت الأحكام تُنفذ كلها بحزم ودون إبطاء، لما ارتفع معدّل الإجرام بهذا الشكل المُقلق الذي يشكو منه جميع المواطنين عدا شرذمة من “الحقوقيين”.

وإذا كانت الولاياتُ المتحدة قد أبقت على عقوبة الإعدام في قوانينها، وهي دولة مسيحية، فكيف تتجرأ الجزائر على إلغائها وهي دولة مسلمة ينص دستورُها بوضوح على أن الإسلام هو دينها الرسمي؟

 لقد بلغ السيلُ الزبى وحان الوقت ليكفّ هؤلاء عن جرأتهم على أحكام الله تحت غطاء “حماية حقوق الانسان”، وأن يتعلموا أنّ هناك خطوطاً حمراء لا ينبغي أن يتعدّوها أو يجرؤوا على المساس بها، سواء بذريعة “حرية التعبير” أو “الدفاع عن حقوق الانسان” المزعومة.. على هؤلاء أن يلزموا حدودهم ويكفوا عن مناقشة أحكام خالقهم، فمن الوقاحة وقلة العقل الادّعاء، بشكل غير مباشر، بأنهم أدرى منه بشؤون خلقه. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • بدون اسم

    شكرا لقد أثلجت صدري بهذا المقال الرائع ردا على هؤلاء الرهط المدافعين عن " المجرمين المفسدين في الأرض و لا يصلحون"، ربما هؤلاء ستثور ثائرتهم لو أن أحدا قتل كلبا لطالبوا بتنفيذ حكم الاعدام ضده لأنه قتل كلبا و تعدى على حقوق الحيوان المقدسة عندهم أكثر من حقوق الانسان؟ فالكلب عندهم أفضل من هذا الانسان المتخلف الجائع الذي أفقدوه كل كرامة و أفقدوه حتى حياته التي لم تعد تساوي شيئا في مفهومهم الحيواني؟

  • الحراشي او نوص

    قال تعالى ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )

  • الفرطاس

    كلام يفصد علي القلب رحم الله والديك برحمته الواسعة.

  • رضا بن عمر

    يقول المولى عز وجل " ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب " هذا حكم الرحمان فمن ارحم من الله الرحمان الرحيم .

  • بادي صحراوي

    هم يدعون مجازا... لأنسنة العقوبة Humanization of punishment
    ونسوا أن الحكمة من تشريعها هي دفع نحو الحياة واحياء للقلوب الغلف...
    يقول جل في علاه ( ولكم في القصاص حياة ياأولي الالباب)
    إذن ففي القصاص حياة لأن الذي يرغب في أن يقتل يمكنه أن يرتدع عندما يعرف أن هناك من سيقتص منه.............واقول للمتشدقين وادعياء الرحمة إن الله هو ارحم الراحمين....ولستم في مقام المزاحمة لأن التشيطين الحضاري(diabolisation) قد ركبكم ...ووليتم وجهة نحن منها برءاء........ونسأل الله لكم الهداية

  • جمال الاوراسي

    كل الاحترام والتقدير للاستاذ
    بارك الله فيك

  • حنصالي

    بدى اللعب يقراص.. المعركة لا تزال في بداياتها وطويلة وشاقة ما تنساوش من ورائهم قوى عضمة تزين لهم" الحقيقة" بتلونها وتقلباتها وهاؤلاء القوم اخطر من الذين كانوا يدعون الحقيقة من المتشددين

    الله يكون فى العون

  • Mr.S

    أسكتهم يا أستاذ حسين
    لا فض الله فاك.

  • محمد رايس

    عقوبة الاعدام هي جريمة في حق الانسان و هي انتزاع الحياة منه بوجه حق او بدونه .الذين جربوا هذه العقوبة وجدوا فيها مثالب كثيرة . في الدول الاسلامية حيث العدالة غائبة تماما لا يمكن ان تكون هذه العقوبة حلا لاي مشكلة كانت ,و الذين ينادون الى تطبيقها من الاجدى ان ينادوا لتأسيس مجتمع يتساوى فيه الناس بغض النظر عن الدين و الجنس و اللون , بدل النضال من اجل القتل و سفك الدماء .الدول التي وصلت الى اعلى مستوى من التطور اعادت النظر في منظومة قوانين العقوبات . اما بعض شيوخنا و نخبتنا فيدعون لمزيد من البؤس .

  • محمد

    رافضوا القصاص
    إن الذي يرفض أحكام الشريعة لا يبرأ أن يكون من إحدى الفئتين:
    1 - إما أنه علماني حاقد على كل ماله صلة بالدين فتجده لا يقر بمنظومته التشريعية يرتكب ما بدا له من جرائم وفجور تجعله محل إنفاذ العقوبات الجنائية الشرعية وبالتالي فهو المتضرر بها قبل غيره.
    2- وإما أنه برفضه القصاص الذي أقرته كل الشرائع السماوية يكون قد احتل مركز التفويض لتشجيع منظومة الفساد في بلدنا لإيجاد بيئة تلبي مطالب غرائزه التي أدمن عليها وعليه فإن أكثر ما يحزفي نفسه الناس إلى الإسلام. أنشر من فضلك

  • hocine

    بارك الله فيك. لقد اصيب الناس بعمى الالوان (البصيرة)

  • madjid

    بارك الله فيك فعلا انهم شرذمة لا يمثلون الا انفسهم

  • بدون اسم

    طبعا أنافي قولي هذا لا أعارض كلمة مما قلت لكن فقط لو أنك لم تقل: " شرّعه الخالق من فوق سبع سماوات منذ 14 قرناً" لأنه لا بداية ولا نهاية لقول الله فنحن عندما نتكلم بقوله نقول: " يقول " بالمضارع ، كما أن عقوبة القتل نزل تشريعها منذ أن خلق الله البشر أي منذ قتل قابيل لأخاه هابيل لقوله تعالى: " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".
    ـ الرجاء عدم النشر لأني أخص بكلامي الكاتب لا غير . ومن أنا لأنتقد مثلك.

  • napoli

    wahad moch kadar yahkam fi martou yatajara ala ahkam char iya wada aha alah wa fi al kissasse hayat ya ouli al bab

  • بن المعلم

    أحييك أستاذنا الكريم على هذا المقال البديع الذي لم أعثر له على مثيل في جريدتكم منذ زمن بعيد وأسأل الله في هذه الايام المباركة أن يبارك فيك رب العالمين وأن يحفظك من كل سوء فقد كفيت ووفيت وما جرأة هؤلاء العلمانيين على الإسلام إلا بسبب خلو الساحة لهم و سكوت أهل الحق عن الرد عليهم والوقوف في وجههم وما مقالكم إلا بصيص أمل في هذا الظلام الدامس الذي نعيشه وإني أشهد الله أني قد دعوت لك بكل خير في ظهر الغيب استاذ حسين