جواهر

خطيبي يريدني أن أتنازل عن مهري وتكاليف الزفاف!

جواهر الشروق
  • 19292
  • 35
ح.م

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

دلتني إحدى صديقاتي على التواصل معك يا أستاذة فأنا في حيرة ولا أستطيع اتخاذ قرار سريع..

زفافي المفترض أنه بعد شهر من الآن، تمت خطبتي منذ 6 أشهر وسافر خطيبي للعمل في الخارج وعاد منذ أربعه أيام للتجهيز للزواج وكنت سعيدة بعودته والإستقرار معه لكنني وجدت فيه أشياء كثيرة قد تغيرت.

خطيبي شخص طيب وحنون لكنه جريء وعصبي، وأصبح يرغب في التعبير عن حبه وأظل أرفض ذلك وأخبره أن نتقي الله حتى يبارك لنا في زواجنا لكنه يصبح عصبياً.

ومع تجهيز أمورنا للزواج تحدث معي أنه لا يملك النقود الكافية لدفع باقي مهري، وأن النقود المتبقية يجب أن نوفرها لأثاث البيت ولن تكفي حتى الأثاث فطلبت منه أن يستعين بأهله وأن يقترض منهم ما يحتاج لإتمام الزواج لكنه تعلل بأن أحداً لن يساعده رغم أن مستواهم المادي جيد جداً ويهتمون دائماً بالمظاهر ويتفاخرون بها.

حزنت وقلت له أنه لا حل إلا أن نقوم بإلغاء مراسم الزفاف وأن يكون عقد القران بدون تكاليف مالية لكن يجب أن يكون لدي فستان وأن أذهب للكوافير فغضب!

يريد أن يتزوج بأقل ثمن ممكن وهذا يقلقني جداً، لا يريد تأجيل الزفاف لحين استكمال المال اللازم لكن لا يمانع أن يتزوجني بدون مقابل فحتى مهري الذي شرعه الله جعلني أتنازل عن جزء منه.

أبي وأمي أصبحوا لا يرغبون فيه، أمي تبكي كل يوم وقالت له لم عدت من السفر وطلبت الزواج من ابنتي وأنت لا تملك المال.

والأهم أنه كان قد أقلع عن التدخين وكان هذا شرطاً لإتمام زواجي منه، لكني فوجئت به قد عاد للتدخين وبشراهة!

أنا في مأزق للأسف وقد تحدد موعد الزفاف، وكنت مخطوبة في السابق وهذا يجعلني أتخوف من تركه.. ساعديني

لينا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرد:

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

بداية أهلاً ومرحباً بكِ يا لينا على صفحات استشارات الجواهر، والله نسأل أن ييسر لكِ الخير أينما كان، وأن يقر عيناكِ بالزوج الصالح الذي يعينكِ على أمر دينكِ ودنياكِ.

مشكلتكِ يا لينا تنقسم إلى قسمين فتعالى نتناول كلاهما على حدى:

أولاً عليكِ أن تفكري هل أخذتي الوقت الكافي للتعرف على خطيبكِ أم لا، فقد فهمت من خلال رسالتك أنه في سفر خارج بلدك وفترة خطوبتكم كانت لمدة 8 أشهر لم يكن موجوداً معكِ فيها إلا لمدة شهرين.. فهل كانا هذين الشهرين كافيين للتعرف على كل الصفات التي ترغبين بها، والصفات التي لن تتأقلمي معها في زوج المستقبل؟

والأهم إني فهمت من إطار كلامكِ أن خطيبكِ حاول بث مشاعره إليكِ بكلمات الحب وغيرها – رغم حرمانية هذا في فترة الخطبة – وهذا هو الخطأ الفادح الذي يقع فيه الكثير من الشباب والفتيات المقبلين على الزواج، ففترة الخطبة وجدت لكي يتعرف الشاب والفتاة على بعضهما البعض بشكل عقلاني بدون ترك مساحة للمشاعر – إلا في إطارها الضيق وهو القبول المبدئي بالطرف الآخر شريكاً للحياة دون أدنى تجاوزات شرعية في ذلك من كلام أو نظرات أو لمسات- ومع انتهاء فترة الخطية يكون الطرفين قد أخذا قرارهما العقلاني بمناسبة كل طرف له بناء على دراسة شخصية كل منهما.

