دبي .. “بيين سبورت” والبقية تأتي؟
لم ترتح الجزائر، ولن ترتاح من بعض الممارسات العنصرية وغير المفهومة التي يلاقيها رعاياها، وحتى بعض مسؤوليها وسياحها في البلاد الأوروبية، حتى انضمت لهاته القافلة، بعض البلدان الجارة، والتي سميت دائما بالشقيقة، من خلال خرجات وقرارات لا أحد فهم مغزاها ولا الهدف منها، ناهيك عن أسبابها.
فعندما تقرّ الإمارات العربية قانونا يمنع الجزائريين الذين تقل أعمارهم عن الأربعين سنة عن زيارة بلادها التي بلغت مكانة سياحية وتجارية عالمية، فإن استدعاء الجزائر للسفير الإماراتي لن يحل ضبابية هذا القرار، لأن الجالية الجزائرية المتواجدة في الإمارات العربية، لا يزيد عددها حسب القنصل الجزائري في دبي عن العشرة آلاف، غالبيتهم من الإطارات والدكاترة الذين سعت الإمارات العربية منذ سبعينات القرن الماضي للاستعانة بهم، فجففت حاسي مسعود من إطاراته ومهندسيه، ورمت صنارتها نحو أطباء مختصين مهاجرين في أوروبا، ولم يحدث أبدا وأن أثار أي جزائري مشكلة في دولة الإمارات العربية المتحدة، مقارنة بمئات الآلاف من البنغاليين والمصريين والباكستانيين واليمنيين، الذين يمارسون مختلف الحرف .
ومع ذلك، يصدر هذا القرار الغريب الذي سيحرم بعض الآباء القاطنين في الشارقة بالخصوص، من زيارة أبنائهم وذويهم، ويحرم الإمارة أيضا من سياح جزائريين يحجزون فنادقهم من الجزائر، ويصرفون ملايين الدولارات في أسواق دبي وأبو ظبي، ولم يحدث أبدا وأن كانت الإمارات العربية أو بقية دول الخليج العربي، وجهة للمهاجرين غير الشرعيين من الجزائريين الذين فضلوا جنوب أوروبا، ولم يحدث أبدا وأن عادت وفود حجيج ومعتمرين ناقصة العدد من فرار بعض أفرادها.
كثير من الجزائريين لا تهمهم زيارة الإمارات العربية المتحدة، خاصة من الذين هم في سن الشباب، ولكنهم جميعا مهتمون بمتابعة مباريات كرة القدم، وما تعلق بالمنتخب الجزائري على وجه التحديد، حيث صاروا مجبرين أيضا على دفع مبالغ مالية غير بعيدة عن المبلغ الذي يدفعونه لو فكروا في التوجه إلى المغرب لمتابعة مباريات كأس أمم إفريقيا، وبالرغم من علم واعتراف قناة بيين سبورت القطرية بأن نصف زبائنها من الجزائريين، إلا أنها رسّمت مركز اتصالات في المغرب، ليفك شفرة أجهزة الاستقبال لجزائريين دفعوا في الصائفة الماضية قرابة أربعة ملايين سنتيم، لاقتناء هذا الجهاز لمتابعة مباريات الكرة.
وبين هذا وذاك، يشتكي جزائريون من إهانات يتعرضون لها في مطار محمد الخامس في المغرب، مسّت حتى النساء المجبرات على خلع ثيابهن، ليس بحثا عن المخدرات التي عادة ما تخرج من المغرب ولا تدخلها، وإنما بحثا عن تذليل هذا الذي أعزه التاريخ، ودفع ضريبة سيارة تخرج من تونس نظير زيارة أي سائق رفقة عائلته إلى تونس، بالرغم من علم التونسيين بأن ربع السياح الذين يزورون أراضيهم من الجزائريين، ونصف مداخيل السياحة التونسية تأتي من الجزائريين، يقضون السنة كاملة في العمل، ليصرفوا ما جنوه في المركبات السياحية التونسية.
لم نتحدث هذه المرة عن أوروبا ولا عن أمريكا، وإنما عن دول عربية “شقيقة” وأخرى “جارة”، لم يحدث وأن أضرت السلطة أو الشعب بمواطن منها، ومع ذلك جاء هذا الجزاء “السنماري” الغريب، هل كانت الإمارات و قطر و المغرب و تونس على خطأ؟
لا ندري .. ولكن ما ندريه أن المثل الياباني يقول إن الذي يُهان هو أول من يتحمل أسباب هاته الإهانة، قبل المهين له، فهل من رد فعل ممن بقي حيا!!؟