الرأي

خذوا العبرة من “محمد علي”

هل فعلا أن الذي طعن الجزائر في الظهر، أو عضّ يدها، أو رماها عندما اشتدّ ساعده – كما جاء في الإعلام الجزائري – هو عيسى حياتو الرئيس الأبدي للكرة الإفريقية؟ وهل أن “تمرّد” الرجل ضخم الجثة، هو تحصيل حاصل لبيت المتنبي الشهير: “إذا أنت أكرمت اللئيم…”؟ أم إنها السياسات الخاطئة للجزائر، ليس في الفترة الأخيرة فقط، وإنما منذ أن أعلنت دعمها اللا محدود لكل من يتأوّه ظلما أو جوعا أو استعمارا، وهي التي بلغت بنا هذا المستوى من الإحباط؟

أسئلة كثيرة راح يجيب عنها أربعون مليون جزائري، تحوّلوا في الفترة الأخيرة إلى ردّات فعل اهتزازية، لأحداث كروية بالخصوص، تحدث هنا وهناك فيعجنوها بالشرف والكرامة، ويمنحوها أحيانا حجما أكبر منها، وفي غالب الأحيان تفسيرات خاطئة، والدليل على ذلك أنها صارت تتكرّر وتتكاثر على شكل متتالية هندسية، أو أورام يزداد وجعها يوما بعد يوم.

لقد حاول الرئيس الراحل هواري بومدين، أن يكون قائدا للقارة الإفريقية، فكان يؤثر على نفسه، وعلى الجزائريين، وكانت به وبهم خصاصة، ولم يتوقف الدعم عند السياسة والمال، فقد حاربت الجزائر فعلا في أنغولا، وقدّمت دعما عسكريا لبوركينا فاسو ولجنوب إفريقيا، بل وفتحت جامعاتها لأبناء كل ساسة القارة السمراء، وزوّجت حتى بعضهم الآخر ببناتها، ومنذ عامين أكملت  كرمها إلى درجة البذخ”، بمسح ديون أكثر من عشرة بلدان إفريقية، وقد فاقت المليار دولار، ولا أحد منها طلب هذا المنّ والكرم الحاتمي، الذي تقوم الجزائر باستعراضه من دون جمهور، وهي تعلم بأن أسعار النفط عندما تنزل للحضيض، وقد نزلت فعلا، لن يسأل عنها أحد، لأن لها في ذلك أمثلة كثيرة جدا، ومن جميع الدول، بدليل أن الشروق اليومي، عندما لعبت الجزائر مثلا كأس أمم إفريقيا في أنغولا، وكأس العالم في جنوب إفريقيا، اكتشفت بأن شبابا في هذين البلدين لا يعرفون شيئا عن الجزائر، ولا نقول ما قدمته الجزائر لهذين البلدين على سبيل المثال، من نفيس وحتى نفس.

سُئل الملاكم العالمي “محمد علي كلاي” مرّة عن سرّ تفوقه الأسطوري على كل منافسيه، فردّ ذلك إلى الهزيمة القاسية التي مُني بها من منافسه الشهير “فرازيه”، على حلبة “ميديسون” عام 1971، وقال محمد علي بالحرف الواحد: “علمت بعد خسارتي بأن قوة منافسي كانت في ضعفي، ومنذ ذلك الحين والضربة القاضية لصالحه، هي عنوان كل منازلة يكون طرفها محمد علي، الذي لم يبحث عن أعذار خارج قفازاته، وواضح جدا بأن هذا الرجل ضخم الجثة، عريض المنكبين، المختال في مشيته، الذي صوّره البعض غولا، المدعو عيسى حياتو، لم يكن أبدا داهية عصره، أو منوّما مغناطيسيا لمن يحيطون من حوله، ولكن قوته الوحيدة كانت فعلا في ضعفنا، وعندما نعترف كما اعترف الأسطورة محمد علي، فسنكون قد وضعنا قدمنا نحو انتصارات متتالية بالضربة القاضية أو على الأقل .. بالنقاط، حتى لا نبقى نتلقى الضربات القاضية من حياتو وأشباهه”.

مقالات ذات صلة