الرأي

خبراء.. فقراء!!

قادة بن عمار
  • 1391
  • 3
أرشيف
وزارة المالية

الحكومة قرّرت إبقاء الدعم للسنة المقبلة، بل ورفعت حجم التحويلات الاجتماعية لقطاعات حساسة كالصحة والسكن والتعليم لتصل إلى 17 مليار دولار!!
هذا القرار الذي تضمنته مسودة مشروع قانون المالية للعام 2019، ذكّرني بوزير المالية عبد الرحمن راوية الذي أقسم بأغلظ الإيمان أن الدعم سيُرفع ابتداء من العام المقبل والأسعار ستزيد في الوقود والماء والكهرباء، فما الذي سيفعله السيد الوزير الآن بعدما ثبت عكس كلامه؟ ربما سيصوم 3 أيام تكفيرا عن ذنبه (وإن كان مطالبا في البداية أن يسأل وزير الصحة إن كفت تلك الأيام الثلاثة لقضاء الدين مثلما ستكفي للقضاء على الكوليرا أم لا؟)!
لكن وبعيدا عن موقف الوزير “راوية” ومصداقية تصريحاته السابقة، خصوصا أن الرجل اختفى عن الأنظار عموما، ولم يعد يظهر “حسّه” إلا نادرا جدا، بل ويُرشّح أن يختفي عن الحكومة بمناسبة التعديل المقبل، فإن الإبقاء على سياسة الدعم، سببه، وبحسب ملاحظين، الرئاسيات ولا شيء غير الرئاسيات، وهنا كان لابد على الكثير من الخبراء والمحللين الذين صدّعوا رؤوسنا لسنة كاملة بتحليلاتهم ربط أيّ قرار اقتصادي متوقع برؤية سياسية وانتخابية مسبقة، تماما مثلما كان يقول ويزعم بعض الخبراء الاقتصاديين إن البترول لن يرتفع عن 60 دولارا حتى 2020 وها هو قد ارتفع وارتفع بل وحتى قبل نهاية السنة الجارية!
الكلام السابق يثبت مرة أخرى أن وسائل الإعلام عندنا وتحديدا القنوات التلفزيونية ما تزال تستعين بخبراء يمارسون “التقزان السياسي” وليس بالمعرفة العلمية المجردة، خبراء أظهروا من خلال عدة مؤشرات حاجتهم إلى خبرة نفسية وعلمية وإلى تدقيق في التحليل والأرقام، بدلا من ممارسة استغفال العقول أو بيع الوهم، والغريب أنه حتى الحكومة التي لا تبيع شيئا آخر غير الوهم، قد تفاجئك أحيانا بقول الحقيقة لكن هؤلاء الخبراء يمارسون نظرية “الجمهور عاوز كده” لدرجة تصور بعضهم أنه تحول في لحظة عابرة إلى شخصية وطنية حقيقية، بل وقد يرى في نفسه المنقذ والمخلص والملهم!

مقالات ذات صلة