ثم تأتي مرحلة العقد وفيها تقل مرحلة التحكيم العقلاني بشكل كبير لنترك للمشاعر مساحتها الرائعة التي أباحها الله عز وجل لكي يتآلف الزوجان ولكي يبنوا سوياً أساس بيتهما المسلم على قواعد متينة من الحب والمودة والرحمة ، وذلك استعداداً لدخول المرحلة الثالثة وهي الزفاف بمشاكلها ومسئولياتها فيكون العقل والعاطفة في الفترة السابقة قد أخذ كل منهما دوره على الترتيب الصحيح لاختيار شريك الحياة الأنسب، وهكذا يبارك الله في الزواج، ومع الالتزام بهذا الترتيب الصحيح في فترة الخطبة العاقلة وفترة العقد الرومانسية، لا تنشأ مشكلات صعبة بعد الزواج والتي تكون غالباً مؤشراً لعدم صحة اختيار كلا الشريكين لبعضهما البعض، لأنهما انشغلا بالعاطفة والمشاعر وكلمات الحب فترة الخطبة عن التفكير العقلاني في مدى ملائمة كل طرق للآخر.

ولذلك عليكِ إعادة النظر إن كنتِ قد حكمتي عقلكِ بالفعل في إختيار شريك حياتك أم لا،  وصراحة أحييكِ على رفضك لترك مساحة من البوح بالمشاعر هذه الفترة ، لأنه ما زال رجلاً أجنبياً عنكِ ، وكنتي ستشعرين بالندم  إن – لا قدر الله – لم يتم زواجكِ من هذا الشاب، وكان نصيبكِ مع آخر، كنتِ ستندمين إنكِ بحتي له بمشاعركِ وهو ليس زوجك.

 كذلك يجب أن تدرك كل فتاة ارتضت خطيبها زوجاً للمستقبل أن تتنازل عن كل الأمور المادية التي باتت عائقاً على أكهال الشباب، تدفعهم دفعاً للديون وبدء حياتهم وهم مرهقون مادياً، فإن أنت ارتضيتي زوجكِ تسلمين له مفاتيج قلبكِ وحياتكِ، فهل تكون شبكة أو أثاث منزل أو غيرهما مما يقطع أواصر الارتباط بينكما؟؟ فارضي بالبسيط أختي الكريمة ووفقاً ما تستطيع قدراته المادية ان تقدمه لكِ، واعلمي أخيتي أنه كلما تنازلت الفتاة عن الأمور المادية وتغالت في طلب الإلتزام والتدين والخلق الحقيقي زادت قيمة في نظر زوجها، فهو لم يبخل عليها بماله، إنما ظروفه المادية كأغلب شباب المسلمين في بداية حياتهم صعبة وعلى الزوجة أن تتحمل معه أعباء الحياة حتى يفتح الله عليه في رزقه ووقتها لن يبخل عليها بشيء، فسيتذكر وقتها ان هذه من ارتضته لأجل دينه وخلقه وشخصه، لا لأجل ماله وشبكته أو أثاث بيته، ووقتها سيسعد أن ياتي تحت قدميها بكل كنوز الدنيا طالما قدراته المالية تسمح بذلك.

وأحييك أخيتي أنكِ عرضتي عليه إلغاء العرس والاستفادة من هذه النفقات في أشياء أهم، فعليكِ أن تشجعيه وأن تحمسيه لاتمام الزواج، وأن يلتمس منكِ رغبة في ذلك، فإن وصله شعور أنكِ متنازلة على مضض منكِ أو وصل إلى قلبه أنه قل في نظركِ كزوج بسبب هذه الماديات التي لا يقدر عليها، فهذا أول ما يحطم العلاقة بين الرجل والمرأة ولن ينساها حتى وإن تم الزواج، فستبقى في قلبه مرارة ذلك.

 وتعجبت في الحقيقة رغم كونك حكيمة وعاقلة أن تطلبي منه مساعدة أهله، فالشاب المتحمل للمسئولية أخيتي هو من يعتمد على نفسه وفقط، حتى وإن بدأ حياة زوجية بسيطة، فأغلب الشباب اللذين يعتمدون على أسرهم هذه الأيام ليوفوا طلبات زوجاتهم العالية لا يهنئون بحياة زوجية مستقرة…أتدرين لماذا؟ لان الشاب أدرى بأهله، فهناك آباء أو أمهات يعتبرون المساعدة المالية منهم للابن – وبعلم الزوجة – بمثابة ضوء أحمر للتدخل في حياتهم الزوجية فيما بعد، بل والتدخل في اختيار الشبكة أو الأثاث أو حتى فستان العروس لأنهم من سيدفعون الثمن!! فهل ترضين ذلك؟

