الرأي

درسا بومدين والرويس الليبي المبدع لوزيرة العامية

بوعلام رمضاني
  • 2669
  • 0

أنا متأكد أن نورية بن غبريت لا تحب قناة الجزيرة كما هو حال معظم المسؤولين في الدول التي قيل فيها أن هذه القناة وراء مؤامرة الربيع العربي ودعم الإسلاميين وخلق الفتنة وتسويق أهداف صهيونية إلى غير ذلك من الإتهامات التي مهما صحت في نظر البعض لا تنقص شيئا من قيمة هذه القناة التي مازالت تبهر وتعلم وتنور الملايين من المشاهدين بمهنية عالية غير مسبوقة في العالم العربي والإسلامي.

هذه القناة حققت مؤخرا خبطة إعلامية وحضارية جديدة قدمت من خلالها خدمة لا تقدر بثمن لكل الذين وقفوا بالمرصاد للمشروع الغبريتي ليس من منطلق معاداة لغات الشعوب العامية بالضرورة ولكن من منظور فضح الخلفية الإيديولوجية لمشروع تعليمي يفتقد السند البيداغوجي والعلمي ويناقض مسار كل المقاربات التاريخية التي انتهجتها الدول في المجال اللساني في علاقته بالتربية بوجه عام.

ولأن قناة الجزيرة ليست سوى تجسيد لمشروع إيديولوجي استراتيجي قابل للنقاش، وإنما ناطقة باحترافية اجبرت أعداءها على قبول دعوات الإستضافة والتسليم بوجوديتها الإعلامية، أطلت علينا الأسبوع الماضي بحصتين كرمت من خلالها اللغة العربية المستهدفة في كينونتها الحضارية وفي صلبها الثقافي من جهات ربطت الإسلام السياسي أو الراديكالية الجهادية بها دون الجهر بذلك.

نحن نعرف أن هذه الجهات هي التي قالت عن الأساتذة المشارقة الذين كونوا في السبعينيات والثمانيينات أجيالا كاملة من الجزائريين في شتى المجالات العلمية انهم كانوا من الإسلاميين، علما أن معظمهم كانوا يساريين، وكاتب هذه السطور كان طالبا عند الكثير من هؤلاء.

بفضل برنامج المشاء، تمتع المشاهد بالحصة التي صورت على ضفاف السين والتي ازدادت جمالا ورونقا بفكر وفن التشكيلي الليبي الكبير محمد علي الرويس، وبفضلها ايضا تعرف على المبدع الليبي الكبير الشهير أكثر في الغرب واندهش المشاهد بلوحاته التي استنطق فيها الحرف العربي بروح تشكيلية  نادرة وبتكريمه اللغة العربية التي قال عنها أنها اللغة الأغنى  رياضيا ومعجميا مقارنة باللغتين الفرنسية والإنجليزية منذ تاريخ عروض الخليل (المعجم العربي 12 مليونا، والفرنسي 100 ألف والإنجليزي بين 150 و200 ألف).

هذه اللغة التي تخلفت بسبب انحطاط اصحابها سياسيا وفكريا واقتصاديا وعلميا وليس بسبب ذاتها وطبيعتها هي اللغة التي قيل انها سبب تراجع مستوى التعليم عندنا في الزمن الغبريتي، هي نفسها التي دخلت التاريخ عام 1974  بشهادة فالدهايم كما كتب يقول زميلي الرائع مدني عامر قبل أيام في جريدة الخبر أمام قادة العالم وبحضور وزير خارجيته أنذاك ورئيسنا اليوم دخل الراحل بومدين التاريخ متحدثا بلغة عربية تحدت الجهة التي اغتالته.

ذكر فإن الذكرى تنفع الغبريتيين ولا تضر بهم بالضرورة. 

مقالات ذات صلة
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!