داعش “تُحيّيكم” والحوثيون “يسلمّون” عليكم؟
صنعاء سقطت في أيدي الحوثيين “الشيعة”، وأكثر من ستين قرية سورية سقطت في أيدي داعش “السلفية”، وأكيد أن بقية المدن والقرى الإسلامية لن تسقط، لأنها أصلا ليست قائمة، وإلا كيف نفسّر سقوط مدن ظنناها إسلامية، في يد جماعات وليس في يد إمبراطوريات برغم حفظنا لقوله تعالى: “إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مئة يغلبوا ألفا”، وواضح أن كمشة الحوثيين والداعشيين قد غلبت هاته الجيوش المدججة بالعتاد وهاته الحكومات المتخمة بالأموال، وهؤلاء الدعاة والأئمة من دول وشعوب، وواضح أن الخطأ ليس في القرآن الكريم وإنما في هؤلاء، الذين تباهوا بقوتهم وإيمانهم المزيفين، فبنت الفقاعات على أنقاضهم هاته الجماعات التي شوّهت بهمجيتها سماحة الإسلام.
ما يحدث في العالم الإسلامي في الأيام الأخيرة، هو ضرب للإسلام مع سبق الإصرار والترصد، والذين يشيرون بأصابعهم إتهاما للغرب أو للشرق أو للصهيونية، عليهم الاعتراف أولا بأن ميلاد هاته الجماعات هي نتاج زواج متعة ومسيار، جمع مختلف الأنظمة بشعوبها، فجاء المولود من جنس غريب الأطوار، تُبكينا حالته وتضحك العالم علينا، لأننا رفضنا أن نقرأ التاريخ القديم كما تقرأ كل الأمم تاريخها، لأجل الحفاظ على جغرافيتها، فكان مصيرنا أن أصبح في العالم شيعة لعلي يظنون أنفسهم أنهم أكثر تشبثا بالإمام الشهيد، من ابنيه الحسن والحسين، وسلفيون يظنون أن الله، منحهم حق كشف ما في قلوب الناس والحكم عليهم، وأكثر من ذلك معاقبتهم بالجلد وبالقتل قبل عقاب الله، فكانت النتيجة تشويها بالكامل لفتى الإسلام الأول علي بن أبي طالب، بطل بدر وحنين والخندق، وتشويها بالكامل لسلف صبروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى أن نصرهم الله وكافأهم بجنة الدنيا قبل جنة الآخرة.
لقد استبشرت شعوب المعمورة منذ خمس وثلاثين سنة، بانتصار إيران على الولايات المتحدة الأمريكية، وهلّلوا لنزع العلم الصهيوني من طهران وتعويضه بعلم فلسطين، وصار تحدي الإمام آية الله الخميني للولايات المتحدة ملحمة أشاد بها الجميع، وتمنوا لو سارت كل البلاد على نهجه، ولكن ما يقوم به الحوثيون الآن، هو نتاج خطأ حتى لا نقول خطة محكمة لإغراق الأمة في فتنة قرأنا عنها في مواقع الجمل وصفين وكربلاء، واستبشرنا بما اصطلح على تسميته بالصحوة الإسلامية ذات البعد الوهابي والإخواني وحتى السلفي، وظننا أن الأمة واحدة مادام إبن المغرب أو سوريا أو المملكة العربية السعودية يتوجع لألم أصاب إبن افغانستان.
ولكن ما يقوم به الداعشيون هو نتاج أخطاء جسيمة، جعلتنا بعد كل هذه العقود من “الصحوة” ومن إنتاج الدعاة والعلماء والفضائيات الدينية والمواقع، نكتشف أن الأخلاق قد بلغت الحضيض، وكل الموبقات قد تمكنت من جسم الأمة، إلى أن أصبح أي خبر مهول، لا مكان له في العالم سوى على خارطة البلدان الإسلامية، التي وجدت نفسها تصدّر للعالم صورا عن الإسلام، لا علاقة لها بما ورد في القرآن الكريم.. وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.