انظري إلى النصف المليء من الكوب، ولا تتسرعي في الحكم على خطيبكِ بأنكِ لا تريدينه لأجل هذه الأمور المالية، لكني قبل هذا وذاك أريد منكِ التأكد من نقطة شديدة الأهمية وهي أن الظروف المالية لزوجكِ ضعيفة حقاً، وليس بخلاً منه، فإن كان بخلاً فهذه قضية أخرى قد تستوجب فسخ الخطبة أحياناً، كذلك ذكرتي أنه قد عاد من سفره متغيراً بعض الشيء، فتأكدي أخيتي أنه لم يطرأ جديد على حياته، ويفتعل هذه المشكلات معكِ وأمام أهلك اللذين ضاقت بهم هذه الأمور لكي تأتي فسخ الخطبة من ناحيتكِ أنتي حتى لا يكون لوماً عليه، لكنكِ تقولين أنه طيباً وحنوناً فلا أظن ذلك بإذن الله، لكن علينا تحري الأمور بشكل عقلاني وحكيم.

الشق الآخر من المشكلة يا لينا وهو الأكثر أهمية والأحرى منكِ أن تفكري فيه جيداً هو خلق وسلوكيات خطيبكِ ، فكري جيداً وأسأليه لماذا عاد إلى التدخين، ووضحي له بشكل جدي أن هذه مشكلة ضخمة قد تتسبب في تعطيل إتمام مراسم الزواج، لأنكِ تخافين على صحته كزوجكِ أولاً وتخافين على صحتكِ أنتي وصحة اجنتكِ وأولادكِ فيما بعد لأنكم من ستعيشون معه، وقبل هذا وذاك أخبريه بطريقة لبقة أن هذه معصية عليه الاقلاع عنها والتوبة، بل ولا مانع خلال فترة الخطبة أن تزورا أحد المستشفيات قسم الامراض الناتجة عن التدخين، ليعرف أضرار التدخين حقاً وأنه قد يتسبب في وفاته وهو في ريعان شبابه ووقتها سيحاسبه الله على شبابه الذي افناه في التدخين، واجعليه يتكلم مع هؤلاء المرضى كمرضى سرطان الرئة، وبعد ذلك حاولي أن تشجعيه أخيتي وأن تطلبي من والدتكِ إعداد طعام صحي ومفيد له خلال زيارته لكم، وأن توضحي له بلباقة أنكِ أعددتي هذه الأطعمة خصيصاً له لكي تعتني بصحته وغذاؤه تعويضاً عما فعله التدخين من أضرار صحية أصابته.

أطلبي منه في لحظة صفاء أن يقوم بكتابة كل أضرار التدين على صحته وعلى زوجته وأولاده، وأن يقرأها كل يوم، وبعد أسبوعين أخيتي ، اطلبي منه أن يكتب أضرار التدخين بنفسه كل يوم، وبعد أسبوعين يعود لقراءتها كل يوم قبل النوم وأن يصلي ركعتين يدعو الله فيها أن يتوب عليه منها…وأخيراً لا تأخذي قراراً بالزواج وهو على هذا الحال…وهكذا بأي حال من الأحوال أخيتي سيتم تأجيل الزفاف قليلاً لأجل التأكد من صحة اختيار شريك الحياة كما اتفقنا في البداية، ولأجل الانتهاء من حل مشكلة التدخين، فلا داعي للتعجيل بالزفاف الآن، وإياكِ أخيتي من القبول بمن لا ترضين خلقه ودينه بالشكل الكامل تخوفاً من أنكِ كنت مخطوبة من قبل، فهذا الرجل الذي ستختارينه – سواء خطيبكِ الحالي أو غيره – سيكون معكِ طوال مشوار حياتكِ ، وكما قالت أمهاتنا فالزواج ليس فستاناً تشتريه إن لم يعجبك تركتيه واشتريتي غيره، إنما هو ميثاق غليظ فتأني جيداً، ولا تحزني أو تتركي الأوهام – بأنك لا تصلحين للزواج-  أن تتسرب إلى قلبكِ فتؤثر على قراركِ في إختيار الزوج الصالح، بل استعيني بالله وتقربي إليه بالطاعات والنوافل وأكثري من صلاة القيام والدعاء، وتضرعي إليه هذه الأيام بأن ينير بصيرتكِ للخير… تابعينا بأخباركِ والله نسال أن ييسر لكِ الخير أينما كان.

للتواصل معنا:

fadhfadhajawahir@gmail.com

مقالات ذات صلة