الرأي

“درعا” التي قتلتها الفضائيات الإخبارية!

قادة بن عمار
  • 2555
  • 20

التغطية الإعلامية لما يحدث في مدينة “درعا” السورية، على الحدود مع الأردن، جاءت لتؤكد مرة أخرى أن “الحقيقة” هي آخر اهتمامات الإعلام العربي، وأدنى الأولويات بالنسبة إلى ما تبحث عنه القنوات التلفزيونية العربية، بل هنالك جوّ احتفالي بالحرب ونتائجها عند البعض و”جوّ جنائزي” لدى البعض الآخر.. حسب اللون الإيديولوجي والانتماء السياسي لكل قناة!
لا نتحدث هنا عن الإعلام الرسمي، فوظيفته الأساسية و”الاستراتيجية” بل المهمة التي وُجد لأجلها هي “التطبيل” (إلا من رحم ربك)، لكننا نتحدث عن قنواتٍ تدّعي “الموضوعية” و”الاستقلالية” وعند أول فرصة، تُجهر بانتمائها، على غرار ما وقع في سوريا خلال السنوات السبع (العِجاف) الماضية، وفي” درعا” التي تعد رمزا من رموز الثورة على نظام الأسد في الأيام السابقة!
لكن الملاحظة الأساسية والتي لا يمكن إغفالها هذه المرة أن قنوات على غرار “سكاي نيوز” (ومقرها أبو ظبي) و” العربية” (ومقرها في دبي) وأيضا “الجزيرة” (القطرية) وبعدما كانت تُفرد مساحات هامة وواسعة للحديث عن نشاط المعارضة السورية بل وترافق (الثوّار) في عملياتهم ضد النظام، تخلت عن ذلك بشكل واضح هذه المرة، حيث بات همّ “العربية” مثلا، ومعها “سكاي نيوز عربية” منصبّا على اليمن وعلى حرب “الحديدة” وما تشهده من مواجهات مسلحة مع الحوثيين، في حين تخلت “الجزيرة” عن كل أخبارها وأجندتها مقابل الحديث فقط عن “مؤامرات” السعودية والإمارات في المنطقة!
الوحيدة التي حافظت على خطها الافتتاحي، وظهرت في أخبارها هذه الأيام وكأنها منتصرة، هي قناة “الميادين” اللبنانية التي أسسها غسان بن جدو، وقيل إن تمويلها يأتي من حزب الله ومن إيران وحتى من النظام السوري، حيث ظهرت في الأيام الأخيرة وكأنها تحتفي بتحرير “درعا” من المعارضة المسلحة، لا وأسقطت كل المعاناة الإنسانية التي سبّبها الجميع، في المعارضة والنظام وأيضا من الطيران الروسي لتتحدث عن رفع العلم السوري في المنطقة وكأنه “إنجاز عظيم” أن يُرفع العَلم فوق الخراب وعلى أشلاء الأبرياء!

مقالات ذات صلة