الشروق العربي
مواقع أثرية غير محمية.. فمن يتحمل المسؤولية؟

خربشات غرامية تعصف بمنحوتات تاريخية

الشروق العربي
  • 1301
  • 6
ح.م

يعبث الكثير، من ذوي المكبوتات العاطفية، بآثار تاغيت، التي يعود تاريخها إلى 7 آلاف سنة خلت، حيث “يوثّقون” خربشاتهم الغرامية على منحوتات صخرية، وعلى جدران منازل القصر العتيق.. تصرفات طائشة، تصدر عن إنسان العصر الحديث، الذي يسيء إلى موروث إنسان العصر الحجري، يساعده في ذلك إهمال الجهات المختصة في حماية موروث الإنسانية بأكملها.

صور مؤسفة، تقابل السياح، في كثير من المعالم الأثرية، التي هي عبر صحراء الجزائر، أساءت إلى السياحة الداخلية، وأخجلتنا أمام الأجانب، بسبب تصرفات، يؤكد رئيس النقابة الوطنية للوكالات السياحية، إلياس سنوسي، أنّها تنم عن انعدام الوعي والثقافة والسلوك الحضاري.. فرغم وجود ميثاق سلوك السائح، الذي يمضي عليه مسبقا، إلا أنه لا يحترم من طرف بعض العابثين بتاريخ البشرية، والجاهلين للقيمة الحضارية الموجودة أمامهم.

الطلاء والنحت لتوثيق غراميات طائشة..

كانت دهشتنا كبيرة، لما وقعت عليه أعيننا من مشاهد مؤلمة جدا، تنم عن عبث بتاريخ أمة، من قبل سياح غير مسؤولين، تسلّلوا إلى تلك المواقع الأثرية، رفقة صديقاتهم، “مدججين” بالطلاء والفرشاة، وكذا مفكك البراغي، وبعض المسامير، التي كانت شاهدة على آثار الجريمة المرتكبة، لتتحول صخور تاغيت، التي تؤرخ لحضارة الإنسان في العصر الحجري، إلى قاموس كبير ضم كل أسماء العشاق، الذين مروا على المكان.. نجيب، الذي يحب فوزية، ورفيق، الذي يعشق سمية، وكذا يوسف+ نعيمة = حب.. وغيرها من العبارات الأخرى، ورمز السهم المغروز في القلب ووو..

هذه الممارسات الشاذة، التي استفحلت في المدة الأخيرة، من قبل من يسمّون أنفسهم سياحا، أثارت سخط أهالي المنطقة، الرافضين الإساءة إلى منطقتهم وتاريخها العريق، مطالبين بحمايتها، ومعاقبة الفاعلين، الذين أطلقوا العنان لألسنتهم على كنوز حضارية.

آثار غير محمية.. فمن يتحمل المسؤولية؟

رغم التدفق الهائل للسياح، على منطقة تاغيت، إلاّ أن هذه الأخيرة تبقى غير مستغلة، وغير محمية، وتحصي تاغيت 4 محطات، هي محطة بربي، والزاوية التحتانية، ومحطة أخرى غير مسماة بعيدة عن الأولى بنحو ساعتين ونصف تقريبا، ومحطة مرحومة في بني عباس 140 كلم جنوب تاغيت، بالإضافة إلى الزاوية الفوقانية والقصر العتيق، المصنف من قبل “اليونسكو” ضمن التراث العالمي.

“الشروق العربي”، تقرّبت، لدى وجودها في المنطقة، من الدليل السياحي، مروان مرزقي، الملقب بالرئيس المدير العام للصحراء، وسألته عن سبب التهميش والعبث، الذي يطال تاريخنا، حيث صرّح بأنّ “من لا يعرف قيمة الشيء لا يمكن له أبدا حمايته.”

وحسب مروان، فإن جمعية بيئة هي الوحيدة الناشطة في المنطقة، وليس لها أي تأثير لتغيير الواقع أو الضغط على المسؤولين، كما أن المسؤولين المحليين يبدو أنّ لديهم أمورا أكثر يهتمون بها”.

من جهته، قارة نصر الدين، مسيّر وكالة “زيناتا” للسفر، اعتبر الكتابات على الصخور وعلى الجدران انتهاكا لحضارة تاريخية، وهي شطب لمنحوتات تعود إلى ما قبل التاريخ، ونفى أن يكون هذا السلوك صادرا عن أبناء المنطقة، فهم يحبون منطقتهم، وهم واعون جدا بقيمة وعمق آثارهم، كما أنهم مسالمون جدا.

أمّا قادة، المرشد السياحي، فقال إن مسؤولي المنطقة وأعيانها قدّموا ملفا لحماية الآثار، وكان ذلك في عهد وزيرة الثقافة، خليدة تومي، ومنذ ذلك الحين، لا جديد على الأمر، وقدّم الملف حينها إلى السلطات المحلية والولائية، قصد تهيئة القصر العتيق.

النفايات تغرق تاغيت في وحل القذارة 

ليست الخربشات والمنحوتات الغرامية فقط ما أخطأ في حق تاغيت وأساء إليها، ولكن النفايات هي الأخرى أغرفتها في وحل من القذارة، والفاعل سياح يقصدون المكان، فيسكرون ويرمون فضلاتهم وقارورات خمرهم.. وهو ما يحيلها إلى مفرغات مفتوحة على الهواء، ما دفع بسكان المنطقة، الغيورين على منطقتهم، إلى القيام بحملات تنظيف للمكان، حيث يشغّل بعض الشباب ضمن مبادرة أطلقها برج تاغيت، الذي يعد إقامة سياحية.

وأمام هذا الواقع المرير، اقترح مرشدون سياحيون إلغاء الطريق، وجعله بعيدا عن المحطات، خاصة الزاوية التحتانية، بالإضافة إلى إجبارية مرافقة المرشد للسياح، وفرض دليل في المنطقة، وكذا تسييج المواقع وحمايتها من النهب والسرقة، وتوفير الحراسة للموقع.

مقالات ذات صلة