-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دبلوماسية الاستقرار بالقارة

عمار يزلي
  • 763
  • 1
دبلوماسية الاستقرار بالقارة

لم تعرف الدبلوماسية الجزائرية حراكا سياسيا إفريقيا، كما عرفته خلال السنة الأخيرة، ذلك أن إفريقيا بقيت لأكثر من 30 سنة، آخر اهتمامات الساسة عندنا، بعد أن انحصرت رؤيتهم نحو الأعلى، باتجاه الضفة البيضاء الشمالية، فيما غُمّ عليهم المدى الأسمر الجنوبي، وهو ما تسبَّب في غياب الجزائر شبه المطلق عن الساحة الإفريقية. ومع ضعف الجامعة العربية و”دول عدم الانحياز” سابقا، وتعطل العمل المغاربي، صار البلد بلا بوصلة إلا بوصلة الشمال والغرب الأمريكي والشرق الآسيوي.

عودة العمل المكثف مع الدول الإفريقية، وفي إطار منظماتها، وتوطيد العلاقات الثنائية بين بلدان أعضاء المنظمة القارية، عبر التحرُّكات المكثفة للخارجية وحرص رئيس الجمهورية شخصيا على متابعة ملف القضايا الإفريقية والإقليمية وتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي مع الضفة الجنوبية عبر مشاريع اقتصادية ومنشآت وطرق، يجسد نية البلد في إعادة ربط اللحمة بين شمال القارة وجنوبها من أجل مصلحة كل بلدان القارة التي عانت من الاستنزاف الاستعمار والتهميش بعد الاستقلال الجزئي لكثير من بلدانها، وبقاء التبعية شبه المطلقة لكثير من هذه الدول ترهن مستقبل القارة برمَّتها.

الملف الأمني القاري، كان حاضرا بقوة مؤخرا على مستوى رؤساء الدول والحكومة، خاصة فيما يتعلق بمشكل الصحراء الغربية، وهو المشكل الذي تفاقم من كثرة التناسي والتراخي والتقادم، مما فتح المجال أمام المغرب إلى تعزيز “الأمر الواقع” في الأراضي المحتلة وفرض شروط فرنسا من أجل أن تتحول الصحراء الغربية إلى معبر قاري نحو أعماق القارة، بعد أن عجز الاستعمار العجوز عن أن يجعل من الجزائر موطئ قدم له وفتح ثغرة باتجاه الساحل والقلب الإفريقي تعزيزا لوجوده وتجارته واستنزافه لموارد القارة.

وقوف الجزائر إلى جانب الشعب الصحراوي وقضيته العادلة، جعل فرنسا تعمل على توتير العلاقات المغاربية، بل والضغط حتى على موريتانيا من أجل أن تقبل بفتح معبر “الكركرات” لتحويل الطريق الذي شقه المغرب في الأراضي المحتلة من المغرب وعبر طول الساحل الأطلسي في الأراضي المحتلة، إلى “طريق تجاري دولي” على أرض محتلة. هذا الوضع تسبب في خلق تناقض على الأرض؛ ففي الوقت الذي تعترف فيه موريتانيا بالصحراء الغربية باعتبارها جمهورية مستقلة وجارة الشمال، فإنها تقبل فرض فتح معبر الكركرات ودخول القوافل المغربية، وكأن المغرب هو الجار الشمالي عوض الجمهورية الصحراوية.

في هذا السياق، كان آخر تواصل بين رئاسة الجمهورية الصحراوية والرئاسة الموريتانية عبر مستشار الرئيس الصحراوي، وفي هذا السياق أيضا يتم تعزيز التواصل بين الجزائر وموريتانا وبقية دول الإقليم الجنوبي بغية حلحلة الوضع على أسس القانون الدولي لا على أساس الأمر الواقع، وهو ما ظل رئيس الجمهورية يركز عليه في كل المحافل واللقاءات الإعلامية المحلية والأجنبية.

عودة العمل ضمن البيت الإفريقي وأيضا ضمن البيت العربي، الذي يحضّر للقاء قمة له في الجزائر بعد زوال الجائحة، يعدُّ من أهم المحاور التي تتحرك عليها الجزائر منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إيمانا منها بأن القضايا المحلية والإقليمية، تُحلُّ محليا وإقليميا وضمن سيادة القانون الدولي. هكذا كانت نتائج كيدال تقول وتفعل، في الوقت الذي تسعى فيه القوى المهيمنة تاريخيا على المنطقة لعرقلة كل حل محلي إقليمي لا يضمن مصالحها التاريخية ووجودَها الجغرافي في المنطقة، خاصة في مالي. غلق بوابات ومنافذ التغلغل الاستعماري في القارة، هو جزءٌ من النشاط الدبلوماسي الذي تكثَّف مؤخرا، من شأنه أن يضمن أمننا الحدودي ولكن أيضا أمننا السياسي واستقلالنا وسيادتنا الاقتصادية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عمار البريكي

    الاستخبارات الفرنسية تعمل جاهدة لزعزعة الاستقرار بافريقيا وخاصة بالجزائر -زرع الفتن والحروب والارهاب والاغتيالات وغيرها -وهذا منذ عهود بعيدة وكل العالم علي يقين بذلك .
    افريقيا بالنسبة لفرنسا الاستظمارية الارهابية الفاشية والنازية -فرنسا ورثت عن جارتها المانيا النازية فظائعها وارهابها واجرامها - هي مصدر ومنبع الحياة والشباب وعدم الزوال
    افريقيا هي خزينة فرنسا من الكنوز والثروات الطبيعية التي تنهبها ليل نهار وبدون توقف